2013/05/29

سينما النهايات.. لا تنتهي...تكهنات نهاية العالم هل تنبئ بعالم أجمل؟
سينما النهايات.. لا تنتهي...تكهنات نهاية العالم هل تنبئ بعالم أجمل؟

ديالا غنطوس – الوطن السورية


ما زال تحديد موعد نهاية العالم يشد الكثيرين منذ آلاف السنين وحتى أيامنا هذه، إذ ينتظر البعض أن تكون نهاية العالم في 21 كانون الأول 2012، وهذا الانتظار لم يكن محض خيال وليس بجديد العهد

إذ إن أول من تنبأ بنهاية العالم بطريقة علمية هم شعوب المايا وهي عبارة عن قبائل هندية - أميركية مكسيكية- أسست حضارة مدنية بلغت أوج تألقها في القرن الثالث الميلادي، وتقول نبوءتهم: إن نهاية عهد الكرة الأرضية سيكون في عام 2012 انطلاقاً من إيمانهم بأن البشر يخلقون ويفنون في دورات تزيد قليلا على خمسة آلاف عام. وبما أن آخر سلالة بشرية - من وجهة نظرهم - ظهرت قبل 3114 من الميلاد فإن نهايتهم ستكون في اليوم الحادي والعشرين من العام الحالي بسبب ارتفاع درجة الحرارة واقتراب كوكب نيبرو من النظام الكوني وهو الكوكب المذكور في الحضارة البابلية أيضاً.

نهاية العالم هي فكرة راقت وأرّقت في الوقت ذاته رجال الإبداع في الأدب والسينما، فوجدوا فيها البيئة الخصبة لإنتاج أعمال بعيدة عن الكلاسيكية في الإخراج وأكثر جموحاً وخيالاً مما اعتاد الجمهور العريض المتعطش لكل ما هو غريب وغامض، فاندفعوا يبدعون أفلامهم كل بحسب ميله وجنونه وربما إيمانه، وقد بدت رؤاهم بشكل مكثف في معالجات سينمائية عديدة هي أقرب إلى التحذير، فكانت السينما – إلى جانب الكتابة الإبداعية في الرواية والقصة والشعر والمسرح – إحدى الأدوات التي يمكن من خلالها رصد هذا الاهتمام ومن أهم الأفلام التي تطرقت إلى هذا الموضوع فيلم «عالم المياه» إخراج كيفن رينولدز عام 1995، و«حرب العوالم» الذي أنتج العام 2005 بناء على قصة الكاتب هيربيرت جورج ويلز، وإخراج ستيفن سبيلرغ وبطولة توم كروز، حيث ينطلق الفيلم من فكرة تمرد التكنولوجيا على الإنسان فتهاجم الأجهزة المدن الأميركية وتدمرها وتقضي على الكثير من أنواع الحياة على الأرض، وأيضاً فيلم «التأثير العميق» الذي ناقش الفكرة نفسها لفيلم آخر عرض في العام ذاته 1997، وهو فيلم «أرماجدون» لمايكل باي 1998، وتنوعت أسباب نهاية العالم من وجهة نظر الروايات والأفلام فمنها انطلق من المناخ البارد الذي سيسببه الاحتباس الحراري والأمثلة كثيرة عنها كفيلم «تجمد مياه العالم» عام 1951، و«ما بعد الغد» لرونالد إيميريش عام 2004، كما ستكون نهاية العالم مغايرة الشكل عام 2020 في فيلم «الشمس الخضراء» لريتشارد فلايتشر عام 1972، وهو فيلم مأخوذ عن رواية لهاري هاريسون.

كما سيطرت سينما الكوارث على شغف العقول في ازدياد المعرفة ولا سيما تلك التي تناولت نهاية العالم الذي صورته بشكل يصعق العقل البشري مع تصنيف هذه الأفلام ضمن خانتي الخيال العلمي والرعب كان آخرها فيلم «نهاية العالم 2012» من إخراج رولان ايميريش وتمثيل جون كوزاك، أماندا بيت، ويقوم هذا الفيلم على معتقدات شعوب المايا وحساباتهم الفلكية، الأمر الذي أثار جدلا واسعاً، ولم يكن فيلم «نهاية العالم 2012» وحيدا في تحديد هذا العام بل ثمة تنبؤات أخرى تلتقي مع التوقعات الفلكية لشعب المايا، والغريب في الأمر أن هذه التنبؤات تصدر عن ثقافات وحضارات مختلفة، فقد توقعت وكالة (ناسا) الأميركية أن أعاصير شمسية كهرومغناطيسية مدمرة سوف تضرب الأرض في العام 2012، وفي الوقت الذي أظهرت فيه الوكالة أن هذه الأعاصير اعتيادية تضرب الأرض كل دورة زمنية فإنها نفت تلك التقارير التي تحدثت عن معلومات تسربت عنها تقول بنهاية العالم في ذلك العام! كما توقع منجمون صينيون أن سلالة الامبراطور شانغ التي حكمت الصين منذ عام 1766 قبل الميلاد ستستمر حتى نهاية الدنيا بعد 3778 عاما أي ما يوافق العام 2012، بالإضافة إلى إعلان عالم الرياضيات الياباني هايدو ايتاكو عام 1980 أن كواكب المجموعة الشمسية ستنتظم في خط واحد خلف الشمس ما يؤدي إلى نهاية الحياة على سطح الأرض في العام 2012.

بوجود كل هذه الدوامة من التوقعات لم يتوقف العقل البشري عن البحث عن إجابات لأسئلة الوجود حول المصير الذي أشغلته النهايات منذ وقت مبكر، فمع اقتراب نهاية العام 2012، واقتراب نهاية العالم بحسب النبوءات، بدأ الحوار يدور بين النظريات العلمية، وسينما التخيل العلمي، والتنبؤات التي يقوم بها المنجمون، فاختلط التخيل بالتنظير، بالفن، فعلي الصعيد العلمي قامت وكالة ناسا بدراسة الكوكب الغامض نيبرو فوجدت أنه ذو قوة مغناطيسية هائلة تعادل ما تحمله الشمس وبالتالي وجدوا أن هناك مخاطر كثيرة لو اقترب من مسار الأرض. فبعد اختبارات استمرت لأكثر من خمسة أعوام وجدوا أن هذا الكوكب نيبرو سوف يعترض مسار الأرض في عام 2012، وفي هذا العام سيتمكن جميع سكان الأرض من رؤيته وكأنه شمس أخرى. ونظرا لقوته المغناطيسية الهائلة فإنه سوف يعمل على عكس القطبية أي إن القطب المغناطيسي الشمالي سيصبح هو القطب المغناطيسي الجنوبي والعكس صحيح وبالتالي فإن الكرة الأرضية سوف تبقى تدور دورتها المعتادة حول نفسها ولكن بالعكس حتى يبدأ الكوكب بالابتعاد عن الأرض مكملا طريقه المساري حول الشمس، كما أنه حتى وإن أكمل طريقه وصار على مقربة من الشمس فإنه سوف يؤثر في قطبيتها وبالتالي ستحدث انفجارات هائلة في الحمم الهيدروجينية على سطح الشمس ما سيؤدي إلى وصول بعض الحمم إلى سطح الأرض حيث ستؤدي إلى كوارث بيئية عظيمة، وهذا ما يفسر التغيرات المناخية التي حدثت في السنوات العشر الأخيرة من زلازل مستمرة وفيضانات هائلة وبراكين وانخفاض مشهود في درجات الحرارة. أما حالياً وبعيداً عن كل ما قيل من تنبؤات مخيفة وغريبة وانطلاقاً من الحماسة والتفاؤل اللذين يسيطران على قلوب البعض، يشهد العالم استعدادات مختلفة احتفالاً وربما وداعاً لكل ما أصاب هذا الكون خلال ملايين السنين من مصائب وآلام وكوارث واستعداداً لاستقبال عهد جديد ينبئ بالأفضل والأجمل، فإذا كنت من المؤمنين بنهاية العالم فما عليك إلا التوجه إلى بعض الفنادق الكبرى التي رصدت عروضاً خاصة لإحياء المناسبة بحسب ما نقلت شبكة أخبار (CNN) حيث انتهز العديد من الفنادق في المكسيك وأميركا الوسطى المناسبة بتقديم عروض خاصة مستوحاة من ثقافة حضارة المايا الغنية للاسترخاء بعيداً عن هموم التفكير بيوم «نهاية العالم»، وقضاء أيام بمرافقها عوضاً عن الجلوس بانتظار وقوع الحدث الكبير، على حد قولها. وروج فندق «سايترس» في دينفر لعرضه قائلاً: «إذا العالم على وشك النهاية، فلما تختتم ذلك بعرض مدو»، وعرض للمهتمين استئجار الطابق الـ15 بأكمله لإفساح المجال للضيف وأصدقائه وأقاربه قضاء «الساعات» الأخيرة معاً وبمرح، ويغري فندق آخر وهو «ذا كيتينغ» بسان دييغو زبائنه بتقديم «إرشادات ضرورية» للنجاة من اليوم الكبير، أو «الاستجمام» استعداداً له، بجانب الاستمتاع بـ«العشاء الأخير»، بأحد مطاعمه الراقية. ويطرح المتفائلون تساؤلاً عما إذا ما كان العهد القادم أفضل من الذي مضى؟ ويجيب الآخرون إن الانتظار خير دليل!.