2012/07/04

حديث صحفي مع جميلة بوحريد
حديث صحفي مع جميلة بوحريد

  الدنيا تقدم هذه المقابلة. مع جميلة بوحريد المجاهدة العربية الجزائرية التي جاءت ورفيقتها في الجهاد زهراء بوظريف، وكان لهما مع دمشق لقاء العمر. فلقد تمكنت (­الدنيا) من مقابلة المجاهدة العربية، ملحمة البطولة الخالدة، جميلة بوحريد، وكان لقاؤها بها في قصر الضيافة وقبل دقائق من استعدادها لغادرة القصر وكانت فرصة نادرة سنحت لأحد محرري (الدنيا) حين وجد نفسه على مقربة من المجاهدة يسألها:   ما هو شعورك وأنت تواجهين هذه العاطفة الجياشة يقابلك بها أبناء الشعب العربي في سورية؟ قالت المجاهدة في صدق وحرارة: إنه شعور الذي لا يتمكن من السيطرة على نفسه فيبكي من شدة التأثر. إن كياني كله يهتز من شدة  الفرح وأنا أرى أخوتي في الكفاح والنصر حقيقة بعد أن كنت أتمثلهم بجانبي في الماضي. وكيف رأيت دمشق؟ في منتهى الروعة. وطالما كانت تراودني رغبة في زيارة هذه المدينة. فلقد عاشت دمشق في مخيلتي لكثرة ما قرأت عن أمجادها وعن بطولات أهلها. وما هو برنامجك بعد زيارة سورية؟ لقد جئت إلى سورية الحبيبة لأرد التحية للشعب العربي الباسل زهراء جولتنا في البلاد العربية الجزائرية.وسوف أتابع ورفيقتي زهرة جولتنا في البلاد العربية الشقيقة، وسنقوم بزيارة الجمعيات النسائية المختلفة. ومن ضمن برنامجنا أيضاً طلب المساعدات لجمعية الجيل الجديد التي أخذت على عاتقها رعاية اليتامى ممن قتل ذووهم أو شردوا. ومتى تنتهي زيارتك للبلاد العربية؟ ينبغي أن أعود إلى الجزائر قبل نهاية هذا الشهر وذلك لحضور الاحتفالات بمناسبة عيد الثورة. ووضعت المجاهدة العربية جميلة فنجان القهوة على المنضدة المجاورة لها، وتبادلت بعض العبارات الرقيقة مع إحدى السيدات من الاتحاد النسائي. ووجدتها مناسبة فسألتها: ما هو رأيك بالمرأة السورية؟ في الواقع إن إعجابي بالمرأة السورية لشديد. فقد لمست عندها إمكانيات نادرة للعمل البناء في ميدان النشاط الاجتماعي. وإننا نعتبر المرأة السورية طليعة النساء العربيات. وهل حقاً ستنصرفين للعمل في ميدان النشاط الاجتماعي، بعيداً عن السياسة؟ مبدئياً سأبذل كل جهودي لخدمة ورعاية المنكوبين من الأطفال والنساء والرجال. وإن العمل في ميدان الخدمة الاجتماعية من صميم العمل السياسي، لأن من أهداف هذا العمل النهوض بالمجتمع والارتقاء بالمستوى الاجتماعي لأفراده. والصحافة؟ هل ستكون طريقك لتنفيذ هذا البرنامج؟ إن ما نشر من أخبار حول عملي في الصحافة لا يخلو من صحة! بماذا تشعرين وأنت تتكلمين اللغة الفرنسية لتعبري عن آرائك بطلاقة؟ كما يشعر كل جريح. إن حديث باللغة الفرنسية جرح في معركة الجهاد سببه الاستعمار. ولكن هذا الجرح سيندمل قريباً. إن تعريب الجزائر واجبنا الأول اليوم. والتقت نظراتها بنظرات رفيقتها المجتهدة زهراء، وابتسمتا. قلت لها وأنا أختلس النظر إلى وجه المجاهدة زهراء: والمرأة الجزائرية، ما رأيك فيها؟ قالت: أنها تفهم دورها جيداً. ولقد خلقت حرب التحرير الجزائرية المساواة التامة بين الرجل والمرأة عندنا. كانت الفتاة طوال سبع سنوات ونصف تجتهد جنباً إلى جنب مع الرجل في الجبال وتحت الأرض ومع الجرحى وفي السجون. وهي الآن بعد التحرر تقف أيضاً إلى جانبه في كافة الميادين لبناء الجزائر، جزائر الغد. وسوف تنتصر المرأة الجزائرية في معركة البناء كما انتصرت في معركة الحق. ومتى بدأ كفاحك؟ في عام 1957 عندما قبض علي في شهر نيسان وأنا أحمل أوراقاً ذات أهمية بالغة موجهة من جبهة التحرير الوطني إلى ياسف السعدي وبعض الرفاق. والحديث عن هذه الفترة يطول.. إنني أعتذر، ولكن هل تفكرين في نشر مذكراتك ليطلع الرأي العام العربي والعالمي على وحشية الفرنسيين في تعذيب أسراهم؟ طبعاً. وقد كنت دونت جانباً منها إلا أن الفرنسيين وضعوا أيديهم عليها. وسوف أواصل تدوين المذكرات وأضمنها شتى صنوف المعاملة التي لقيها أبطال المعركة. أخيراً ما هو أكثر شيء أثر في نفسك خلال فترة السجن؟ إنه منظر أفواج الوطنيين المجتهدين وهم في طريقهم إلى مشانق فرنسا. كانت سلطات الاستعمار تتعمد مرورها أمامنا لتحطيم معنوياتنا. ولكن كل فوج كان يلهب دماءنا أكثر ويزيدنا إصرارا على الثبات ومواصلة الكفاح. إنني أشكرك باسم هيئة التحرير لمجلة الدنيا. وأنا بدوري أحملك إليهم خالص شكري راجية للمجلة كل الازدهار.   الدنيا الجديدة 26/10/1962