2013/05/29

برنامج «عالم من الأخبار».. يحتفي بأثير دمشق
برنامج «عالم من الأخبار».. يحتفي بأثير دمشق


بديع منير صنيج- تشرين

يوازن برنامج «عالم من الأخبار» الذي تبثه الفضائية السورية عند الساعة الرابعة من عصر كل يوم أحد بين بساطة الطرح، والقدرة على الإحاطة بعناية ودقة بأطراف الموضوع المعالج، حيث إنه اقترب في كثير من الأحيان من صيغة البرامج التعليمية، جامعاً بين المعلومة وحيوية تناولها عبر الكثير من وسائل الإيضاح من رسومات، وشرائح عرض، وصور، ومواد فيلمية، ولقاءات مع مختصين، وغير ذلك. وهذا مرغوب في برنامج موجه أساساً إلى الأطفال، ولاسيما أنه يفتح آفاقاً أمامهم للتفكير بكل فقرة من الفقرات، ليخرجوا في النهاية مع شيء من الإلمام العام بالموضوع المعالج.

في الحلقة الأخيرة من البرنامج التي اتخذت محوراً أساسياً لها «عالم البث الإذاعي» جابت بنا مقدمته الطفلة «ديمة العجلاني» من اختراع المذياع على يد «توماس أديسون» عام 1870، وشرح آليته في التقاط موجات الأثير عبر تحويل الصوت من المايكروفون إلى ذبذبات كهرومغناطيسية، ثم إعادتها عبر الراديو إلى صوت مرة أخرى، لتنتقل بنا في فقرة «علوم» إلى توضيح طريقة عمل الأذن، والتقارب بين آليتها وآلية عمل المذياع، حيث إن جهاز السمع يقوم بتحويل الموجات الصوتية إلى تنبيهات عصبية يُقدِّم لها الدماغ تفسيرات ينجم عنها تمييزنا للأصوات المختلفة

فقرة أخرى حملت عنوان «ما رأيك؟» توجهت من خلالها معدة البرنامج «هيفاء القصاب» إلى استوديوهات إذاعة «صوت الشعب» لتعطي فكرة عن كيفية إعداد البرامج الإذاعية، وما العقبات أمام البرامج المباشرة، وكيف يُكمِّل المخرج جُهْدَ المُعِدّ، وذلك عبر لقاءات حية مع مُقَدِّمَي برنامج «يسعد مساك سورية» ومُعِدَّيْه ومخرجته.

الجانب التوثيقي احتل حيزاً مهماً في «عالم من الأخبار» عبر الحديث عن تأسيس إذاعة دمشق التي بدأ بثها التجريبي في الرابع من شباط عام 1946 ثم انطلق رسمياً في السابع عشر من نيسان عام 1947 الذكرى الأولى لاستقلال سورية، وكيف استمر البث آنذاك ست ساعات متواصلة ألقى خلالها الأمير «يحيى الشهابي» كبير الإذاعيين السوريين كلمته الشهيرة في افتتاح الإذاعة وقال فيها: (يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتكم، إذاعة الجمهورية العربية السورية من دمشق.. إذاعة القومية العربية.. إذاعة كل العرب.. تنقل صوتها إليك في أعياد الجلاء.. الإذاعة السورية في دمشق تتحدث إليك)، بمعنى أن البرنامج استفاد من أرشيف إذاعة دمشق بما فيه من مواد صوتية وصور لتقديم احتفاء تلفزيوني بأثير دمشق، كما رافقت كاميرا خارجية الإعلامي «نذير عقيل» في حديثه عن تأسيس إذاعة دمشق إلى مقرها الأول في شارع النصر من دون الاكتفاء بالصور من داخل الإذاعة في تلك الفترة.

لا يكتفي هذا البرنامج بلقاء المختصين بل يستقبل ضمن الاستوديو في فقرة «اخترت لكم» ضيفاً طفلاً يشارك بآرائه المقدمة «العجلاني» في الموضوع المطروح، ويحقق تواصلاً ملموساً مع جمهور الأطفال، ما تنتج عنه حيوية تضاف إلى ديناميكية المواد العلمية والوثائقية والحوارية التي قدمها سابقاً، واستطاع من خلالها المخرج «عزيز كيلارجي» داخل الاستوديو وخارجه أن يستكمل جهد المعدة «القصاب» الذي يوازن بين ثراء الماضي وغنى الحاضر، محققاً شخصية مميزة لهذا البرنامج تليق بالطفل السوري، وتضعه في أعلى سلم الأولويات تقديماً وضيوفاً ومشاهدين.