2012/07/04

سعيد حناوي يقدم «فحم أبيض» متخففاً حتى من الحوار
سعيد حناوي يقدم «فحم أبيض» متخففاً حتى من الحوار


ثناء عليان – تشرين


على مسرح مدينة الشباب عرض فيلم سينمائي قصير للفنان السوري الشب سعيد حناوي بعنوان «فحم أبيض» وخلاله ابتعد حناوي عن اللغة السينمائية البحتة,

إذ استخدم اللغة الصامتة التي لها رموزها وإشاراتها ومدلولاتها, تاركاً للمشاهد حرية وضع الشيء المناسب في المكان المناسب, فاعتمد فيه على اللقطة الواحدة وما يحيط بالوجه للدخول إلى جوانية الفنان التشكيلي, الشخصية التي اختارها المخرج لتكون موضوع فيلمه فجاءت هذه الشخصية مهزومة ومهمومة مثقلة بهواجس غريبة يكتنفها الغموض.

للفيلم خصوصية لأنه التجربة الإخراجية الأولى لحناوي, تمت هذه التجربة بجهوده الشخصية على كل الصعد, والفيلم من تأليف الشاب ياسر حناوي الذي لا يتجاوز عمره العشرين عاماً وهي التجربة الأولى له في الكتابة, وتمثيل أحمد حناوي ولينا امباري فكان الفيلم بجهود شبابية بامتياز.

الولادة الأولى

بعد الانتهاء من عرض الفيلم عقدت ندوة عن «السينما والشباب» في البداية شكر الفنان والعميد السابق للمعهد العالي للفنون المسرحية جمال قبش المخرج الشاب سعيد حناوي وفريق العمل على الجهود المبذولة في الفيلم مشيراً إلى أنه يعرف حناوي كممثل ومخرج على الخشبة وهو «متعب» مسرحياً وكذلك سينمائياً, إلا أن خصوصية هذا الفيلم تكمن في أنها الولادة الأولى لحناوي سينمائياً.

وعبر قبش عن ألمه لعدم الذهاب باتجاه توسيع إدراك الشباب لمعنى الكلمة مع الصورة ومع الموسيقا, مؤكداً على ضرورة إقامة دورات لتعريفهم بفعل الصورة دون الكلمة, وماذا تعني الكلمة مع الصورة في عصر الصورة, وتوجه بالعتب واللوم إلى وزارة الثقافة وغيرها من المؤسسات الرسمية التي لم تفتح أبوابها للشباب الهواة المتحمسين لبلورة أفكارهم وتبني أعمالهم الإبداعية التي يعجزون عن إنتاجها ومساعدتهم في إنجازها بشكل جدي وعملي.

وعن رعاية مواهب الشباب ودعمهم من قبل هذه المؤسسات يرى قبش: إنها لا تعدو عن كونها «فقاعات» وحسب, معبراً عن أسفه لأنها لا تبحث عن هؤلاء الشباب الذين يملكون طموحات عالية المستوى, ترفع اسم البلد ومستقبل البلد, عدا عن ذلك فهم المستقبل والأمل, مؤكداً على أنه لا يريد أن يفتح جبهة مع المؤسسات الرسمية, إلا أن ما يحدث هو أن كلاً يغني على ليلاه, مشيراً إلى أن التوصيات التي تخرج عن الفعاليات الثقافية ترمى جانباً ولا يؤخذ بها على الرغم من أنها صادرة عن متخصصين وأصحاب رؤى بعد قراءة للواقع والمأمول لتفعيل الحياة الفنية والثقافية.

أما الناقد السينمائي عوض قدرو ابن المؤسسة العامة للسينما يقول بحياد: «نحن عندنا أزمة سينما». وهي قديمة وليست وليدة اللحظة, وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن الإنتاج محصور بمؤسسة السينما, لافتاً إلى أن الدولة لا تستطيع القيام بمشروع سينمائي لوحدها, والى أن الأفلام المهمة التي تنتجها المؤسسة في السنة لا تتعدى أصابع اليدين بسبب إمكاناتها المحدودة وهي بحاجة لمن يكون معها ويساعدها, مشيراً إلى أن القطاع الخاص غائب على الرغم من كل التسهيلات التي قدمتها الدولة له, ولاسيما لأصحاب دور السينما.

افتقاد السينما


ويقول قدرو نرى الكثير من المنتجين يصرفون مئات الليرات على مسلسل تلفزيوني على الرغم من محدودية انتشاره, بينما لا يصرفون ليرة واحدة على فيلم سينمائي على الرغم من أنه سيصل إلى أماكن بعيدة جداً, والمشكلة برأيه تكمن في افتقادنا للثقافة السينمائية وعدم الاعتراف بثقافة الآخر وجهده, ليس هذا فقط بل نتثاقف ونتعالى على بعض بطريقة فيها الكثير من التهميش للآخر, مشيراً إلى أن الثقافة السينمائية في سورية تفتقد للمفاهيم الصحية,

حتى في التلفزيون لا يوجد مفاهيم صحيحة للفن التلفزيوني, وأن هذه الثقافة لا يمكن حصرها بالمخرج فقط, بل هي موزعة بين الكاتب والمخرج والممثل وكل من يعمل بها, لافتاً إلى أن استيراد الأفلام كان محصوراً بالمؤسسة, إلا أن المؤسسة في العام 2000 أعطت صلاحية لأصحاب الصالات باستيراد الأفلام, واليوم نراهم أغلقوا صالات السينما قصداً.

وفيما يخص فيلم «فحم أبيض» يعده قدرو خلاصة خيال وإحساس أراد المخرج أن يقدمها من وجهة نظر أحبها، وبما إن هذا الفيلم هو التجربة الأولى لحناوي فهي جديرة بالاحترام وهو مسامح بكل شيء، لافتاً إلى وجود بعض اللقطات والمقولات الجميلة في الفيلم، وإلى أن الفيلم الصامت يوجد فيه الكثير من الرمزية قد تصل للمشاهد وقد لاتصل، مشيراً إلى أن الفيلم القصير هو أصعب أنواع الإخراج وهو مظلوم في كل أنحاء العالم لأنه لا يشاهد إلا في المهرجانات.

من جهته يرى الفنان المسرحي يوسف المقبل الذي أدار الندوة أن السينما تشبه كثيراً المسرح، وهي لغة تتجه باتجاه الدلالات أكثر قبل أن تسلم نفسها للمتلقي وتدخل في ذاكرة البلد، أما الدراما التلفزيونية فهي برأيه استهلاكية تبقى في الذاكرة كحد أقصى ثلاث سنوات.

منظمة الشباب

وفي مداخلة لبعض الحاضرين ثمة من ألقى اللوم على المؤسسة العامة للسينما إذ تساءل أحدهم لماذا لم نر خلال السنوات الأربع الماضية مخرجاً إلا جود سعيد؟ ولماذا لا تنتج المؤسسة إلا لعدد محدد من المخرجين لا يتجاوز عددهم الأربعة وهم من تشارك أفلامهم في المهرجانات؟ فكان رد الناقد عوض قدرو: إن المؤسسة تقدم التسهيلات والموافقات، مشيراً إلى أنه اليوم بإمكان منظمة الشباب أن تساهم بجزء معين من خلال إقامة مهرجانات شبابية سينمائية وتقديم جوائز رمزية وترك باب المشاركة مفتوحاً للجميع.

أما رئيس اتحاد الشبيبة إلياس شحود فقد أعلن أن الاتحاد جاهز لتأسيس النادي السينمائي الشبابي ولإعطاء سينما الشباب أولوية في الأنشطة والفعاليات، ولإقامة مهرجان خاص بها على غرار المهرجان المسرحي الذي يقيمه الاتحاد كل سنة وهو مهرجان له جمهوره في سورية،

وأكد شحود أن الباب مفتوح للأنشطة الشبابية الثقافية والفنية، وأشار شحود إلى أن المنظمة ليست تابعة للدولة ولا هي منظمة حكومية، بل هي منظمة شبابية تحاول دائماً تقديم أفضل ما لديها للشباب، وليست مهمتها صنع سينما وإنما تسليط الضوء على تجارب الشباب وهذا ما أردنا أن نفعله فيما يخص «فحم أبيض»، مؤكداً على أن الاتحاد لا يستطيع أن يلعب دور المؤسسات ولا يستطيع أن يكون بديلاً عنها، وهو على حد قوله لا يدافع عن الاتحاد ولا يتهرب من المسؤولية، داعياً إلى التنسيق والتعاون مع كل المعنيين لتقديم ما هو الأفضل للشباب.