2013/05/29

حــــــوار محمـــد الأحمـــد المـــديـــر العــــام للمــؤسســـة العـــامـــة للســـينما
حــــــوار محمـــد الأحمـــد المـــديـــر العــــام للمــؤسســـة العـــامـــة للســـينما


زبيدة الإبراهيم – البعث

> أصدرت المؤسسة العامة للسينما منذ حوالي أسبوع قائمة جديدة لـ 25 فيلماً قصيراً جديداً ستنتجها ضمن المجموعة الثانية من مشروع دعم سينما الشباب الذي بدأته العام الماضي، والذي حققت خلاله إنتاج عشرة أفلام سيكون مخرجوها جزءاً من المشهد السينمائي السوري، ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا المشروع ومواضيع تتعلق بالإنتاج السينمائي السوري التقت البعث محمد الأحمد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما  ليضعنا في صورة المجموعة الجديدة من هذا المشروع ومواضيع أخرى تتعلق بالمؤسسة ونشاطاتها المختلفة، وعن سر الاهتمام المفاجئ بمشاريع الشباب .

الأحمد افتتح حديثه قائلاً:

ليس اهتماماً مفاجئاً بالعكس فقد كان موضوع إنتاج أفلام قصيرة لمخرجين شباب من أولويات المؤسسة منذ عام 2001 إضافة لإنتاج الأفلام الطويلة ومهرجان السينما وتزويد المعمل بالمعدات ،لكننا بالفعل كنا محكومين بأمر مادي لم يكن موجوداً وعند توفره تمكنا العام الفائت من فرصة إنتاج عشرة أفلام لمجموعة من الشباب والشابات الجدد، وقريباً سندعو لحضور هذه الأفلام التي أنتجناها العام الماضي في صالات السينما ، وفي العام الحالي طورنا الحالة وزاد الكم أكثر من الضعف، فمؤخراً انتهت اللجنة المكلفة بالقراءة من اختيار 25 فيلماً من أصل 84 نصاً تقدمت بها مجموعة من الفنانين الشباب إلى المؤسسة بغية إنتاجها وحقيقة هي فرصة أن أقول إن بعض مشاريع هذه الأفلام قد ظلمت فنحن محكومون بعدد معين من الأفلام لكن هذه حال الأشياء فمشروعنا هو لـ 25 فقط  من هذه الأفلام.

< مـا هي الأسباب التي جعلتكم تتحمسون لهذا المشروع؟

<< الحقيقة أن مشروع دعم سينما الشباب بالنسبة لنا مرتبط بأمرين الأول هو احتضان مجموعة من الشباب الذين علينا أن نكتشفهم فنحن لا يمكن أن  نعرف مقدار موهبة فنان ما إلا حين نجرّبه ففي كل سينمات الدنيا بدأ أغلب المخرجين الكبار مثل ديفيد لينش ،سبيلبرغ ، هيرتزوغ، وبرتولوتشي حياتهم بأفلام قصيرة وباتت هذه الأفلام تعتبرمن الكلاسيكيات التي يحتفى بعرضها، وعندما زارنا المخرج الكبير أمير كوستوريتسا منذ ثلاثة أعوام أهداني مجموعة من أفلامه القصيرة التي صنعها في بداية حياته الفنية والتي بشرت بولادة مخرج كبير، هذا هو الشق الأول، فالغاية الأولى هي أن نكتشف وجوهاً واعدة وجديدة وشابة، أما الشق الآخر فهناك مسألة نفتقدها في سورية والوطن العربي وهي طقس عرض الفيلم القصير، ففي أوروبا وأمريكا هناك دائماً صالات تختص بعرض الفيلم القصير فنحن ننوي من هذا المشروع اكتشاف الوجوه، وأيضاً التأكيد على ثقافة عرض الأفلام القصيرة في الصالات لأننا نعلم اليوم أن هذه هي أيام الفيلم القصير فهذه الفترة وبإحصائية بسيطة نجد أن عدد المهرجانات المخصصة للأفلام الطويلة في العالم حوالي 300 مهرجان، ولكن عدد أفلام المهرجانات القصيرة يصل إلى أكثر من  1600 مهرجان في العام الواحد وهذا دليل على أن الفيلم القصير حالة منتعشة عالمياً ونحن نعي ضمنياً مسألة مهمة أن المؤسسة العامة للسينما هي المؤسسة الوحيدة الدائمة الانتظام في تبني مشروعات إنتاجية، فهي إلى جانب إنتاج الفيلم القصير والطويل تقوم بدعم سينما الشباب الذي أعتقد أنهم من الصعب أن ينالوا هذا المراد في مواقع أخرى، فكل المؤسسات الأخرى والقطاع الخاص يعتبر أن إنتاج الأفلام الخاصة بالشباب هي من مهمة الدولة وهذا الكلام صحيح، لذلك المؤسسة العامة للسينما تعي أنه مع تطور الإنتاج الدرامي في مختلف القطاعات العامة والخاصة وحتى يكون الشباب جزءاً من هذا الدور على المؤسسة أن تقدم لهم الفرصة بغية إنتاج الفيلم الأول وهو بند من بنود إحداثها أن نكتشف وجوهاً واعدة وأن نفكر بمنطق هذا الجيل الذي لديه الكثير ليحكي عنه.

< لكن ماذا سيحل بهذه الأفلام بعد إنتاجها؟

<< طبعاً العديد من الأصدقاء يوجهون لي سؤالاً، ما هي الخطوات اللاحقة بعد إنتاج هذه الأفلام، طبعاً من المعروف أنه يتوجب علينا أن نعرض هذه الأفلام وأنا سأحاول جاهداً أن نضيء على هذا الحدث الإضاءة الإعلامية الوافية، ولابد من أن أي فيلم تنتجه المؤسسة العامة للسينما أن تقوم بعرضه .

المسألة الثانية هي المشاركة في المهرجانات، والحقيقة كان من الممكن أن تكون مشاركاتنا كبيرة لو كان الظرف الذي تمر به البلاد مختلفاً، ففي هذه الأزمة بكل أسف أوقفت بعض المهرجانات التي كنا نتعاون معها التعامل معنا نتيجة الظروف الحالية، لكن لا يزال المدى واسعاً ومفتوحاً بمشاركات كثيرة وهناك مسألة هامة أخرى فبعد إنتاج هذه الأفلام لا بد من تقييم ما أقدمنا عليه فأنا لا أقول اليوم بأن جميع الأفلام التي أنتجناها ستتمخض عن فكر كبير وتقنيات سينمائية هامة، هي فقط كما نتلمس طريقاً جديداً وضعنا أقدامنا على بدايته وسنخطوها بثقة أكبر في الأيام القادمة، هذه اللجنة التي اختارت النصوص ستشاهد هذه الأفلام لتقييم ما تم إنجازه وأعتقد أنه ستكون لدينا أفلام مهمة من بين هذه الأفلام المنتجة وسنتعرف على مجموعة من الشباب الذين يتمتعون بمواهب حقيقية، وهناك مثال من إنتاجات بعض الأفلام التي حققتها المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، هذه الأفلام جعلت عدداً من المخرجين الشباب يحضرون إلينا بعد تجربتهم هناك وباتوا يعاملون لدينا معاملة المحترف بعد نجاح أفلامهم وكمثال فيلم "نخاع " من سيناريو علي وجيه وإخراج وسيم السيد، الذي حصد أكثر من جائزة اليوم من صنع هذا العمل سواء الكاتب أو المخرج سيكون لهم تجربة في المؤسسة ليست ضمن مشروع دعم سينما الشباب إنما ضمن إنتاجات الأفلام القصيرة التي تنتجها المؤسسة العامة للسينما عادة ومن هنا تنبع أهمية الخطوة وهو أن نكتشف أسماء واعدة والتعرف على مخرجين جدد سيكون لهم مستقبل .

< من الأفلام القصيرة إلى الأفلام الطويلة ما هو مصير الأفلام التي أنتجتموها منذ عامين، أين هي الآن؟

<< كلنا يعرف أنه في العام الفائت أنتجت المؤسسة العامة للسينما مجموعة كبيرة من الأفلام فلأول مرة تنتج المؤسسة خمسة أفلام في عام واحد وهذا العام لدينا خطة لإنتاج العدد نفسه من هذه الأفلام وكان لدي رغبة شديدة أن نقيم مهرجاناً لهذه الأفلام ضمن مهرجان للسينما السورية لكن الظروف لم تسمح بذلك لذلك آثرنا أن نعرض هذه الأفلام فيلماً تلو الآخر وبدأنا التجربة مع فيلم "مريم" لباسل الخطيب وكان فيلماً كبيراً نفتخر كمؤسسة بإنتاجه،  وهنا أستشهد بصديق كان عضواً بلجنة التحكيم عندما شارك الفيلم في مهرجان الداخلة في المغرب قال لي بالحرف الواحد بمجرد حضور أعضاء اللجنة لهذا الفيلم لم يستغرق النقاش حوله عن منحه الجائزة لأكثر من خمس دقائق وكان الاتفاق مباشرة بأن  فيلم "مريم" هو الأفضل بين أفلام شاركت وحصدت جوائز في دبي والقاهرة ومهرجانات عربية ودولية أخرى، ومن هنا فعلاً هي فرصة للقول إنه بعد فيلم مريم سيكون لدينا تباعاً عرض خاص لفيلم "صديقي الأخير" من إخراج جود سعيد و أيضاً فيلم "العاشق" بمجرد عودة المخرج عبد اللطيف عبد الحميد من  موسكو، وهناك فيلم تلفزيوني أنتجناه من أجل التنويع في وجهات النظر  هو فيلم "عرائس السكر " للمخرجة سهير سرميني وكذلك هناك فيلم ميوزيكال بعنوان "ليلى والذئاب" من إخراج محمد عبد العزيز وستعرض هذه الأفلام تباعاً ضمن عروض جماهيرية  في عدة صالات في سورية. أما بالنسبة لإنتاجاتنا هذا العام فبعد فترة قصيرة سينتهي المخرج محمد عبد العزيز من تصوير فيلمه الجديد " ملائكة النهار " وهناك أيضا فيلم جديد لباسل الخطيب كتبه سامر محمد اسماعيل بعنوان "ثلاث حيوات للوردة " مأخوذ عن قصة للكاتب محمود عبد الواحد وهناك فيلم جديد للمخرج جود سعيد بعنوان "أعراس الخريف "وهو يتهيأ هذه الأيام للدخول في عمليات تصويره ولدينا فيلم آخر نتباهى بإنتاجه هذه الأيام  وهو فيلم تسجيلي طويل بحدود 75 دقيقة عن الجيش العربي السوري هذه المؤسسة الوطنية العريقة ، وقد انتبهنا خلال إنتاج هذا الفيلم إلى مسألة أن الأفلام التي تناولت الجيش العربي السوري سواء كانت من إنتاج التلفزيون العربي السوري أو الإدارة السياسية أو المؤسسة العامة للسينما كانت أفلاماً قصيرة لا أعتقد أنها تفي هذه المؤسسة حقها لذلك اتجهنا أن ننتج هذا العام فيلماً تسجيلياً طويلاً عن تاريخ الجيش العربي السوري منذ نشأته حتى يومنا هذا وهناك أيضاً مشروع تقدمت به الكاتبة سهى مصطفى وهنا أحب أن أنوه إلى أن إنتاج المؤسسة العامة للسينما ليس فقط  لمن ذهب على حساب المؤسسة   وتخصص، لكن هي مفتوحة لكل المواهب ولكل من درس السينما ولهذا نجد أن هناك فيلماً لمحمد عبد العزيز وهو ليس من موظفي المؤسسة العامة للسينما وكذلك سيكون هناك تعاون مع المخرج سمير حسين الذي نعرفه كمخرج تلفزيوني في عدد من الأعمال الناجحة وهو خريج السينما بمعنى أنه سيكون إنتاجنا هذا العام من أربعة إلى خمسة أفلام طويلة إن شاء الله .

< ما هي الاستراتيجية التي تتعاملون بها مع هذا الظرف الخــــاص الذي تعيشه ســــورية وكـــيف ينعكس هذا على أدائكم ؟

<< أسمع البعض يقول إنها مفارقة ..فحين كانت الأمور أكثر استقراراً كنا ننتج فيلماً أو فيلمين، نحن الآن في أزمة وأصبحنا ننتج خمسة أفلام في العام الواحد، وأنا برأيي ليست مفارقة هي مسألة منطقية، فحين تواجه أي أمة أزمات قوية يكون للفعل الثقافي حضوره الأكبر فالثقافة هي  دائماً شاهد على كل متغيرات المجتمع وهنا تحضرني جملة للأديب الإيرلندي برنارد شو يقول: الثقافة تبدأ حين ينتهي كل شيء، وأريد أن أقول إن العامين الفائتين وهما عمر الأزمة في سورية كان عطاء وزارة الثقافة أكبر والتظاهرات السينمائية أكثر حيث أدركنا  أنه يجب علينا أن نعمل أكثر وواجبنا أكبر في هذه الأزمة وأن يكون لدينا حافز لتقديم ما هو أفضل وأعتقد أن أجمل أفلام أنتجتها المؤسسة كانت في هذين العامين بالرغم من القلق  الذي ينتابنا على مجموعاتنا الفنية المنتشرة بكثرة في الطرقات والساحات، لكن الدافع كبير ويجب أن نعمل ولا نتوقف ويجب أن تبقى الثقافة حاضرة والسينما عنواناً أساسياً في ثقافتنا .

< مع غياب الجمهور في الصالات بشكل كبير هل لدى المؤسسة أي خطة بديلة  لعرض الأفلام السورية ؟

<< طبعاً المنتج يجب أن يعرض ويسوق إنتاجه والفيلم السينمائي صناعة ثقافية حضارية وأن تنتج دون أن تعرض يصبح هناك خلل في الميزان من هنا أرى في هذه الفترة أنه بسبب عدم رغبة الجمهور بالحضور في الصالات بشكل كبير لا بد من دور للتلفزيون يؤازر السينما. والتلفزيون من مهامه  الأساسية أن يسوّق ويعرض الأفلام السينمائية لذلك اتفقت مع المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أنه سيتم خلال الفترة القادمة عرض مجموعة من الأفلام على شاشات التلفزيون السوري والحمد لله صار عددها كبيراً. وهنا أريد القول إننا نعاني من مسألة النسخ القديمة من أفلامنا السورية الموجودة في التلفزيون فهذه النسخ لم تعد صالحة للعرض وبعضها تالف، لذلك لا بد من خطة لإعادة طباعة هذه الأفلام من جديد وستتحقق إن شاء الله قريباً.

< كتب الفن السابع هي واحدة من أهم المراجع السينمائية الثقافية في المكتبة السينمائية العربية أين هي في خطة المؤسسة العامة للسينما في هذا العام؟

<< كنا في العادة نطبع حوالى الـ 25 كتاباًً سنوياً من كتب الفن السابع ونعرضها ونوزعها في المهرجان ، وفي العام الماضي طبعنا 30 كتاباًً ولدينا خطة لنفس العدد هذا العام، وهكذا نجد أننا لم نتوقف برغم الظروف وهذا يعطي فكرة حقيقية عن مقدار التحدي الذي تعيشه المؤسسة ونجاحنا فيه.

< تعودنا أن تقيم المؤسسة عدداً من التظاهرات في كل فترة هل هناك خطة لتظاهرات جديدة؟

بعد توقف مهرجان دمشق السينمائي للسنة الثانية على التوالي نحاول تعويض هذا الغياب من خلال التظاهرات وهذا العام لدينا مجموعة من التظاهرات إضافة للعروض الخاصة للأفلام السورية التي نوهنا عنها في بداية حديثنا وهناك تظاهرة للأفلام القصيرة المنتجة حديثاً وكذلك هناك تظاهرة تحت عنوان أفلام "قوس قزح" التي تعرض لأهم تيارات السينما، وسنحاول عبر هذه التظاهرة عرض مدارس سينمائية متنوعة، ونحن نعلم أن الإقبال على صالة السينما ضعيف جداً لكننا نؤكد أنه لو كان هناك متفرج واحد في الصالة فلا نستطيع أن نتوقف وسنعمل على زيادة العدد. عروضنا لأفلامنا لن تتوقف وتظاهراتنا لن تتوقف ونحن نسير إلى الأمام دون أن يحبطنا أي شيء.