2012/07/04
فجر يعقوب – دار الحياة
حتى نهاية حديثه عـــلى قــــنـــاة «الجزيرة» أصر المنتج والممثل اللبناني شوقي متّى على نسب فــيلم «رصـاصة طايشة» إلى المخرجة اللبنانية نادين لبكي، رغم أن المذيعة ايمان بنورة نبهته إلى أن مخرج الفيلم هو جورج الهاشم، بل أن مراسل المحطة القطرية بسام القادري قدّم قبل اللقاء معه ريبورتاجاً مصوراً ومفصلاً عن الفيلم ومخرجه، قبل أن يستضيف الأستوديو في بيروت متى للتعليق على «رصاصة طايشة»، بخاصة أنه قد أخذ طريقه للعرض في الدور اللبنانية قبل أيام.
لا تشكل حال متى استثناء في القدرة على تجاهل الآخر، هذا إذا افترضنا جهله حقيقة صاحب «رصاصة طايشة»، وأنه عن حسن نية نسب الفيلم إلى لبكي أكثر من مرة، متذرعاً بأنه لم يشاهده لانشغاله بالتصوير في مكان ما في لبنان. وهو قد استفاض في تقديم شروحات مفصلة عن الحرب الأهلية اللبنانية والخسائر التي نتجت منها من آلاف القتلى والمعوقين والمفقودين، وطالب من موقعه كمنتج وممثل بعدم التوقف عن إنتاج الأفلام التي تحاكي هذه الحرب، باعتبار أن السينما هي الوحيدة القادرة على نسخ الذاكرة اللبنانية المدماة، وتقديمها للأجيال الجديدة التي ما فتئت في أيامنا هذه تعيش على وقع حروب مقبلة تتهدد المجتمع اللبناني بطوائفه كافة.
بدا مع ذلك أن متّى كان يغرد في خانة بعيدة عن تكوين رأي نقدي بـ «رصاصة طايشة» وصاحبه جورج الهاشم، بل أصر بهدوء غريب على ثقته بنادين لبكي انطلاقاً من معرفته بها، وكأن هذا كافياً ليصبح فيلمها. فيما أكد في حديثه أنه لا يعرف شيئاً عن المخرج الهاشم، ولم يسبق أن شاهد له شيئاً من قبل، وقد وعد بأن يشاهد الفيلم في أقرب فرصة، وإن كان قد قرأ عنه بعض الكتابات النقدية والصحافية هنا أو هناك.
لا نعرف إذا كان شوقي متّى شاهد من موقعه في الأستوديو اللقاء المتلفز مع المخرج جورج الهاشم على الأقل. ربما كان هذا كفيلاً بإقناعه بأنه صاحب الفيلم، وليس لبكي التي تحدث عنها بصفتها «من ألمع المخرجات في لبنان والعالم العربي»، وبخاصة أنه فاته التنويه بأن لبكي كانت ممثلة في الفيلم، وأن المشاهد المنتقاة كانت لها كونها كذلك. وإذا افترضنا أن إصرار متّى على رأيه ليس من باب تجاهل الآخر، فإنه كان الأولى استضافة ناقد متخصص ليبحث في الأفلام التي تحاكي ذاكرة الحرب اللبنانية وأصحابها الحقيقيين، حتى لا يبدو التعليق عليها أشبه برصاصة طائشة بالفعل. فهذا قد يحدث إرباكاً للمتلقي وللمذيعة في حالة استثنائية مثل الحالة اللبنانية، بدا معها ضيف برنامج «هذا المساء» بعيداً تماماً عن الفيلم وهواجسه وصاحبه، غارقاً في تأويلات هشة «عن دور الأمة العظيمة في صناعة الفن».