2012/07/04

تيسير إدريس: نعمل بالمسرح بعقلية الهواة .. والفن في سورية نقمة!
تيسير إدريس: نعمل بالمسرح بعقلية الهواة .. والفن في سورية نقمة!


تشرين


منذ ظهوره الأول على خشبة المسرح في عرض «وجوه عبر الموت»، مرورا بنيله السعفة الذهبية عن أفضل ممثل دور أول في فيلم «صعود المطر» في مهرجان دمشق السينمائي التاسع، وصولا إلى تجسيد أدوار كـ«هرتزل، أيوب، صياح أبو حسيبة....» في التلفزيون، استطاع الفنان تيسير إدريس حفر اسمه في ذاكرة الفن في سورية، كعلامة فارقة في تاريخ المسرح والسينما والتلفزيون في سورية، عن شخصية الصعلوك حسن النساخ في مسرحية «الأميرة والصعلوك».. وعن مسيرته الفنية كان لـ«تشرين» الحوار الآتي معه:


قدمت مؤخرا على مسرح الحمراء شخصية «الصعلوك» في مسرحية «الأميرة والصعلوك» للكاتب المصري الشهير الفريد فرج ومن إعداد وإخراج حسين إدلبي. كيف يرى تيسير إدريس شخصية الصعلوك التي قدمها على منصة مسرح الحمراء في دمشق؟

بشكل عام.. أنتقي الشخصية التي أنوي لعبها بعناية تامة، ولاسيما في المسرح، فلو لم أحب شخصية حسن النساخ لما لعبتها. وان الكاتب الفريد فرج والذي غالبا ما يستمد نصوص مسرحياته من ألف ليلة وليلة، ولعل سبب هذا التأثر يعود إلى خوف بعض الكتاب من القرار الذي كان سيتخذ بحذف حواشي ألف ليلة وليلة، وهذا ما جعل كتاباً أمثال الفريد فرج وغيره يدافعون عن هذا الإرث الثقافي العظيم، ناهيك عن ان قضية التنكر والتخفي التي استخدمها الفريد فرج في شخصية حسن النساخ الصعلوك، أشبهها إلى حد ما بالتنكر الموجود في مسرحية الملك هو الملك للمسرحي الراحل سعد الله ونوس. وهناك دعوة مبطنة في نص «الأميرة والصعلوك» لم يسلط الضوء عليها في العرض الذي نقدمه اليوم، وهي أن الفريد فرج يطلب من المبدعين والمثقفين عدم الهرب والخروج من بلادهم. أما شخصية حسن النساخ فأنا إلى الآن لم أعرف هل الذي جرى مع حسن النساخ من أحداث أهو حلم أم واقع؟ وأظن أن الفريد فرج دمج الحلم والواقع في شخصية النساخ، وأنا إلى الآن أعيش الشخصية على أساس أنها واقع حينا وحلم حينا آخر. وحسن النساخ هو كاتب، وزمردة بالنسبة لحسن النساخ هي الوطن، وهذا يدل على أن الفريد فرج جسد نفسه بشخصية الكاتب حسن النساخ الذي ينتقد الدولة وينتقد أخطاءها، وهو ملاحق، وعندما تنكر حسن النساخ بشخصية الشحاذ صارت شخصية حسن شخصية مركبة. وللأمانة فاني استمتعت في أداء هذه الشخصية والحمد لله استطعت ان انقل هذه المتعة إلى المشاهدين، فالمتعة برأيي تنقل كما العدوى، وهذه العدوى لا تنقل الا من خلال الدهشة، بمعنى أنني عندما لعبت شخصية حسن النساخ، شعرت ان هذه الشخصية التي خطها الكاتب المصري الفريد فرج قد أشعرتني بالدهشة، وبدوري كممثل نقلت هذه الدهشة والمتعة إلى الجمهور..


قدمت في بروفات هذه المسرحية مجموعة مقترحات «شعر، غناء، أداء تمثيلي حركة»، وأخذت طريقها إلى العرض، ما هو مفهومك الخاص للارتجال المسرحي؟

بالنسبة لي يجب أن يكون الارتجال منظماً، بمعنى أن يدرس الممثل الشخصية التي ينوي لعبها على خشبة المسرح بشكل عميق، مثلا: شخصية حسن النساخ التي لعبتها هي شخصية كاتب ماجن يشرب ويتغزل بالنساء، وحرضت المخرج على الارتجال، فأتيت بشعر لأبي النواس وأضفته إلى حوارات حسن النساخ لأزيد من هذه الصبغة الماجنة في شخصية حسن النساخ، وكذلك وضعت شعراً للمخرج هشام كفارنة، كما استخدمت الغناء أيضا في شخصية حسن النساخ، ولو عمل الموسيقي بشكل أفضل في عرض الأميرة والصعلوك لكان الناتج من ناحية الغناء أفضل مما ظهر على الخشبة بكثير، وحاولت ان اقترح اقتراحات من خلال الغناء أو الموسيقا تشد الأميرة زمردة إلى حسن النساخ، وكنت أود لو أني جعلت حسان النساخ يقوم بفعل الرقص على الخشبة ولكن ظروف إنتاج العمل لم تساعدني في القيام بفعل كهذا. لذلك يجب ان يكون الارتجال منظماً وناتجاً عن علاقة حوار بين الممثل والمخرج،، والارتجال هو شيء مهم يجب أن يلتفت إليه الممثل أثناء البروفات، ويجب ان تعطى الحرية الكاملة لخيال الممثل أثناء البروفات ولكن بحيث يخرج هذا الارتجال منظما وقت العرض. أما الارتجال في العرض فهو عائد لعلاقتي أنا كممثل مع الجمهور، فانا عندما اشعر بالجمهور أقدم ضعف ما كنت أقدمه في البروفات، لان الجمهور هو الذي يفسح المجال أمام الممثل ليرتجل على الخشبة، وانا برأيي لو لم تكن هناك أزمة خطيرة في سورية اليوم لتفاعل الجمهور مع هذه المسرحية بشكل اكبر، لكن الأزمة أرخت بظلالها على الجو العام.


هناك الكثير من زملائك الفنانين في العرض قد ارتجلوا، ما رأيك بهذا الارتجال؟

ان هذا الارتجال سببه أن هؤلاء الممثلين لم يفهموا بعد لعبة المسرح، فالارتجال يجب ان ينظم بالبروفة، وفي حال فسح لك المخرج المجال يجب عليك ان ترتجل اكثر، وهناك الكثير من الاقتراحات في الارتجال كنت أتمنى أن ارتجلها لكن ألغيتها لعدم موافقة المخرج على هذه الارتجاليات.


عملت على هذه الشخصية لتصبح محببة وقريبة من الجمهور الدمشقي. ماذا أضاف تيسير إدريس من ذاته لتكون شخصية حسن النساخ قريبة من الجمهور؟

إن كنت مقتنعاً بلعبة المسرح ومستمتعاً بها، فمن المؤكد ان الجمهور سيستمتع معك في هذه اللعبة، فالمسرح علم وثقافة ومعرفة والممثل الذي لا يملك هذا المخزون المعرفي لا يمكن له أن يفهم المسرح ولعبة المسرح، فهناك خيوط يحيكها الممثل بينه وبين الجمهور، وأنا دمجت بين منهجي بريخت ومنهج ستانسلافسكي في هذا العرض.


تصور حاليا مع المخرج سامي الجنادي دوراً رئيساً في العمل الدرامي التاريخي «جعفر الصادق» حدثنا عن دورك في هذا العمل الدرامي؟

أحب تجسيد الشخصيات التاريخية، وكنت قد جسدت شخصية الحسين بن علي في كربلاء، في مسرح أربعة دونمات، وكان هناك عشرات الآلاف من المتفرجين، وجسدته على المسرح بحب وبجهد. أوكل إلي في بداية مسلسل جعفر الصادق شخصية، ومن ثم أتاني المخرج والكاتب وأوكلوا لي شخصية أخرى، وهي شخصية الوزير أبي سلمة الخلال، وهي لم تكن موجودة في الجزء الأول، فالعمل جزآن، المهم في ذلك أنهم وسّعوا خط أبو سلمة الخلال في الجزء الأول، وسيكون لها دور مهم في الجزء الثاني، وهي شخصية مهمة جدا وكان لها دور مهم في تلك الحقبة من التاريخ العربي.


تنتمي إلى قرية فلسطينية حباها الله بجمال الطبيعة ماذا نقل إليك والدك واهلك من جمال هذه القرية ولاسيما ان والدك الشيخ زامل إدريس كان ذا صوت جميل؟

والدتي لبنانية وأبي فلسطيني، وأنا فلسطيني سوري، فانا غير مقتنع بتقسيم دول بلاد الشام إلى سورية وفلسطين ولبنان والأردن، هذه ارض واحدة تسمى بلاد الشام، وللأسف.. فإن الكثير منا مقتنع بهذا التقسيم. والدتي كان لها صوت جميل والوالد أيضا كان له صوت جميل، ونحن في المنزل جميعنا نحب الغناء، ولعل جبل الكرمل والبحر الذي تطل عليه حيفا والهواء النقي، هو ما اكسب أهلي ذلك الصوت الجميل، ولذلك استمددنا هذا الصوت الجميل من والدينا، وهذا الصوت ساعدني في السينما والمسرح والتلفزيون.


من المعروف أن أول من قدمك إلى المسرح هو المخرج والفنان الفلسطيني زيناتي قدسية في مسرحية «وجوه عبر الموت» في العام 1970، لكن الأب الروحي للفنان إدريس هو الفنان الراحل يوسف حنا، ماذا تحدثنا عن مرحلة البدايات، وعلاقتك بالراحل حنا؟


الحقيقة أن أول من قدمني للمسرح هو الفنان عبد الرحمن أبو القاسم الذي دربني كثيرا في مرحلة دراستي الثانوية، وبذلك كان الفنان أبو القاسم أستاذي، فيما بعد أتى الفنان زيناتي قدسية واشتغلت معه في المركز الثقافي، فان الفنان زيناتي أستاذي أيضا، واشتغلت معه مسرحية وجوه عبر الموت، وبعد ذلك كان أستاذي الثالث الفنان الراحل يوسف حنا، وهو أول من علمني أن الممثل الذي لا يمتلك خلفية ثقافية لا يمكن ان يكون ممثلا حقيقيا، فالممثل هو الفاهم الأول في الحياة، لأنه تقمص كل الشخصيات، ويجب أن يفهم الحياة بكاملها ليستطيع أن يوصل للمتفرج ما يريد إيصاله، فيجب أن يصل الممثل إلى غنى ثقافي. وعلمني يوسف حنا كيف أنني عندما أقف على المسرح، اشعر بالحرية وبالحياة وبالطهر وبالجمال، وأنا أرى أن المسرح هو الأساس وما تبقى من سينما وتلفزيون هو تحصيل حاصل، والممثل المسرحي هو رقم واحد بين الممثلين، فمن ليس لديه حضور قوي على المسرح لا يمكن ان يكون له حضور مميز في السينما او في التلفزيون، ولذلك كل الممثلين المهمين في العالم هم ممثلون مسرحيون، ويوسف قال لي إن الشهادة هي التي ستساعدني وستصقل موهبتي في التمثيل.. وبعدما دخلت الجامعة بدأت اعمل مع يوسف حنا في المسرح الجامعي واشتغلنا مسرحية «العادلون» لألبير كامو وكانت من إخراج يوسف حنا وكانت من أهم المسرحيات التي لعبتها في حياتي، وكان الأستاذ يوسف حنا حكيم الثورة الفنية في سورية، ولم يأخذ الفنان يوسف حقه على الساحة الفنية في سورية، ولذلك كان للأستاذ يوسف حنا فضل في تطوير أدواتي كممثل.

اتبعت دورة لإعداد الممثل في العام 1972، حتى العام 1973، شارك فيها، الراحل حنا، وعبد الله عباسي وفيصل الياسري كيف أثرت هذه الدورات في الممثلين من أبناء جيلك وفيك أيضا؟

الفنان يوسف حنا كان ميالاً إلى مذهب ستانسلافسكي في إعداد الممثل، ودائما كان يحثنا على البحث عن الهدف والهدف الأعلى في المسرحية، ومبررات الفعل والتقمص، وعلمنا ان لكل ممثل هدف في المسرحية يصب في النهاية بالهدف الأعلى في المسرحية، وبذلك كان الفنان يوسف حنا معهدا عاليا بحد ذاته، ولم يكن حنا يحب منهج بريخت في المسرح بينما أنا خالفته في هذه النقطة حيث كنت أحب المنهجين.


شجعك الراحل حنا على الدراسة والانتساب إلى الجامعة، والعمل في المسرح الجامعي هل تجد الآن نظيراً للفنان الراحل حنا بين الفنانين العاملين في سورية والمسرح السوري؟

لا يوجد أبداً، لان يوسف حنا هو الأفضل..


قدم المسرح الجامعي نجوما للمسرح وللدراما السورية وللسينما أيضا. ما دور المسرح الجامعي في تقديم وإعداد الممثلين قبل وجود المعهد العالي للفنون المسرحية وبعد إنشائه؟

إن المسرح الجامعي في ذلك الوقت هو من خلق ثورة المسرح في سورية، وساعد على انتشار المسرح في القطر، وكان المسرح الجامعي حينها طاغيا على دور المسرح القومي، ولذلك أتوا بنا من المسرح الجامعي إلى المسرح القومي، ونحن عندما كنا في المسرح الجامعي كنا نشتغل بعقلية الهواة، وأظن أننا مازلنا إلى الآن نعمل بالمسرح بعقلية الهواة، ولذلك كان المسرح الجامعي يجمع بين الطالب الجامعي والفنان في آن واحد، وكنا نقرأ حينها عن ستانسلافسكي وبريخت وميرخولد وغيرهم، وكان يوسف يقوم بجلسات زاخرة بالنقاشات حول المسرح وطرق الإخراج المسرحية وإعداد الممثل.

عندما أقف على المسرح أشعر بالحرية وبالحياة وبالطهر وبالجمال


نلت جائزة أفضل ممثل عن دورك في فيلم «صعود المطر» للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، في مهرجان دمشق السينمائي التاسع. هل تؤثر الجوائز في حياة الفنان، وكيف أثرت فيك هذه الجائزة؟

عندما كرمت في قصر المؤتمرات في مهرجان دمشق السينمائي التاسع، ونلت السعفة الذهبية أفضل ممثل دور أول، عن دوري في فيلم «صعود المطر»، اهديت هذه الجائزة إلى الأستاذ يوسف حنا، وأنا رايته وهو يصفق لي ويصعد مع صعود المطر، وعندها شعرت بفضل يوسف حنا علي، فهو كان يتوقع لي أن أكرم، وأنا عندما قرأت سيناريو فيلم صعود المطر قال لي الأستاذ حنا، إنني سأصبح ممثلا مهماً بعد أن أؤدي هذا الدور، ولذلك عندما استلمت الجائزة شعرت أن هذا ناتج طبيعي، لان كل من يتعب ويبحث سيصل إلى النجاح بالضرورة، وقد سألني احدهم قبل أسبوع من تسليم الجوائز وقلت له إنني متيقن من أني سأتلقى جائزة السعفة الذهبية عن أفضل ممثل دور أول، ولكن المشكلة هي كيف ينظر الوسط الفني لمن يأخذ الجائزة، فأنا أخذت الجائزة في العام 1995، ولم اعمل في السينما إلا بعد خمسة عشر عاما، وهنا المأساة، فأنت بعد أن أخذت الجائزة يجب أن تبحث عن الأفضل في السينما، ولكن ما حصل معي انه بعد أن كرمت أبعدوني عن السينما، وهذا ما تناقض مع رسالة صعود المطر التي تدعو إلى الحفاظ على الأدباء، فإن لم نحافظ، نحن الفنانين، على المبدعين من سيحافظ عليهم؟؟ وعندما تجد باب السينما مغلقاً تتجه إلى التلفزيون فيقابلك مخرجون هواة ليس لهم خبرة في هذا المجال ويبدؤون بالتحكم بخياراتك، وعلاوة على ذلك يختارون من يريدون ويبعدون من يريدون، لذلك فان الفن في سورية نقمة لأنهم لا يسعون إلى تطوير النجم، بمعنى أن النجم عندما يحصد جائزة يجب أن يشارك في عدة أفلام بعد هذا التكريم كي يتطور أكثر، والجدير بالذكر أن شخصية صباح اسعد التي أديتها في فيلم صعود المطر هو كاتب كما هي حال شخصية حسن النساخ في الأميرة والصعلوك، وقدم فيلم صعود المطر رسالة مهمة فحواها انه يجب علينا ان نحافظ على المبدعين والفنانين بكل أشكالهم سواء كان المبدع كاتباً أو مخرجاً أو ممثلاً، إضافة إلى الدعوة إلى الحب التي قدمها المخرج عبد اللطيف عبد الحميد في «صعود المطر»، وبذلك يكون فيلم صعود المطر يقدم الرسائل ذاتها التي تقدمها مسرحية الأميرة والصعلوك لالفريد فرج، فهناك في المسرحية دعوة صريحة للحفاظ على الحب والود بيننا، حتى شكسبير تمحورت معظم أعماله حول موضوع الحفاظ على الحب والابتعاد عن الخيانة.

لعب الفنان إدريس أدواراً سينمائية في فيلم «بوابة الجنة» للكاتب حسن سامي يوسف والمخرج سامر كدو، من خلال شخصية أب يخاف على أولاده لكنه يفقدهم واحدا تلو الآخر في انتفاضة الحجارة في العام 1987، والفيلم الآخر هو فيلم «محارم محارم» الذي يدعو إلى التشبث بالأرض، ما هي قصتك مع الأدوار السينمائية الوطنية؟

ربما يجد بعض المخرجين في شخص تيسير إدريس الفنان والكاتب والمناضل، وأهمية فيلم بوابة الجنة هي انه يسلط الضوء على ضرورة المقاومة الفلسطينية، بمعنى أن الفلسطيني مهما حاول أن يكونا مفاوضاً ومسالماً لا يمكن ان يحصل على أرضه وعلى حقه ولذلك تبقى المقاومة هي الحل الأول والأخير في حياة الفلسطيني لاسترجاع حقه.. والشخص الفلسطيني الذي جسدت دوره في فيلم بوابة الجنة حاول ان يبعد أبناءه فاستشهدوا واحداً تلو الآخر، وعندها شعر هذا الفلسطيني انه لا سبيل للفلسطيني إلا المقاومة ولذلك أنا ادعو كل الفلسطينيين لعدم تصديق الكذبة الكبرى والتي سماها الصهاينة «التفاوض»، لان الفلسطيني سواء فاوض أو لم يفاوض لن يصل إلى حقه إلا بالمقاومة.


لعبت في العمل الدرامي الشتات دور «هرتزل» وكذلك في مسلسل «سفر الحجارة» دور قائد خلية مقاومة فلسطينية في القدس. كيف استطاع الفنان إدريس جمع النقائض السياسية والاجتماعية في عملين متقابلين متناقضين بالنسبة له؟

لا فرق، هي حالة واحدة، لكن أن تجسد شخصية قائد المقاومة أسهل بكثير من أن تجسد شخصية مؤسس الحركة الصهيونية، لأن هذا عدوك، وأنا جسدت شخصية هرتزل بطريقة مختلفة تماما، وأظهرته كدكتور وكمحامٍ وصحفي ومثقف، لكن بالوقت نفسه أنا كممثل أخذت منه موقفاً بحيث أؤديه بعنصريته، وبذلك وجب علي عندما أديت شخصية هرتزل أن آخذ موقفاً من هذه الشخصية كي أظهر للعالم كم كان هرتزل عنصريا، وأنا لم اصل إلى هذا المفهوم إلا بعد أن قرأت كل بروتوكولات صهيون، واستطعت أن امسك بخيوط شخصية هرتزل وامتلك مفاتيحها التي تساعدني على أدائها بحرفية، وعندما كتب هرتزل كتابه الشهير «دولة اليهود» ظهرت عنصريته، من خلال هذا الكتاب الذي وضح فيه أن دولة اليهود لن يكون فيها سكان مسيحيون أو إسلام بل ستكون دولة لليهود، وهذا ما يحصل الآن في فلسطين، وأنا تعبت كثيرا وأنا أؤدي دور هرتزل، بينما شخصية قائد المقاومة في «سفر الحجارة» كان تجسيدها سهلا إلى حد ما وذلك لأني أجسد نفسي كفلسطيني مقاوم ولا أجسد عدوي كما هي شخصية هرتزل، وأنا استطعت أن ألقي الضوء على كل النقاط السلبية في شخصية هرتزل ولكن من دون أن اجعله مشوها لا يفقه شيئاً، وعندما مات هرتزل خرجت في جنازته كلبة وعجوز فقط، لكن عندما وصل خبر وفاته إلى مؤسسي الحركة الصهيونية سارعوا الى القيام بجنازة كبيرة لجثمان هرتزل لأنهم كانوا يعلمون انه سيطلق عليه فيما بعد اسم مؤسس الحركة الصهيونية، وكانوا قد سحبوا من هرتزل كل الامتيازات الشخصية لأنه قال لهم: إن السلطان عبد الحميد رفض بيع فلسطين فما المانع من أن نأخذ اوغندا، وبسبب قوله هذا دمره قادة الحركة الصهيونية.

قدمت في الكثير من الأعمال الدرامية أدوارا مهمة مثل «أيوب» و«أنا القدس» و«الهاربة والعقاب» في أي الأدوار التلفزيونية وجد الفنان إدريس ذاته؟

بعض الشخصيات منها شخصية هرتزل، أبو حسيبة صياح، شخصيتي في قرن الماعز، صعود المطر، والأب في بوابة الجنة في السينما.


حققت الدراما التلفزيونية السورية حضورا كبيرا، برأيك ما هي أسباب هذا التقدم على الصعيد الدرامي؟

الإخلاص في العمل هو ما ساعد على تطوير الدراما التلفزيونية السورية، سواء كان المخرج أو الكاتب أو الممثل، فصار المخرج يريد ان يعطي أفضل ما يكون وصار الكاتب والممثل وفني الإضاءة والديكور...الخ يسعون لتقديم أفضل ما لديهم، وهذا ما ساعد في إقامة تنافس بناء بين جميع العاملين في الدراما السورية.

يشاع أن هناك مقاطعة للدراما السورية هذا العام. هل تتوقع حصول ذلك؟


أتصور أن تعامل هذه المحطات مع شراء المسلسلات السورية لن يكون جيدا، وبرأيي يجب أن تقوم الدولة بشراء كل المسلسلات السورية كي نستطيع تحمل هذه المقاطعة العربية التي تلوح في الأفق، وأتوقع أن الخليج لن يشتري أي عمل، وبصراحة لسنا مستفيدين من الخليج فلدينا في سورية رؤوس أموال قادرة على الحفاظ على الدراما السورية، وهناك منتجون ذهبوا إلى الخليج لبيع مسلسلاتهم وكان الرد سلبياً للغاية والسبب في ذلك أن المنتج سوري.