2012/07/04

«جلسات نسائية» نموذجاً.. ترف المـكان.. حماية درامية!!
«جلسات نسائية» نموذجاً.. ترف المـكان.. حماية درامية!!


روز سليمان - تشرين

يمكن اعتبار المكان حاجة ملحة للخروج بالحالة البصرية للعمل الدرامي إلى أفق الرؤية الأكثر موضوعية لعين المشاهد، ومن جهة ثانية يمكن اعتبار المكان بنية أصبح من غير الممكن إغفالها إخراجياً تؤمن نوعاً من الجغرافيا في الدراما قلما يخطئ من ناحية توافقه مع معطيات السيناريو المرغوب تظهيره من خلال المكان كبنية أساسية من عوامل بناء العمل الدرامي السوري منذ خروج كاميرات الدراما السورية خارج الاستوديوهات المغلقة إلى حياة بشر بحقيقتها وموضوعيتها

ولكن يحصل أحياناً أن يقع السيناريو في نوع من الأخطاء لا تسيء إلى العمل الدرامي أو تبطّئ من حدوثه إلا بالقدر الذي يمكّن أدوات أخرى من العمل الدرامي أن تكون داعماً وسنداً للعمل.. من هنا سيكون الحديث عن مسلسل «جلسات نسائية» لمخرجه مثنى صبح ممكناً في إطار يجعل منه عملاً حمل نصه نوعاً من الهفوات، وفي الوقت نفسه تمكّن إخراجياً من تغطية تلك الهفوات من ناحية عدم إساءة تلك الهفوات للعمل كلياً أو إضعافه!!.. وكأن مسلسل «جلسات نسائية» لمخرجه مثنى صبح قدّم محاولة جمالية للتعافي من بعض هفوات النص المكتوب من خلال توظيفه جمالية المكان خارجاً إلى ترفه ومعززاً رؤيته الإخراجية ليتمكن المثنى من تقديم رؤية بصرية عالية بدت واضحة في غنى الصورة والكادر.. ‏

الصورة في الأمكنة التي احتوتها المَشاهد في «جلسات نسائية» تمكنت من منح سوية اللغة التي كتب بها السيناريو بعداً دلالياً سهّلت على المُشاهد الاستمرار في متابعة العمل, وخصوصاً في ظروف نصيّة قدمت في كثير من المشاهد حالات سردية بطيئة وطويلة من دون أن يتمكن السيناريو من تأمين أفعال حركية ضمن الكتابة التي لو وجدت لامتلأ الحوار بين الشخصيات بأحداث وتفاصيل صغيرة، ومن ثم تأتي مهمة الكاميرا في ملاحقة تلك التفاصيل بتفاصيل إخراجية تكمّل ولا تقتصر وظيفتها على الجمالي وحده.. ومنه وكأنه كان على كاميرا المثنى أن تلاحق الأمكنة أكثر وتكشف على طول الحلقات عن تكوين تلك الأمكنة نفسها مادامت لا توجد تفاصيل سردية توحي بدلالات مكانية تختصر التدرج في الانتقال من مكان إلى آخر بشكل مكثّف ضمن الحلقة الواحدة من العمل.. ومنه كنا نرى عدسة المثنى تنتقل من شكل مكاني خاص إلى شكل مكاني عام من خلال إظهاره عناصر مكانية داخلية جمالية بالدرجة الأولى.. فظهر المكان في «جلسات نسائية» بأشكال مختلفة وجميلة سواء كان التصوير في الشارع أو في المنزل أو في المطعم أو في السيارة ....الخ.. وحتى المكان المفتوح كان مكاناً للفعل برؤية المثنى صبح!!.. ‏

هناك هندسة مكانية في «جلسات نسائية» هي التي ساهمت في تقريب العلاقات بين شخصيات العمل وحتى في بعض الأحيان ساهمت في إحداث التباعد بين تلك الشخصيات عندما كان يتطلب السيناريو ذلك.. ولكن ما يؤخذ إخراجياً على تلك الهندسة المكانية للعمل هو إظهار المكان بشكل يقترب إلى الشكل الواحد, عندما يكون القصد من الشكل هو صورة بصرية مأخوذة من قبل عين المتلقي!!.. وكأن المتلقي عندما سيعود لتذكر «جلسات نسائية» فسيأتي من الذاكرة بكوادر متشابهة ذهنياً للعمل!!.. وكأن الحماية التي أمّنها الإخراج عموماً والمكان خصوصاً في «جلسات نسائية» للسيناريو وتخليصه من هفوات الحوار البطيء والطويل؛ تؤكد على أن الحقيقة, والتي هي الحماية دوماً, في ذهن الفنان هي شيء يخلق وليست شيئاً موجوداً أصلاً؛ ودوماً ترمي الصورة الدرامية إلى نقل الحياة بواقعية سيناريو مكتوب إن لم تتمكن من نقلها بواقعية واقع معيش؛ وهذا ما يحكمه الفنيّ والجمالي كضرورة في تقديم الحكاية الدرامية والتي تختلف بل وعليها أن تختلف عن الحكاية الحياتية.. وإلا ما معنى أننا نشاهد دراما!!... الحياة ليست دراما والدراما ليست حياة.. إنها صورة تزداد فتحة عدستها اتساعاً وتنقص لا أكثر!!.. ولكن ورغم كل الحماية التي أمنها المكان للنصّ في «جلسات نسائية» إلا أنه لم يتمكن من التغطية الكاملة, لذا نرى في كثير من المَشاهد قد ظهر المكان فيها بمظهر الديكور لا أكثر!!.. ‏