2012/07/04

سوزان سكاف كلهم متهمـــون .. لا أســـتثني أحـــــداً !!
سوزان سكاف كلهم متهمـــون .. لا أســـتثني أحـــــداً !!


رياض احمد - البعث


لكل إنسان في حياته أسبوع نحس، والفنانة سوزان سكاف كانت ضحية أسبوع نحسها، فقد اضطرت نتيجة ظروف صعبة وقاسية أن تتغيب عن محاضرات مادة معينة في المعهد، لتكون النتيجة فصلها كلياً من المعهد بقرار من رئيسة قسم التمثيل نائلة الأطرش، وكانت سوزان حينها في السنة الثالثة دراسياً، ولكن الزمن سجال، ففي مناسبة معينة اجتمعت الفنانة سوزان مع من أنهى مستقبلها الأكاديمي، وكان جواب نائلة على سوزان الباحثة عن مبرر مهني وأكاديمي قائلة:

"نعم لقد ظلمتك لأنني كنت مضطرة إلى كبش فداء لتربية الدفعة بأكملها"، ومع أنهم أعادوا سوزان نتيجة ظروف معينة إلى المعهد من جديد، إلا أن ما حصل جعلها في حالة طلاق نفسي مع المعهد.

إذاً لا تجري الرياح كما تشتهي السفن، أو كما اعتقدت سوزان الشابة الطموحة التي كانت بداياتها مبكرة جداً، عندما استطاعت نيل فرصتها الأولى في مسلسل الكواسر، ضمن سلسلة الدراما التاريخية الافتراضية التي لاقت شعبية حينها، وهي في السنة الأولى من المعهد، ليتبدى لها أن مشوارها سلس، وأن النجومية قاب قوسين أو أدنى، لتغلق صفحات هذا الحلم مع ليل شتائي طويل عليه توقيع نائلة الأطرش وممهور بختم المعهد.

والآن أين الفنانة سوزان سكاف بعد مشوار درامي بدأ عام 2008؟!.

إنها هناك في تلك الزاوية من الساحة الدرامية بعيداً عن الأضواء، تعيش حلم (العدالة في العمل، وأن تكون الموهبة مقياساً، وأن يكون للدراما السورية معايير وأسس تصنيف واضحة، والأهم أن تكون هناك شفافية وحب وعفوية بين العاملين في الوسط، بعيداً عن المجاملات وتمسيح الجوخ)، إنها هناك منطوية منكفئة على نفسها تنتظر من يبحث عنها، فهل يتحقق حلمها الذي كان ومازال حلم الكثير من المواهب الباحثة عن ذاتها؟!.

تقول سوزان: "بصراحة وشفافية، الموضوع ليس بخافٍ على أحد، وقد قيل وكتب فيه الكثير، سمة درامانا الشللية وأنا لست ضدها، ولكن هذه المسألة أصبحت تؤثر على الأشخاص ممن لا يستطيعون أن ينسجموا مع هذا المفهوم، وأن يكونوا ضمن شلة ما، في النهاية أنا فنانة ويجب أن أتقبل الجميع وأعمل معهم، وهذه هي الحلقة المفقودة".

قد لا تكون سمة الشللية هي عقدة الفنانة سوزان، إنما مكمن العقدة في طبيعة شخصيتها وخصائصها بدليل قولها: "العلاقات في الوسط الفني لا تشبهني لكوني انطوائية، ولا أنسجم مع الآخر إلا ضمن العمل، وللأسف هذا الجانب غير إيجابي ويؤثر علي مهنياً بشكل كبير، وكثير من الأصدقاء  نصحوني بشأن غيابي وعدم تواجدي في الأماكن التي يجب أن أتواجد فيها، قد أكون مقصرة في هذا الجانب، ولكن هذه أنا ممثلة دغري".

كما أسلفنا سوزان ليست ضد الشللية، ولكن ضمن مفهومها ونظرتها لهذه العلاقات، وضمن البيئة الفنية والثقافية السليمة، بعيداً عن الأنانية وحب الذات والحصرية، والأهم من ذلك أنها تفاجأت بهذا الوسط، وأما كيف؟!.

تقول: "قبل دخولي الوسط الفني لم أتخيل حجم الشللية فيه على هذا النحو"، وتتابع: "على كل حال ليس لدي موانع في أن أكون ضمن حلقة معينة من الحلقات في سياق مناسبات فنية ومهنية مقبولة وواقعية، أما أن (ألف وأدور) في زيارات طفيلية افتراضية على سين وجيم من الأشخاص كي أبقى في الذاكرة ولا أُهمل، فهذا الأمر غير مقبول"،  وتضيف سوزان: "هم لا ينسون إنما يتناسون لعشقهم للمجاملة ولهاث الفنان لنيل رضاهم، وبعبارة أصح (تمسيح الجوخ)، ولا أنكر قد تكون المجاملة ضرورية،  ولكنني بلغت من العمر مرحلة لم أعد فيها مضطرة لسلوك هذا المنحى غير المبرر في العمل، على الأقل من وجهة نظري الشخصية".

ومع أن مشوارها الفني بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي، وعززته بجملة من الأعمال التلفزيونية والإذاعية والمسرحية، معلنة احترافها بشكل قطعي، إلا أن سوزان تؤكد أنها لم تبدأ مشوارها بعد وتعتبر نفسها في طليعة المظلومين فنياً ومهنياً وأما من تلوم؟!.. فهي تلوم الكل من قيمين على الإنتاج ومخرجين، ولا تستثني نقابتها المقصرة التي تذكر الفنان عند دفع النقود وحسب، وخاصة في الوفاة، فتقول: "قد لا أريد أن أصارحك وأقول: إنني مظلومة، ولكن هذا هو الشعور الذي يعتريني بصدق، بل هذا هو واقع الحال، أنا فعلاً مظلومة ومقصَّر في حقي من قبل شركات الإنتاج والمخرجين وكل الأصدقاء ممن أحببتهم، وللنقابة من اللوم حصة الأسد، فهي لا تحمي الفنان، كنا ومازلنا نتوقع منها تأمين عمل واحد في السنة على الأقل للنقابيين من مخرجين وممثلين وإضاءة، أن يكون لها دور استثماري، لا أن تحصر دورها في فكرة صندوق تكافلي،  بل وهناك من الفنانين غير النقابيين ممن يستطيعون إحضار إذن عمل وأنا النقابية لا أعمل، هناك شيء غير منطقي في هذا الوسط، لذا أقول: "إنني لم أبدأ مشواري المهني بعد"، وذهبت سوزان أبعد من ذلك بقولها: "لا أريد أن أبدأ، لدي إيمان بدأ يتراجع مؤخراً في مقولة إنه لا يصح إلا الصحيح، ويا عجب فليس من خيار أمامي سواها!!".

على ما يبدو (ولم نحسم القول لجهة أن الرأي فردي)، ساحة الدراما السورية لم تصل بعد إلى نقطة أن يكون التنافس، والمنافسة في الموهبة والمقدرة هي الحَكَم في تقرير مصير الفنان وحجم عمله وأجره بل ومصيره الفني، بدليل أن العلاقات الشخصية تحكم الوسط الفني، وهناك عدد من النجوم كبيادق الشطرنج يتنقلون من عمل لآخر بطلب من رأس المال الخليجي المتحكم بهذه المهنة.

تقول سوزان: "لهذه الأسباب ليس لدينا صناعة نجم ولا يوجد خط وطني واضح المعالم لهذه الصناعة، كأن ينظر إلى تأسيس قواعد ومعايير تصنيف لهذه المهنة، علماً أن مخرجينا لديهم نظرة استقرائية لمستقبل النجم، ولكنهم محكومون برأس المال، وبرأيي الدراما تتأرجح خاصة بعد أن بدأ رأس المال ينتج في محيطه، حيث نجد الآن زحمة في الأعمال الخليجية والعربية عامة".

لعل فكرة إقامة تكتل شبابي طموح ينتظم تحت لوائه ثلة من الموهوبين ممن يبحثون عن إثبات الذات، وإيجاد موطىء قدم لهم في هذه الساحة غير المنظمة، يغدو ضرباً من العبث وفكرة غير مجدية على الصعيد العملي، وفق مقولة سوزان، فهناك تجارب ومحاولات، ولكن المشكلة في الممول، ومثالي العام الفائت، أقامت شركة نسرين طافش عملاً اسمه (كريزي) ضم كل الطاقات الشابة من إخراج وممثلين وخلافهم، ولكن أحداً لم يسمع به.

على وجه الخصوص، واقع الحال دفع بالفنانة سوزان إلى التفكير بحل بديل لمستقبلها، فتقول: "أتجه مؤخراً لمجال آخر احتياطي، أهيىء نفسي لأكون مذيعة، فهو مجال قريب من الشيء الذي أعمله في حياتي الخاصة".

سوزان ممتنة لعدد من المخرجين ممن صقلوها فنياً، وقدموا لها إضافات خاصة، كالمخرج باسل الخطيب ومروان بركات وتنتظر المزيد؟!.