2013/05/29

باسم ياخور: الفنان بين مطرقة السلطة وسندان المعارضة
باسم ياخور: الفنان بين مطرقة السلطة وسندان المعارضة


امين حمادة – السفير

ليس نجماً عادياً. يمكننا القول إنّ باسم ياخور صار «الرقم واحد» في الكوميديا السوريّة، أو على الأقلّ «من أصابع اليد الأولى»، على حدّ تعبيره. انطبع اسمه في ذاكرة الجمهور العربي، من خلال دور توفيق في «الخربة»، وجودي في «ضيعة ضايعة». وصارت عبارات تلك الشخصيّات، لازمةً يردّدها الكبار والصغار في الشارع. يؤدي الممثل السوري حالياً دور البطولة في مسلسل «نيران صديقة» للمخرج أسامة الحمد، وقد انتهى قبل أيام من تصوير مشاهده، في منطقة البترون شمال لبنان. يصف المسلسل الكوميدي المرتقب عرضه في رمضان، بأنّه «حالة نوعية تعتمد على سيناريو متماسك وساخر بشكل مرير، نابع من مجموعة من المتناقضات السياسية والاجتماعية. وتنتج فيه الكوميديا عن حالة الخوف من فقدان السلطة واللعب بمقوّمات الاستقرار الإقليمي والمحلي». في موقع تصوير «نيران صديقة» للمخرج أسامة الحمد، حدّثنا عن تأديته شخصية مختار ضيعة «أم النار». «طبعه شرس وعصبيّ ويسعى دوماً لإضعاف الحوار مع القرى المحيطة، ظناً منه بأن ضعف الآخرين يشكل مصدر قوة لسلطته»، يقول.

يتجنب باسم ياخور الخوض في السياسة، إلا بحذر ودقة، بسبب «ما ترتكبه بعض وسائل الإعلام بحق الفنانين السوريين من تحريض لا يتمتع بأي مصداقية»، مدللاً على ذلك بـ«اللقاءات الصحافية المفبركة للممثلين والصفحات الشخصية المزورة على شبكات التواصل الاجتماعي، منها ما يؤيد الثورة ومنها ما يؤيد السلطة، في حين يكون الفنان آخر من يعلم ويتحول إلى طريد الجهتين. أيّ مسخرة هي تلك؟». إلا أنّ النجم السوري له رأي واضح بسلوك الأطراف المتصارعة في بلاده. يقول لـ«السفير»: «إن المعارضة صنفت الناس بنفس الأساليب التي اعتمدتها الأجهزة الأمنية، مرتكبةً أشكال الضغط والاضطهاد والقمع ذاتها من خلال فرز الفنانين بين مؤيد أو معارض، وصامت إيجابي أو سلبي، وتوجيه تهم العمالة أو التشبيح جزافاً لمجرد إبداء وجهة نظر». ويتعجب «كيف يستطيع من يطالب بالحرية ألا يتحمل وجهة نظر أخرى». وفي هذا الإطار يشير إلى ما صرّح به مع بعض زملائه الفنانين خلال الأسبوعين الأولين من الأزمة كـ«محاولة لتأدية دور في إنقاذ البلد من دمار قد يكون مقبلاً حينها، فاتهمنا بالتشبيح، والآن أصبح الدمار للأسف أمراً واقعاً». ويتساءل ياخور: «أين هي الجريمة في إبداء هذا الرأي وأين هو التشبيح في ذلك؟» ويرد ياخور بأنّ «التشبيح هو أن تتهم شخصاً ما بالتشبيح جزافاً، وتجعله وأهله هدفاً للتهديد والوعيد والشتم، وربما القتل لمجرد إبداء الرأي». وفي السياق نفسه يلفت ياخور إلى سلوك الطرف الآخر من المعادلة، من خلال ردّ فعله على بيان «تحت سقف الوطن» الذي طالب فيه ياخور وبعض زملائه بـ«بإعلان الحداد الرسمي على أرواح شهداء سوريا في بداية هذه المأساة، فخرج البعض ليتهمنا بالعمالة ويطالب بسحب الجنسية السورية منا، إلى جانب الإهانات عبر مختلف وسائل الإعلام المحلية، وتصنيفنا كمندسين نخب أول، كما تم تصنيفنا كشبيحة نخب أول عندما طالبنا بإعطاء سوريا فرصة للحوار الحقيقي لحقن الدماء». ويضيف: «صار الفنان السوري واقعاً بين ضغط السلطة وتهديد المعارضة».

وحول أعماله الجديدة، فإلى جانب بطولته في «نيران صديقة» يكشف ياخور عن تفاصيل شخصية «ابو نبال» التي يؤديها في الجزء الثالث من «الولادة من الخاصرة»، مبيناً أنّ «حجم الدور أصبح أكبر وأهم، حيث تتطور الشخصية إلى مزيد من العنف والدموية، فبعدما كان أداةً أصبح هو سيد نفسه يحارب من أجلها ومن أجل الانتقام ممن استخف بكرامته، وتخلى عنه من زعامات فاسدة وأمنية». وعلمت «السفير» في هذا السياق أنّ تصوير الجزء الثالث سيتم بين لبنان وسوريا.

وفي ظل كل ما يثار حول هبوط الدراما السورية منذ بداية الأزمة، يوضح ياخور، أنها تمرّ بأزمة في التسويق والإنتاج، لكن الأزمة الكبرى برأيه «هي أزمة إبداعية»، فلن يكون أي موضوع تتناوله الدراما في الوقت الراهن «صادقاً أو مؤثراً أمام هول ما نشاهده من أحداث مؤسفة تمرّ بها سوريا».

ويتذكر ياخور شخصيّات فنيّة تركت أثراً في مسيرته، وخصوصاً الفنان السوري الراحل خالد تاجا، واصفاً إياه بـ«أحد أركان الدراما السورية». قبل عشرين عاماً، بدأت تجربة ياخور الغنيّة، في العام 1993، مع تخرجه «من المعهد العالي للفنون المسرحية». لا يعيد الفضل في الشهرة التي حققها حتى الآن إلى عمل محدد، بل إلى «تراكم خبرة وتطوّر مهني تدريجي». لكن يشير إلى وجود محطّات مفصليّة في سيرته، ومنها مسلسل «الثريا» لهيثم حقّي (1998)، وسلسلة «بقعة ضوء» الكوميدية التي كانت «أقرب المشاريع إليّ وأثبتت نجاح العمل الجماعي».

اختار باسم ياخور الإمارات كمسكن مؤقت له في ظل الأزمة السورية. يتحدث بشجن عن بلاده. «تركت في سوريا ذكريات الطفولة، المراهقة والشباب، قد تزول الأماكن وتختلف جغرافيتها، لكنها تبقى كما هي في قلوبنا وأدمغتنا الحزينة». كلّ ما يتمناه حالياً، أن ينجح السوريون في إنقاذ وطنهم، لا تحزباتهم الطائفية والسياسية.