2012/07/04

بانتظار ولادة «الرواية التلفزيونية».. الرواية في الدراما السورية.. حالة حب أم زواج بالإكراه؟!
بانتظار ولادة «الرواية التلفزيونية».. الرواية في الدراما السورية.. حالة حب أم زواج بالإكراه؟!


تشرين

تبقى الرواية الأدبية قدر الدراما السورية للخروج من النفق المظلم الذي أدخلتها فيه حالة استسهال النصوص وكثرة الحكي فيها على حساب الحدث، وهي المحطة البديلة الأمثل لغياب الرواية التلفزيونية.. وبالتالي تقديم أعمال درامية أفضل لجهة بناء حكاياتها، وأكثر عمقاً وغنى في الحوارات التي تدور بين شخوصها كما كان الحال مع مسلسل «ذاكرة الجسد» الذي قدم منذ عامين وهو يعج بالعبارات والمعاني والتي تستحق أن تدون في دفتر مذكرات.. وهي عبارات وردت في الرواية المأخوذ عنها العمل، بينما جاء المسلسل عبر المقترح الدرامي للكاتبة ريم حنا، والرؤية البصرية للمخرج نجدت أنزور ليمنحها بعداً وروحاً، جعلها أقرب من قلب المشاهد وذاكرته... وبالمثل يبدو مسلسل «نهاية رجل شجاع» وقدرة الكاتب حسن م. يوسف على تفكيك الرواية وإعادة بنائها في نص تلفزيوني أنموذجاً للبناء الدرامي الحكائي المتماسك، وتأسيساً لما يمكن أن نسميه بالرواية التلفزيونية التي تكاد تغيب عما ينتج اليوم درامياً.

الأستاذ عبد الرحمن الحلبي كان قد رأى في مقدمة ندوة تحت عنوان (تحويل النص الروائي من الكتاب إلى الشاشة) استضاف خلالها الكاتبين حسن م. يوسف، وريم حنا ضمن ندوة لبرنامج (كاتب وموقف) منذ عدة أشهر أن «تحويل الصورة الذهنية في الكتاب إلى صورة بصرية على الشاشة، والأسلوب السردي الثابت إلى تصويري متحرك ليس سهلاً بالنسبة للسيناريست أو المخرج»، وهو الأمر الذي تتفق معه الكاتبة ريم حنا في الندوة ذاتها بقولها إن «التحويل من رواية لسيناريو أصعب بكثير من التأليف وهي مهمة شاقة تحيط كاتب السيناريو بمجموعة من الضغوط, فهل هو قادر على التحويل؟ وهل سيكون صاحب الرواية راضياً عن ذلك؟ وهل بإمكانه تقديم 30 حلقة، وما إلى ذلك». ‏

ولعل ضبابية فهم طبيعة العمل التلفزيوني واختلافه عن العمل الروائي غالباً ما يضعان صاحب العمل الأدبي في مواجهة وخصام مع من حوّل ذاك العمل إلى سيناريو تلفزيوني، يرتفع في كثير من الأحيان خلالها صوت صاحب العمل الروائي بأن ما يعرض في التلفزيون شوه عمله الروائي و أن كاتب العمل التلفزيوني أسقط شخصيات و جوانب مهمة في النص الروائي الأصلي أو أضاف أخرى هجينة على عناصر العمل الأساسية.. وهنا تتساءل الكاتبة حنا:(هل المطلوب حين تحول الرواية إلى شيء بصري تلفزيوني أو سينمائي أن تكون أهم وأجمل من الرواية نفسها)؟، و(هل من مصلحة صاحب الرواية أن يكون العمل البصري أهم من روايته)؟ مشيرة إلى أن ذلك ليس من مصلحة الكاتب في شيء بالتالي لا بد من أن يقول إن روايته أهم من العمل الآخر. ‏

كتاب العمل الدرامي يروون أن للعمل التلفزيوني متطلباته التي تفرض أحياناً الاستغناء عن عناصر في النص الأصلي أو إضافة أخرى بالشكل الذي يخدم العمل الدرامي.. فعن إعداده لسيناريو (نهاية رجل شجاع) يقول الأستاذ حسن م. يوسف إن القصة كما كتبها الأديب حنا مينه تروي قصة مفيد الوحش... ذلك الشاب الذي خرج من قريته في ريف بانياس ثم انتهى في مكان ما على شاطئ اللاذقية. لكنه ككاتب دراما لا يستطيع أن يضع الكاميرا خلف كتفي شخص ويتابعه طوال الوقت فهو بحاجة إلى عدة خطوط، لذلك أدخل تغييرات اعتبرها جذرية، مشيراً إلى أنني « تقيدت بالرواية كما هي لما كان المسلسل، واعتقد أن ما فعلته كان إعطاء الرواية احتمالات أخرى». ‏

فيما أشارت الكاتبة ريم حنا إلى أن أحداث رواية «ذاكرة الجسد» انتهت في الحلقة 10 من العمل وقد كانت مخلصة جدا لها في الحلقات الأولى، لكن ولأنها محكومة بـ30 حلقة في رمضان كان لا بد من بعض الإضافات. ففي الرواية هناك انقطاع لـ6 سنوات قررت أن تملأها بمصائر الشخصيات والتداعيات التي أدت لحدوث الحرب الأهلية مستفيدة مما قرأته في تاريخ الجزائر من أحداث سكبتها على شخصيات وعناصر من الرواية لكنها لم تخترع عناصر ليس لها وجود. ‏

الثابت ان العلاقة بين الرواية والدراما مسألة تقوم على النفع المتبادل فالأولى تمنح الدراما العمق الأكبر وتبعدها عن الثرثرة..فيما تقوم الدراما بنشر الرواية وإيصالها إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين، أما الخلاف التاريخي بين أصحابهما... فهو سمة المبدعين... لاسيما أولئك الذين لا يجدون إبداعاً يتجاوز إبداعهم. ‏