2012/07/04

شادي دويعر: إقدام المؤسسة العامة للإنتاج على إنجاز «أنت هنا» بصعوبته .. جرأة مُبشرة
شادي دويعر: إقدام المؤسسة العامة للإنتاج على إنجاز «أنت هنا» بصعوبته .. جرأة مُبشرة


فؤاد مسعد - الثورة

شادي دويعر كاتب شاب قدم عدداً من التجارب المتميزة ، وهو اليوم يقدم تجربة جديدة في (أنت هنا) يحمّلها الكثير من الآمال لأنه يسعى من خلالها إلى طرح شكل جديد للوحة التلفزيونية ومقاربتها أكثر من الفيلم القصير ،

‏‏

يقول (العمل يشبه التجريب الإيجابي).. قام بإنتاج العمل المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي ، وأخرجه علي ديوب الذي سبق وجمعته مع الكاتب تجارب من أبرزها الفيلمان القصيران (طرب ، معك ولاعة) . مع الكاتب شادي دويعر كان اللقاء التالي :‏‏


الشراكة بين الكاتب والمخرج غالباً ما تنحر ذاتها بعد عمل أو اثنين ، فماذا عن تجربتك مع المخرج علي ديوب وهل تحمل عنصر الاستمرار ؟‏‏

جمالية العلاقة الفنية بيننا أن الصداقة التي تجمعنا تكرّس نوعاً من الأصالة حتى في التعامل ، فكل منا يفهم الآخر ويعرف ماذا يريد ، وما يميزه كمخرج أنه يحترم النص ما يجعلني أشعر أنه سيبذل قصارى جهده ليوصله إلى الناس ، أما ما يواجهه من عقبات فهذا موضوع آخر .‏‏

‏‏

ولكن بالمقابل هناك مخرجين يتعاطون بخفة كبيرة مع قراءة النص ، فتجد أن هناك مخرجا مستعدا لحذف مشهد كامل لأن إنتاجه قد يكون فيه بعض الصعوبة ، وأرى أن عدد المخرجين الذين يعرفون قراءة النص في سورية قلائل جداً ، وعندما يتم التعاطي مع النص بخفة فمن المؤكد أننا سنصل إلى عمل غير ناضج ، لذلك أتمنى من المخرجين التعامل بجدية أكبر مع النص ، وألا يحدث أي حذف أو تعديل إلا بعد سؤال الكاتب لأنه يعرف إلى أين ستذهب الشخصية ومدى تأثير هذا التعديل في خطها الدرامي .‏‏


نص مثل (أنت هنا) إخراجه أقرب إلى الأشغال الشاقة لكثرة وتنوع أماكن التصوير فيه ؟‏‏

تنفيذ هذا النوع من الأعمال صعب جداً ، إذ يقع في ثلاثين حلقة تضم (75) لوحة ومدة كل منها بين (15 و 20) دقيقة ، لذلك أقول إن إقدام المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي على إنجاز هذا النص بصعوبته هو بحد ذاته حركة جريئة ومُبشرة . فما تُقدِم عليه المؤسسة أهم مما قدمته شركات إنتاج منذ خمس سنوات ولليوم ، فهناك آلية إيجابية في التفكير ولديهم الرغبة في تنفيذ مشروع درامي حقيقي .‏‏


ما مقدار جرأة (أنت هنا) ؟.. وهل هناك خرق لخطوط حمر خاصة أن موضة التسويق في السنوات الأخيرة باتت تعتمد مصطلحات مثل (الجرأة وخرق التابوهات ..) ؟‏‏

إنني ضد تسويق العمل على أساس أن سقف جرأته (عال) أو (واط) .. وأعتبرها جمل تسويقية أكثر من كونها تعبّر عن حقيقة العمل ، وبرأي أن السقف عند أي فنان هو الأخلاق وتقديم ما لا يخدش الحياء العام ، فالتلفزيون ليس سينما أو مسرحاً وهو مُقدم للعائلة وبالتالي لا أريد تقديم مادة قد تؤذي عين طفل أو أنه قد يفهم منها شيء خطأ . وعمل (أنت هنا) قد لا يكون سياسياً ولكن سقفه أعلى من الأعمال السياسية ، وهو سقف يعبّر عن وجهة نظري ، ولكن لا أريد التصريح بأنني رفعت السقف أم لم أرفعه ، وإنما أعتقد أن أي لوحة أكتبها ينبغي أن تكون جريئة وإشكالية وتثير الجدل دون أن تخدش الحياء العام .‏‏


ألهذا لجأت إلى الكتابة بنفس سريالي واعتمدت الواقعية السحرية ؟‏‏

لم يكن هروباً ولكن هو نوع من الدغدغة الفنية بأن تذهب باتجاه الجماليات ، فالسريالية تعطيك فرصة لتقديم جماليات حتى أنه الواقع نفسه تجد فيه أحياناً أمور سريالية ، وبالتالي لم تكون هدفاً ولكنها كانت أحد الأشكال التي لجأت إليها في بعض اللوحات . ويمكن القول أن العمل بالعموم خارج من جعبة الواقعية السحرية ، وواقعية سحرية هنا فيها جرعة كبيرة من الكوميديا السوداء ، فعلى سبيل المثال في لوحة اسمها (خي) يتم طرح مفهوم جديد للموت لكن بشكل كوميدي واللوحة عبارة عن أموات في براد مستشفى نسمعهم من الداخل يقولون (خي) . وأرى أن (أنت هنا) يشبه اسمه ، وافترض من وجهة نظري انه يشبهنا كبشر ودول عالم ثالث وكدول عربية وسوريين .‏‏


ماالمعيار الذي جعلك تقول عن لوحة كتبتها أنها تصلح ل (أنت هنا) ولا تصلح ل (بقعة ضوء) الذي شاركت في كتابة عدد من لوحاته ؟ هل أبقيت اللوحات الأفضل والأكثر تكثيفاً ل (أنت هنا) خاصة أنك بدأت بكتابته منذ عام 2007 وبالتالي أي لوحة كتبتها بعد هذا التاريخ كانت مؤهلة لتكون ضمنه ولكن هناك لوحات جيّرتها لأعمال أخرى .. فلماذا ؟‏‏

لا أعتبر نفسي جزءاً من مشروع (بقعة ضوء) فهو موجود قبلي وأنا لست أحد البانين فيه ، ولكني أحد المشاركين في لوحاته ، أما (أنت هنا) فهو مشروع شاركت في بنائه منذ اللحظة الأولى وأنا أكثر حرية فيه وأعبّر من خلاله عن وجهة نظري بشكل أقوى ، لأنه كان منذ البداية مشروعاً مشتركاً بيني وبين المخرج علي ديوب .‏‏

هذا من جهة أما من جهة أخرى فعندما تشاهد (أنت هنا) ستجد أن اللوحات فيه لا تشبه لوحات (بقعة ضوء) لأن كمية التكثيف فيها أكبر وهي تشبه تماماً الأفلام القصيرة التي تعرض في السينما ، لذلك عندما كنت أرى لوحة فيها تكثيف وجرأة أكبر أو فيها روح الواقعية السحرية أكثر كنت أتركها ل (أنت هنا) وهذا كان المعيار الأساسي ولم يكن هناك معيار للوقت أما في (بقعة ضوء) فكان يُطلب مني كتابة لوحة مدتها تتراوح بين عشر وخمس عشرة دقيقة .‏‏


إلى أي مدى سنلمس عدم تكرار للموضوعات بعد مجموعة من الأجزاء لمسلسلات مثل (مرايا) و(بقعة ضوء) زادها اللوحات الناقدة والكوميديا السوداء ؟‏‏

طالما أنه ليس هناك إجابة للأسئلة التي يطرحها الفن فأنت مضطر أحياناً لأن تكرر السؤال وتصر على تكراره . عموماً الموضوعات التي يقوم عليها الفن ليست كثيرة ، فالجذر هو نفسه . ولكن هناك ما له علاقة بالتطور الطبيعي للحياة وقد يوحي لك بفكرة جديدة ، ولكن المصدر الأساسي لايتغير ، وبالتالي الطرح هو ليس موضوعات جديدة وإنما وجهات نظر وأسئلة جديدة لموضوعات وأفكار موجودة على قارعة الطريق .‏‏