2012/07/04

جودي فوستر: عملي ليس أنا
جودي فوستر: عملي ليس أنا


سهام خلوصي – الكفاح العربي

تقول جودي فوستر انها بعد عشر سنين ستحظى أدوار كثيرة للعب دور السيدة الستينية لأنها ستكون الوحيدة التي لم تخضع لجراحة تجميلية!

جودي من سيدات السينما الأميركية القليلات البعيدات عن صورة النجمة الهوليوودية. في رصيدها خمسون فيلماً كممثلة وجائزتا أوسكار وجائزتا غولدن غلوب وثلاث جوائز "BAFTA"، وفي رصيدها كذلك ثلاثة أفلام كمخرجة آخرها "The Baever" الذي تتشارك بطولته مع ميل غيبسون. هنا حوار معها حول الفيلم والسينما ومفهومها للممثلة:

■ هل تحسين نفسك قريبة من والتر؟

- في أعماق نفسي ينام رجل خمسيني ينهار نفسياً! والعمل في الاخراج له وظيفة علاجية. أنا اتماهى في كل الشخصيات. حتى في شخصية الصبي ذي السبع سنين في فيلم "Little Man Tate". أنا في حاجة لأن اشاركهم مشاعرهم، وأن استخرج قدراً من الخفة من المآسي التي يمرون بها أو تمر بهم. بالطبع هذا لأنني أصوغهم على صورتي. لقد تعذبت في طفولتي ومراهقتي، لكنني وجدت التوازن في سن النضج. أنا أرى القوة الدرامية في كل شيء. انه جانب في الطبع الذي يهيئ الشخص للانهيار النفسي او العصبي، لكن ايضاً يهيئه للإبداع، وأنا أفضل هذه الطريقة على الركض كي أنسى متاعبي ومشاكلي.

■ ألم يتأثر عرض فيلم "The Beaver" بالمشاكل التي يتعرض لها بطل الفيلم ميل غيبسون خصوصاً اتهامه بالعنف الزوجي؟

- هل يمكن أن نفصل بين حياته الشخصية وقدراته المهنية؟ ان على المشاهدين والصحفيين أن يحكموا. ميل أغنى شخصية والتر كثيراً بما يختزنه من تجارب في حياته... الفيلم يقوم على كتفيه. من دونه لم يكن لينفذ. لقد وضع فيه قلبه كله. انه الجانب الرائع من شخصيته الذي أردت ان أتشارك به مع الجمهور.


■ أنت وميل غيبسون صديقان منذ بطولة فيلم "Maverick" في العام 1993، ولا تنفكين تدافعين عنه، لماذا؟


- أنا لا أعرف أحدًا في هوليوود يقول عنه سوءاً بعدما عمل معه. ميل صديق وفيّ، والانسان لا يترك صديقه في الملمات! انه يتمتع بذكاء حاد، وهو كريم النفس للغاية. قد يكون معقداً ومعذباً، لكن كما كثير من الفنانين، فإن عصبيتهم تجعلهم خلاّقين وموهوبين. لقد عرفت منذ أن قابلته أنني سأحبه دوماً.


■ أردت ان تشتري حقوق هذا السيناريو منذ مدة طويلة. لماذا؟

- لسببين أساسيين: انه يتحدث عن العائلة، وأنا أحب أن أصنع افلاماً تتحدث عن العائلة. وهو ايضاً يتحدث عن أزمة وجودية لرجل. وأول فيلم من اخراجي "Le Petit Homme" كشف ايضًا عن أزمة وجودية لصبي عمره 7 سنين.



■ هذه المرة انت تقدمين أباً لا يلعب دوره. والدك رحل عندما كنت صغيرة. أنت توظفين الكثير من وقتك في افلامك؟

- نعم. افلامي هي قصة حياتي. الإخراج سمح لي بالتواصل وبأن افهم نفسي. هناك جزء مني في شخصية الزوجة، لكن ايضاً انا هذا الرجل البالغ 50 عاماً والذي يقع في الاكتئاب في لحظة من حياته.


■ هل عرفت سابقا الانهيار النفسي؟

- هذا حدث لي، نعم. هذا جزء من الوجود. لكن ليس الى مستوى كبير، وليس الى حد تناول الادوية كما شخصية ميل غيبسون. كلنا يمكن ان نكتئب، وأن تنهشنا المشاعر السوداء. الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الحالة هي مواجهة الألم والتساؤل عما يسببه.


■ أنت لا تلتفتين ابداً الى الاعمال الخفيفة؟

- هذا صحيح! انا مثلاً لا استأجر ابداً افلام فيديو من نوع الكوميديات الرومانسية. اعشق الدراما: اعشق مشاهدتها وتمثيلها. هناك حيوية كبيرة فيها. اعشق ان أمضي اربعة اشهر من حياتي في تمثيل شخصية تتعارك مع قاتل متسلسل، هذا يعطي شعوراً بوحدة غريبة.


■ المخرجات النساء حالة استثنائية في عالم السينما الذكوري. هل إنه صعب على امرأة أن تتولى اخراج فيلم؟

- انه اسهل بالنسبة إلي من الأخريات، لكن كوني أصنع افلاما شخصية جدا فالأمر ليس حتمياً. وفيلم من نوع المشهدية الكبيرة سيكون دائما اكثر سهولة.


■ كيف تفسرين النجاح الدائم لمسيرتك المهنية الطويلة؟

- لو لم أقع في المهنة منذ كان عمري 3 سنوات لتمثيل اعلان، فأنا بالتأكيد كنت سأتبع طريقا آخر. أن أكون ممثلة لا يتلاءم أبدا مع شخصيتي. أما وقد حصل، فإذا كنت املك منذ انطلاقتي أسلوباً خاصاً بي، فلأنني أحسست نفسي دائماً مختلفة. لقد قاربت هذه المهنة بطريقة مختلفة.


■ ما هي شخصية الممثلة؟

- انها من تريد إظهار نفسها، ان تكون مركز الاهتمام. انا انسانة "داخلية"، لا أحب الحياة العامة، ولا يهمني الظهور والمظاهر.



■ بتعبير آخر انت ترفضين أن تلعبي لعبة هوليوود؟

- نعم، مع أنني امثل منذ خمس وأربعين سنة، لقد مثلت في خمسين فيلما وما زلت هنا وأنا سعيدة كوني في السينما. منذ الطفولة اعتمدت خطاً سلوكياً لم أحد عنه ابدا. ابدأ في الثامنة او التاسعة صباحا، وأحاول أن انتهي في الساعة السادسة. عملي هو أن امثل، أن أجري مقابلات، أضع الماكياج وأتصور. في نهاية النهار اعود الى منزلي، ولا أملك الرغبة في أن أتزين كي اخرج واستعرض نفسي. عملي ليس أنا، وأنا لا أخلط أبدًا بين الاثنين! في هذه المهنة هناك جوانب ساذجة جدا، مضحكة للغاية او عبثية، وهناك جوانب عميقة جدا ومرضية.


■ هل كان هناك منعطف حاسم اوصلك الى هذا الوضوح؟

- نعم في عمر الـ12 أو الـ13 سنة فهمت شيئا. يومها كانت الـBBC تخرج فيلما وثائقيا عني. لقد تبعوني في كل مكان: المدرسة، مع اصحابي... الخ. وفي احد الايام قال لي فريق التصوير: "غداً سنذهب الى ديزني لاند، ادعي اصدقاءك وسنصورك". بدأت أبكي، لم أكن اريد الذهاب هناك، لم تكن عندي الرغبة في ان تصبح حياتي استعراضا من نوع تلفزيون الواقع. عرفت بشكل اكيد أنني اريد ان ابحث عن تجارب حقيقية، تجاربي أنا. لم ارد أن يفسدوا هذه التجارب وأن يأخذوا حياتي.



■ عمرك الآن 48 سنة، وباستثناء بعض الحالات، فإن صناعة السينما قاسية ومجرمة في حق الممثلات في عمرك؟


- تصبح العروض والادوار اقل لكن هذه ليست مؤامرة (تضحك). القصص تكتب للأشخاص ما بين 20 و25 سنة، لكنني أحب فعلا الطريقة التي انتهجتها في مهنتي: لم أكن ابدا الفتاة الجميلة المثيرة التي تحتاج الى أن تستند الى كتفي رجل. ومهما يكن فإن فكرة التمثيل في عمر الخمسينيات لا تروقني جدا. وبالعكس، بعد عمر الستين سأعود الى العمق، لأنني سأكون الوحيدة التي لم تخضع لجراحة تجميلية وسأحظى بعمل كثير.


■ في العام 2012 تبلغين الخمسين، ما الذي احتفظت به من السنوات الاربعينية. كيف تواجهين المستقبل؟

- سنواتي الاربعون كانت مريحة. أعرف من أنا. أنا حرة. بعدما عرفت العصر الذهبي لسينما المؤلفين الاميركية في السبعينيات، وبعد حوالى نصف قرن من المهنة، ليس علي أن أثبت اي شيء لأي شخص، خصوصا لنفسي! لم اكن لأصير أبدًا نجمة بوب ولا بطلة اولمبية، فأنا لم أملك ابدا شكل المانيكان او المرأة المثيرة، لذلك لا آخاف أن لا تكون لي ادوار مع التقدم في العمر. وليس لي اهتمام بأن احتل غلافات المجلات. أتمنى أن أكرس نفسي لشغفي بالإخراج خلال السنين العشر المقبلة. أحلم بأن أجسد شخصيات من عمر 60 الى 80 سنة، كما فعلت سيمون سينيوريه، أن اظهر وجها عرف الحياة.


■ اخذت مسافات من هوليوود مع ولادة شارلي (13 سنة) وكيت (10 سنين). هل إنه خيار شخصي أو مهني؟

- الاثنان. ليس الأمر سراً. نحن نربي أولادنا بجروحنا. لقد قدمت لهما الحياة التي حلمت بها وأنا صغيرة: اوقات منظمة، المدرسة نفسها، الاصدقاء أنفسهم، استقرار افتقدته، وأحس نفسي موكلة بمهمة رسولية هي انقاذ العائلة، واستعادة شقيقاتي وأخي. والدتي اختارت مهنتي كممثلة. فكنت تحت الأضواء الكاشفة في جزء كبير من حياتي من اجل ان ترضي طموحاتها. شارلي وكيت يكبران بعيدا عن عدسات المصورين. لقد ابطأت من عملي كي اهتم بهما، وهما اليوم جاهزان ليتركاني أذهب (تضحك). أصبحت وساوسي اقل عندما أبتعد من اجل فيلم. في كانون الثاني (يناير) الماضي ذهبت الى باريس لتصوير فيلم "Le Dieu Du Carnage" المقتبس من مسرحية لياسمينا ريزا بإدارة رومان بولانسكي.