2013/05/29

«حائرات» بين الطلقة والقبلة
«حائرات» بين الطلقة والقبلة


سامر محمد إسماعيل – تشرين

لم يأتِ سمير حسين من خلفية المخرجين الصبيان الذين تتلمذوا على أيدي شيوخ كار هذه «الصنعة»، فالرجل درس التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية،

ليكمل بعدها دراسته للإخراج السينمائي في بريطانيا، كما أنه لم يخضع لشركات إنتاج صدّرت مساعدي الملابس ورجال الخدمات الفنية بين ليلة وضحاها على أنهم مخرجون لا يُشق لهم غبار، ولذلك من الأهمية بمكان أن ننتظر من هذا الفنان في كل موسم من مواسم الدراما أعمالاً تحمل الجديد والمفاجئ، ولاسيما بعد تحقيقه العديد من الأعمال التي وقف الجمهور عندها كثيراً، من «قاع المدينة» إلى «وراء الشمس» وصولاً إلى «دليلة والزيبق».

لقد عمل صاحب «ليل ورجال» على مشروعه الفني بعيداً عن الثيمات الجاهزة، بعيداً عما تسعى شركات المال الجاهل إلى تسويقه للمشاهد العربي، وهاهو يُتم عمليات المونتاج الأخيرة لمسلسله الجديد «حائرات» عن نص لأسامة كوكش، ومن إنتاج مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني.

هنا يتصدى الحسين للأزمة السورية مُسجلاً وثيقةً دراميةً لافتة، سنحت لي الفرصة للاطلاع على مقاطع عرضية منها، فلن نكون أمام «نساء على حافة الانهيار العصبي» بقدر ما سنكون مع بلاد على حواف مختلفة وخطرة وزلقة، فالمسلسل شجاع بما يكفي لتقديم النظرة الأولى عن نماذج نسائية نطل عبرها على موشور من الأزمات الأخلاقية والإنسانية والسياسية والاقتصادية للبلاد، فكاميرا حسين لا تتهرب من شيء، ولا ترى حرجاً في مجابهة الواقع بالدراما،على العكس، ترى في الظرف الراهن فرصة لالتقاط الدفين والقاسي والصادم، كاميرا تنقلنا مع رحلة من التهجير القسري لعائلة «نسرين- ميسون أبو اسعد» من بيتها على أطراف العاصمة، إلى رحلة كأنها تغريبة سورية، بل كأنها تغريبة كل السوريين منذ اندلاع أزمتهم الأقسى تاريخياً في 15 آذار 2011، رحلة تتبعها الحسين مشتغلاً مدة ما يقارب ثمانية أشهر على «حائراته» ما بين إعادة كتابة للنص وتحضير وتصوير ومونتاج، تدفعه رغبة هائلة في توجيه سبابة المشهد إلى مواضع العطب الجماعي، إلى هذا الخراب المتروك على غاربه، عن أحلام وطنٍ تحلم نساؤه به وهن يلملمن ذكرياتهن وأحزانهن من على تخومه الجريحة، فالاجتماعي هو الخيار الأمضى لحائرات سمير حسين، الاجتماعي هنا هو المسافة الوهمية بين الطلقة والقبلة، بين المسدس والحب، بين أغاني فيروز وأصوات القذائف، بين الياسمين والسيارات المفخخة..