2013/05/29

سيمون صفيه : «ليش» يحكي عن الاختلاف والقيم الإنسانية السامية
سيمون صفيه : «ليش» يحكي عن الاختلاف والقيم الإنسانية السامية


فؤاد مسعد – الثورة

حماسته وحبه للفن السابع لم يقفا عند حدود الهواية والاهتمام ، وإنما تعدى ذلك إلى اقتحام هذا العالم بروح مندفعة أساسها الحب وزادها البحث المستمر والسعي للمعرفة والتجريب باجتهاد ليصل إلى الحلم المُشتهى ..

إنه المخرج الشاب سيمون صفيه الذي قام بإخراج فيلمه القصير (ليش) ضمن مشروع دعم سينما الشباب الذي أطلقته المؤسسة العامة للسينما مؤخراً ، إنه شاب لديه أفكاره التي يتبناها في الحياة والسينما ، تلك الأفكار التي قد تختلف أو تتفق معه حولها ولكنه مقتنع بحق الاختلاف واحترام الأفكار الأخرى ، مادام ذلك كله يحدث بحب وهدفه الارتقاء بالمجتمع والسينما والإنسان .‏

الفيلم من تأليف أكثم ديب ، بطولة : رشا بلال، علي رمضان ، وتمثيل: محمد حسن، ردينة حسين، نانسي خضر، أحمد ابراهيم، محمد ستيتة والطفلين خضر فاخري ومريم فاخري .. وعبر التعريف الذي جاء في بطاقة الفيلم يقول المخرج (الفيلم يعيد طرح قضية الزواج المدني من خلال قصة حب تجمع شاباً وفتاة قررا أن يتحديا كل العوائق والرواسب الاجتماعية وغير الاجتماعية ويتوجا قصة حبهما بالزواج) .. حول هذه التجربة كان لنا لقاء مع المخرج الشاب سيمون صفيه ، والانطلاقة من البداية حتى وصوله لإخراج فيلم (ليش) ، فمنذ أن كان عمره ستة عشر عاماً دأب على الذهاب إلى النادي السينمائي في طرطوس لمشاهدة ما يعرضه من خيرة الأفلام، يقول : عرّفني النادي على السينما الحقيقية بشكل أكبر فأحببتها من ذلك الوقت وتابعت مع النادي والآن أنا عضو مجلس إدارة فيه منذ سنتين . وبدأت بكاميرا الديجيتال فصورت فيلماً وثائقياً لم ينتهِ حتى الآن بعنوان (يا مو) ، وتعرفت على المخرج جود سعيد الذي أعطاني فرصة أن أكون مساعد مخرج في فيلم (صديقي الأخير) . وقدمت فيلماً من دقيقة واحدة (ليست مجرد تفاحة) وهو مشارك في عدة مهرجانات . واشتغلت مع المؤسسة العامة للدراما في فيلم (29 شباط) إخراج المهند كلثوم ، كما اشتغلت في عدة مشاريع صغيرة لشباب هواة ، وحضرت لعدة مشاريع لأفلام من دقيقة واحدة ، فهي هوسي ، وأتت الفرصة من مؤسسة السينما وقدمنا نص (ليش) وتم قبوله والآن انتهينا من عمليات التصوير ودخلنا للمونتاج .‏

هل أتت خلفيتك السينمائية من النادي السينمائي في طرطوس فقط ؟‏

بالتأكيد لا ، فالنادي يعطيك أول الطريق كمشاهد وليس كصانع سينما ، ولكن طريقك كصانع سينما هو ذلك البحث الدائم الذي يمتلكك من الداخل ، كما تحتاج إلى دراية بموضوع السيناريو وهو أمر يعتمد على قراءاتك للأدب بشكل عام والسيناريو بشكل خاص وأن تقرأ كيف يُكتب السيناريو السينمائي وتفهم آلية صناعته وكيف توجد خيوط الدراما داخله .. عموما كل ما فعلته كان اجتهاداً شخصياً لأنه حتى الآن ليس لدينا أكاديمية سينمائية .‏

يتناول فيلم (ليش) موضوع الزواج المدني ، وهو طرح قد يكون مستفزاً وعنوانا كبيرا يحمل الكثير من الجدل والتابوهات .. فإلى أين تذهب بفيلمك ؟ وهل يمكن قراءته على أكثر من مستوى لينطلق نحو فكرة أشمل عن الحب ؟‏

أذهب فيه باتجاه تناول القيم الانسانية السامية التي هي الحب ، ففي النهاية وجود الحب هو أمر كافٍ لأن تعيش مع أي شيء موجود في محيطك قد تعتقد أنه موحش ، فما بالك إن كان الموضوع حول إنسان يحب انسان !.. إنني أتجه فيه نحو الزواج المدني ولكني لم أذهب باتجاه الأديان فكل إنسان حر بمعتقده ، ولكن الفيلم عن الاختلاف وتعاملنا معه وضرورة حب المختلف .‏

ما المحور الأساسي لحكاية الفيلم ؟‏

هو قصة حب تجمع ما بين شاب وفتاة ، تعاني قصة حبهما من عوائق اجتماعية لها علاقة بالعائلات وبمحيط الشاب والفتاة ، وقد قررا بحزم أن يتحدا العوائق ويتوجا قصة الحب من خلال الزواج . وبما أن موضوع الفيلم موجود في الكثير من المجتمعات في المنطقة فهما يسألان المجتمعات كلها (ليش ؟) كبيرة تحوي في داخلها الكثير من (ليش ؟) صغيرة .‏

قصة حب بين اثنين مختلفين تنتهي بالزواج .. هي قصة عادية ومكررة ، فما الجديد فيها ؟‏


(ضاحكاً) هذا الصحيح ، ولكن الجديد ستراه في الفيلم ، وما يمكنني قوله إن هناك أداة سينمائية جديدة استخدمناها ورمزية سينمائية تقدم للمرة الأولى بهذه الطريقة ، وحالة من السريالية المقصودة .. وهو ما سيميز الفيلم ، كما أن هناك تفاصيل وأمراضا اجتماعية يمكن أن تلحظها فيه .‏

أعطت المؤسسة مبلغاً مالياً محدداً لإنجاز الفيلم وتركت للمخرجين حرية الحصول على تمويل أو شريك إن احتاج الفيلم مبلغاً أكبر .. فماذا عن فيلمك هل اكتفيت بالمبلغ المُعطى ؟‏

أتوجه بالشكر للممثلين والكاتب وكل من تعاون معنا حتى من دون أجر ، فصناعة السينما مكلفة ولا تستطيع أن تتهاون في أي شيء ، وسعينا أن يكفينا المبلغ المُقدم ولا نحتاج أكثر ، ولكن في حال حاولت البحث عن شريك فشركات الانتاج الخاصة لا تتحمس كثيراً لهذا الأمر .‏

قبل انطلاق التصوير وضعت مؤسسة السينما الشروط الانتاجية وقمنا بتعديل النص بشكل يتأقلم معها لنقدمه وفق المبلغ الموضوع ، ففكرة أن نأتي بتمويل قد تحدث في الفيلم التالي لفيلم (ليش) لأنه أصبح في جعبتي فيلم وبات هناك ثقة بهذه التجربة من قبل شركات الإنتاج أو الجهة التي ستساعد في التمويل .‏

ـكيف ترى تجربتك مع المؤسسة ابتداء من صدور الاعلان عن مشروع سينما الشباب ووصولاً إلى انتهائك من تصوير الفيلم ؟‏

شعرت بالسعادة منذ أن تم اقتراح الفكرة بغض النظر إن كنت سآخذ فرصة بهذه المبادرة أو لا ، فهناك شباب سيفتح لهم الباب ليعبّروا عن أنفسهم بهذا الأسلوب الفني الراقي ، وقدمت النص وتم قبوله ، و كنا نعرفها الشرطية الإنتاجية تماما قبل الدخول للتصوير ، وكانت مؤسسة السينما متعاونة معنا حتى النهاية ضمن الإمكانيات التي أتيحت لهذه التجربة .‏

ماذا عن الممثلين الذين جسدوا شخصيات الفيلم ؟‏

إنهم من الشباب الموهوبين ولديهم طاقة كبيرة وإحساس عالي ، وقد تقصدت ألا يكون معي ممثلين وإنما أن يشارك في الفيلم أشخاص عاديين تم تدريبهم وتعاملوا مع الكاميرا بطريقة جيدة لنعطي إحساس واقعي أكثر للمشاهد .‏

التحويل من نص ورقي لسيناريو إخراجي ؟‏

شاركت إلى حد ما في كتابة نص السيناريو فكان هناك شيء مشترك بيني وبين الكاتب وتناقشنا بفكرة الفيلم حتى توصلنا لهذه الحكاية التي طرحناها بهذه الطريقة الجديدة التي ابتكرها الكاتب أكثم عيد . وذلك كله سهّل أمامي الطريق للذهاب إلى السيناريو الإخراجي ، فروح وإيقاعات الفيلم يحددها سيناريو الإخراج ، وبسبب الحالة الموجودة في النص كان لا بد من أن يكون الايقاع بطيئاً ليستوعب المشاهد كل ما يجري لأن الرمزيات موجودة ضمن الكوادر ، ويتم التركيز عليها أحياناً ولكن هناك أفكار قد تطرح بكلمة أو بحركة .‏

كثيراً ما وقفت الرمزيات والدلالات عائقاً أمام المشاهد ؟‏

هذا صحيح ، ولكن الرمزيات والدلالات هنا بسيطة إلى حد ما، فاستخدمنا رموزاً واضحة ، كما أن بعض الرموز في الفيلم تبيّن بعض الأمراض الاجتماعية بطريقة فكاهية وغرائبية . لقد سعيت لأن أكون كلاسيكياً إلى حد ما ، ولم أحاول التجريب في شيء مبتكر جديد خوفاً من أن يتوه المشاهد ما بين الرمزيات في النص والتجريب في السينما ، فيضيع معنى الفيلم الذي أريد إيصاله للناس .‏

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن البعض يعتقد أن السينما للنخبة وخاصة الفيلم القصير ، لكن حاولت من خلال الفيلم إيصال فكرة مفادها أن هذه الأفلام مصنوعة للناس ولا علاقة للنخبة بها ، ومن سيرى الفيلم سيجد أن فيه وجبة فنية تليق به كمشاهد .‏