2012/07/04

 	  راسل كرو لـ الشرق الأوسطإنجاز «روبن هود» كان ممتعا
راسل كرو لـ الشرق الأوسطإنجاز «روبن هود» كان ممتعا

  محمد رُضا – الشرق الأوسط خامس لقاء بين الممثل راسل كرو والمخرج ريدلي سكوت، تمت ترجمته إلى دور البطولة في فيلم «روبن هود». وفي حين أن الفيلم يختلف تماما عن أي نسخة سابقة من الحكاية الشعبية، فإن أداء كرو يبقى في نطاق المتوقع منه، مثلما شاهدناه في «غلادياتور» أحد الأفلام السابقة التي أخرجها سكوت، من بطولة هذا الممثل. الأفلام الثلاثة الأخرى هي: «سنة طيبة» و«أميركان غانغستر» و«كيان من الأكاذيب». راسل كرو نوع من الممثلين الذين يضيفون إلى حضورهم الجسدي المدهم موهبة التشخيص غير المحلاة بطعم الحداثة. إنه لا يمثل للكاميرا، لكنه يدرك أنها موجودة، ويدرك أنها ستعكس ما يستطيع أن يستحوذ عليه من مشاعر وردود فعل نراها تصل إلى الشاشة العريضة بأبسط تقنيات التمثيل، وفي الوقت ذاته لا تتطلب تعقيدا أو أداء مسرحيا، أو طريقة تنتمي إلى واحدة من تلك المدارس التي عرفنا عليها مونتغمري كليفت أو مارلون براندو أو لورنس أوليفييه. ولد قبل 46 سنة في نيوزيلندا، لكنه عاش، منذ أن كان صغيرا، في أستراليا وأحب التمثيل، وظهر على شاشة التلفزيون الأسترالي. حتى مطلع التسعينات كانت شهرته مقصورة على أستراليا، لكنها ازدادت بفضل بضعة اختيارات صائبة، من بينها فيلم جوسلين مورهاوس «برهان» سنة 1991. بعد أربع سنوات حط في هوليوود، ومثل أمام شارون ستون «السريع والميت» لسام ريمي، وبعد ذلك بعامين شارك في بطولة الفيلم البوليسي «L.A. Confidential» للمخرج كيرتس هانسون، إلى جانب الممثلين كيفن سبايسي وجيمس كرومويل وغاي بيرس وكيم باسنجر. لقاؤه الأول مع ريدلي سكوت كان في سنة 2000 حين تم اختياره لبطولة ذلك الفيلم التاريخي حول ثورة عبيد العهد الروماني، كما الحال هنا، وكما الحال في فيلم ريدلي سكوت التاريخي الآخر «مملكة السماء». فالزاوية التي ينظر فيها المخرج إلى الحدث مختلفة وجديدة. في «روبن هود» يؤدي راسل كرو الشخصية المذكورة بإقناع. وكما أن القصة المسرودة جديدة، كذلك الشخصية التي يؤديها كرو، وبالمقارنة مع نسخ الأربعينات والخمسينات من حكايات روبن هود، فإن بطلنا لا يعكس - طبقا للفيلم - حبا للحركة الكوميدية أو الموقف الهزلي، بل يكتسي تشخيصا جادا مناسبا لمعالجة ريدلي سكوت للفيلم. التقت «الشرق الأوسط» بالممثل راسل كرو فكان معه الحوار التالي: * هذا فيلم يختلف كثيرا عن أي «روبن هود» شاهدناه؛ هل اشتركت في توجيه هذا الاختلاف؟ - هناك جانبان لهذا السؤال؛ بالنسبة لتطوير الفيلم من المادة المكتوبة إلى الصورة التي نشاهدها، فإن اشتراكي كان مساهمة تامة، الجانب الثاني ينتمي إلى اختيارات المخرج، وهذا ليس لي شأن به؛ فهذا أمر يخص المخرج دائما؛ فحين جلسنا، ريدلي وأنا، بعد أن كتب كل منا تصوره عن الفيلم تساءل كل منا إذا ما كانت هناك نسخة سينمائية مصورة رائعة أو بمثل الحجم المنشود. الجواب الذي اتفقنا عليه هو لا، لم يكن هناك فيلم ذهب إلى ما ذهبنا نحن إليه؛ لماذا وكيف ولدت أسطورة روبن هود وما هو التاريخ الحقيقي لهذه الشخصية، في حين أن المعلومات عن بعض الشخصيات الأخرى، مثل شخصية ريتشارد قلب الأسد، كانت متوافرة تستطيع أن ترسم منها صورة فعلية. الشيء الثابت أن ريتشارد قلب الأسد انطلق ليحارب ما اعتبره حروبا مقدسة تحت راية الكنيسة التي أضفت عليه لاحقا هالات البطولة وساهمت في تخليده. لقد أعادوا كتابة التاريخ الذي لم يكن مجيدا؛ فالحرب الصليبية لم تكن كذلك. وعندما اجتمعنا لكي نخطط الحبكة تبين لنا أن علينا السعي لاستخراج الحقيقة من الفترة التاريخية، وتقديم روبن هود جديد، كذلك ريتشارد جديد. إنجاز هذا الفيلم كان ممتعا لكن الرحلة التي خضناها لكي نحقق العمل كما يجب كانت متعبة. * ما الذي حدث للصورة التي نشأنا عليها، تلك التي تتجاهل التحليل مهما كان واقعيا لقاء الصورة الترفيهية المحضة؟ - وجدنا أنه لا مجال لها في عملنا هذا، والسبب هو أن السينما عرفت تلك الصورة كثيرا في السابق، وإلى حد كاف. هذا سبب أول. السبب الثاني هو أننا أردنا أن نسبر غور الشخصية كما لم نعهدها من قبل، ولا تستطيع أن تفعل ذلك مع الشخصية من دون علاقاتها، ومن دون الشخصيات الأخرى، ومن دون أن يصبح الفيلم على هذا النحو العقلاني إذا أحببت. وعلى ذلك - وأعتقد أنك شاهدت الفيلم وقد توافقني - فيلمنا يحمل قيمة ترفيهية كبيرة. * هل كنت تعرف كيت بلانشيت شخصيا قبل هذا الفيلم؟ - لم أكن أعرفها حقيقة. طبعا كنت شاهدت لها الكثير من الأفلام، ورأيتها مناسبة جدا؛ فلقد جئت من عائلة ممثلين أستراليين منتشرين اليوم كما تعلم، وتضم كيت بلانشيت وجيفري راش ونيكول كيدمان. ذات مرة كنت ضيفا في حلقة تلفزيونية، وطرحت سؤالا مباشرا على الحضور: «هل تعتقدون أن علينا أنا وكيت بلانشيت تمثيل فيلم معا؟». وكان الجواب مؤثرا؛ حيث قالوا جميعا: «نعم». وكانت كيت تشاهد البرنامج في منزلها، وحين اتصلت بها في اليوم التالي مباشرة، وسألتها إذا ما كانت توافق على تمثيل دور ماريان في هذا الفيلم. قالت بلا تردد: «نعم». * كيف كانت إذن خلال التصوير؟ - ربما السائد نظرا لنوعية أدوارها أنها صعبة التعامل، أو أنها تمثل وحدها حتى حين تكون وسط الجميع، لكني وجدتها دافئة ومستعدة للتواصل، وكانت رائعة بشكل يومي. * استكمالا للموضوع المتعلق بالمنحى المختلف لهذا الفيلم، هل شاهدت النسخ القديمة التي لعبها إيرول فلاين أو دوغلاس فيربانكس.. وهل حاولت تجنب شيء معين في أدائهما؟ - نعم، شاهدت النسخ التي ذكرتها. وأحد الأشياء التي لم أرد القيام بها هو وضع يدي فوق خاصرتي وأقول شيئا وأضحك (يضحك راسل كرو على طريقة إيرول فلين في فيلم «مغامرات روبن هود» الذي أخرجه مايكل كورتيز سنة 1939) قلت في نفسي إنني لست بحاجة إلى مثل هذا التمثيل. المفارقة أن الكثير مما صورته السينما سابقا اعتمد على ما كتبه السير وولتر سكوت الذي كتب بعد عدة قرون من حياة روبن هود. وكتبها على نحو مغامرات، وليس على نحو توثيقي أو واقعي على أي حال. * لعل واحدا من الاكتشافات مسألة أن روبن هود تقمص شخصية روبرت لوكسلي.. هذه لم ترد سابقا على ما أعتقد.. - غالبا لا، رغم أهميتها؛ فروبن كانت له غاية من خلال ذلك، أراد تحقيق غرض معين من هذا التقمص كما تشاهد في الفيلم، لكنه وجد نفسه مضطرا للبقاء داخله لفترة أطول. الشيء الآخر هو أنك إذا ما بحثت في مثل هذا الموضوع تجد نفسك موغلا في ألوف السنين من الحكايات، وعليك أن تفصل بين ما هو واقعي وما هو خيالي.. وهذا ليس سهلا. * لا ريب أن تصوير الفيلم بحد ذاته كان مضنيا. هل أنت مستعد لتصوير أفلام أخرى متتابعة من هذا المنوال؟ - نعم. ليست لدي مشكلة من أي نوع. الوجود في مكان تصوير كهذا يمنحني خبرة وطاقة، نعم، هو متعب بدنيا، لكنه ممتع أيضا، خصوصا أنك لا تتعامل مع الحركة وحدها، بل مع 900 نقطة محسوبة تلف حول رأسي كالقمر الصناعي، وعلي أن أتذكر كلا منها في لحظة محددة. * لعل جزءا من المتعة هو أنك تحقق أحلامك صغيرا.. ألم تكن تحب تمثيل أفلام الأكشن كما نحن جميعا في هذه السن؟ بالتأكيد، لكن روبن هود لم يكن بين أحلامي.. أو ربما كان.. لا أذكر. لكن هناك أيضا متعة وميزة الانتقال عبر الزمن. خلال ساعات قليلة من استيقاظك كل صباح تنتقل بضع مئات من القرون إلى الماضي. تقوم بتشخيص حياة أخرى في ظروف مختلفة، وفي عالم متناقض تماما. بالنسبة لي هذا الانتقال أمر يثير احترامي؛ لأنني في النهاية أجد أن هذا الجهد لا يجب أن يمر مرورا عابرا، أو أن يُستغل بصورة سهلة أو رخيصة. ومع نهاية يوم التصوير تبدأ بالتفكير بما ستقوم به في اليوم التالي. * سمعت أنك وريدلي سكوت تشاحنتما وتجادلتما بصوت مرتفع؛ فهل حدث ذلك فعلا.. هل لك أن تصف كيف تتعامل مع المخرج؛ علما بأن هذا خامس فيلم لكما؟ - ما سمعته ليس صحيحا. طبعا كانت هناك مواقف متعارضة بيننا، لكننا لم نتشاجر، ولم يصل جدالنا حول موضوع ما إلى هذا المستوى؛ فكما ذكرتَ، فإن هذه خامس مرة نعمل فيها معا، وكلانا يعرف الثاني مهنيا معرفة وطيدة. بالتالي لن يكون هناك داع لمواقف بالغة التناقض. * قارن - إذا أحببت - بين المرة الأولى التي عملت فيها مع ريدلي سكوت والمرة الأخيرة التي عملت فيها معه.. لا بد أن هناك تغييرا ما.. - نعم، كان يستمع لوجهة نظري أكثر (ضحك)، هذا لأنه لم يكن يعرفني. أما الآن وقد بات يعرفني فإنه لا يبالي (ضحك). لقد تطورت علاقتنا بالطبع عبر سنوات، لكن المصاعب التي يخوضها الفيلم الكبير إنتاجيا كهذا الفيلم - وفي هذا الفيلم على الخصوص - تطورت كذلك. هناك توقعات كثيرة تحيط به، مسؤوليات ومتطلبات، والجميع يرغبون في النجاح دون استثناء، لكن أحيانا ما يجد كل واحد أن وجهة نظره أفضل من وجهة نظر الآخر لإنجاز هذا النجاح أو لضمانه. الشيء الأكيد بالنسبة لريدلي سكوت، الذي أسانده فيه تماما، أنه لم يكن يريد فيلم أكليشيهات. وهو يعلم ما لديه من إمكانات، وما هي حدوده، ويعلم أن عليه إنجاز تصوير فيلم بهذا الحجم ضمن الميزانية، وضمن أيام التصوير المحددة في الروزنامة. قد نتناقش ونبحث طويلا، ونختلف في وجهات النظر، لكنه يفهم إخلاصي للعمل، وأفهم مسبباته، وحين يقف هو وراء الكاميرا، وأقف أنا أمامها نكون مقتنعين بما نقوم به. لا مجال لغير ذلك. حتى لو كنت تدرك أن وجهة نظرك صائبة، وحتى لو كان يدرك أن وجهة نظرك صائبة، لكنه لا يستطيع التجاوب معها؛ لأنها ستؤدي إلى تغيير أماكن تصوير، أو تصوير لقطات أطول من المشهد. ريدلي سكوت من أبرز الفنانين البصريين في هذه المهنة. وأنا أحترم عطاءه وقدراته ورؤيته وقراراته؛ لذلك أؤكد أن ما أشيع ليس صحيحا على الإطلاق. * روبن هود دائما كان الصورة الرمزية للبطل الذي يواجه - كما نشاهد في هذا الفيلم - غياب العدالة. هل تعتقد أن الفيلم يرمي إلى ربط هذا المفهوم بغياب العدالة في أنحاء كثيرة من العالم اليوم؟ - روبن هود ليس شخصية دولية الشأن في الأساس. ليس غاندي مثلا؛ لأن المفهوم مختلف، وعالم روبن هود كان محددا بالدولة الإنجليزية حينها. لكن هناك مثل روبن هود كثيرين حول العالم، أناسا يجتهدون في سبيل تحقيق عدالة اجتماعية، لكن علينا أن نكون حذرين، وألا نخرج الفيلم عن حدوده، لكن نعم. من وجهة نظري الشخصية هناك بالفعل غياب للعدالة في أنحاء كثيرة من العالم، وهناك شعوب تعاني من دون داع. * ما رأيك بالبطولات الخارقة التي توفرها اليوم مؤثرات الكومبيوتر غرافيكس والنصوص الآتية من مجلات الكوميكس.. هل بحثت هذا مع ريدلي خلال تحضيركما للفيلم؟ - لا، لم نتناول موضوع أفلام «البوبكورن» هذه؛ لأن غايتنا كانت إيجاد العنصر الإنساني في كل هذه الحكاية، والتركيز عليه، وحالما تفعل ذلك فإن شخصية البطل ومفهوم البطولة يتغير تلقائيا أو هو مختلف في الأساس. طبعا كان لا بد من استخدام المؤثرات في عدد من المشاهد. لكن لا شيء من ذلك كان بغرض التدخل في القصة، وتحويل الفيلم إلى استعراض تكنولوجي.. شاهدتَ الفيلم وتعلم ما أقصده. ريدلي استخدم المؤثرات بالطريقة ذاتها التي استخدمها سابقا في «غلادياتور» أي: من دون طغيانها على الفيلم نفسه. وبين الفيلمين نحو عشر سنوات تطورت فيها هذه التقنيات إلى حد بعيد. ربما كان لدى مخرج آخر استعداد أكبر لذلك، وربما في هذه الحالة لم أكن سأوافق على تمثيل الفيلم.