2012/07/04

شكري الريان

أول فيلم سينمائي حضرته في حياتي كان فيلما سوريا.. تقريبا.. واعذروني لعدم تذكر العنوان، ولو أني أتذكر ولن أنسى سينما دمشق حيث حضرت الفيلم.. أما عن كون الفيلم سوريا، فإن المرحوم محمود جبر وفنان الشعب رفيق سبيعي، كانا يكفيان ليجعلاه سوريا. وإن أضفنا الإنتاج، وبالرغم من أني لم أكن أهتم بهذه التفاصيل في ذلك الوقت، ولكن أقول أن المنتج كان سوريا حكما، فجزء من الفيلم صور في سوريا. وباقي التركيبة كانت معروفة في ذلك الوقت. المرحومة ناهد شريف.. النجم نور الشريف.. والفنان محمد جمال.. وبدون مواربة، كثير وكثير جدا من اللحم.. هذا ما بقي في ذاكرتي من ذاك العصر الغابر، وأنا على أبواب مراهقة أدين فيها "لمشاريع ترويج السينما السورية" في ذلك الوقت، بفتح أبواب جناتها أمام... أحلامي..

وأول فيلم حضره ابني البكر في حياته كان "رسائل شفهية".. وهنا أتذكر وتتذكرون معي كامل التفاصيل.. ولكن كون الفيلم الأول الذي حضره في حياته كان سوريا، أمر له وقع خاص عنده وعندي على حد سواء.. وبالنسبة له لا أدري ما هي الأحلام التي استبقاها من ذلك الفيلم.. وهو في كل الأحوال لم يكن في عمر يسمح له بالاحتفاظ بلحظات حميمة لأحلام أكثر حميمية.. ولو أن الفيلم من هذا الجانب بقي محافظا على "أصالة" من نوع خاص، على الأقل من وجهة نظر بطل الفيلم، وأحلامه التي هي أحلامنا أيضا..

إبني الثاني يفوقني ويفوق أخيه الأكبر حبا للسينما.. وأجزم أنه شاهد من الأفلام ما يزيد عما شاهدناه (أنا وأخاه) مجتمعين.. ولكن لم يكن من بينها فيلما سوريا واحدا.. واعذروني مرة أخرى، ليس لأنني لم أصطحبه إلى فيلم سوري كما فعلت مع أخاه الأكبر، فهذه لن يلومني عليها أحد، ولكن لأني لم أحدثه عن ذكرياتي مع السينما في بلاده (بعد حذف الحميمية أعلاه بالطبع.. فهذه لذة اكتشافها تكمن في فرديتها.. المطلقة).. أحدثه عن ذكرياتي مع السينما في بلاده، على الأقل ليعرف أن هناك تجارب مضت ويمكن أن تعاد.. فمن يدري، قد يحضر ابني وأصدقاءه فيلما سوريا، في يوم من الأيام.. فهذه لن نفقد الأمل بها.. ولكن هل أبناؤنا معنيين بهذا الأمل من الأصل؟!!!..

سؤال نتركه مفتوحا مع نيتنا في موقع بوسطة على فتح ملف السينما السورية على مصراعيه، مستغلين نهاية المهرجان ليكون بداية لمراجعة نريدها أن تكون حقيقية وبدون تجني، ولكن بدون أية مجاملة أيضا.. فنحن أمام مسؤولية لا ندري لم تخلى البعض عنها، بالرغم من أنه أصر على أنه يقوم بها... عبر مهرجان!!!.. وحتى لا نكون متجنين بدورنا نود أن نسأل إن كان تحميل المؤسسة العامة للسينما هذه المسؤولية.. كاملة.. منصفا بدوره، وإن كانت هناك جهات أخرى يجب أن تعطي هذه الفرصة لتحمل المسؤولية للقيام بصناعة لا تحتاج إلى كبير جهد لندرك أهميتها في تشكيل وعي جيل وأجيال، ولو بشكل جزئي.. ولو عبر ذكرى قد تعود بعد سنين حاملة معها بعض حنين إلى مكان، كان بدوره شعار المهرجان الأخير..

المقالة هذه افتتاحية لموضوع سيتشعب وستطرح تفاصيله خلال القادم من الأيام.. ونود منكم، أسرة بوسطة، أن تساهموا معنا فيما تروه مناسبا من آراء وتحليلات وبشرطين بسيطين.. الأول أن هذا المنبر هو للحوار وليس لتبادل... الاتهامات (من باب التخفيف).. والثاني أنه وإن كان لابد من هجوم فليكن على سلوكيات وليس على أشخاص.. ونثق أنكم تتفقون معنا في هذين الشرطين..

سنباشر من طرفنا.. ومع أملنا بأن نكون عند حسن ظنكم.. نأمل أن تكونوا معنا كمشاركين...