2012/07/04

«ضيعة ضايعة» يحول «أم الطنافس» إلى مزار سياحي
«ضيعة ضايعة» يحول «أم الطنافس» إلى مزار سياحي

جمال آدم - البيان لم تكن تتوقع أم حسن التي تسكن في تخوم قرية (أم الطنافس) الحدودية التي تفصل سوريا عن تركيا، أن يدر عليها بيتها المتهالك هذا القدر من النقود، وقد صارت تحصل على مئة ليرة سورية من وراء كل فرد يدخل بيتها، وهو ما يعادل دولارين أميركيين، وقد عاشت تحت قبة الحرمان لفترة طويلة من الزمن، ربما أدركت من خلالها أن هذا قدرها في الحياة.     ولكن شاء القدر أن يكون هناك مصدر رزق يعوضها وعائلتها مرارة الأيام السابقة، وكما هو معروف في جغرافيا تلك المناطق، يعتبر فصل الشتاء من أطول الفصول وأقساها، وربما قسوة الحياة والفقر لا يترك مجالا واسعا للتحرك في محيط ضيق من الحياة. ولكن حينما قرر فريق عمل مسلسل (ضيعة ضايعة) أن يصور حلقاته الثلاثين في أم الطنافس تلك، كان لبيتها دور البطولة الذي جعل عشاق (ضيعة ضايعة) يزورون هذا المكان في محاولة استرجاع التفاصيل التي كان يقوم بها أبطال العمل في المكان المعين او في غيره، وهنا كانت أم حسن تذكر السياح الذي أتوا المنطقة بالعشرات كي تخبرهم أن وقت الزيارة قد انتهى.     وأن المئة ليرة لا تعني أن يستوطنوا في المنزل؛ فهناك الكثير ممن ينتظرون دورهم للدخول إلى المنزل المتهالك، وقد أملت من الجميع ألا يلمسوا شيئا، أو أن يحركوا أي قطعة إكسسوار داخل المكان، لأنها ضرورية أثناء التقاط الصور من قبل السياح الذين تكبدوا عناء السفر إلى هذه المنطقة التي تبعد قرابة 600 كم عن العاصمة دمشق، وتتمركز في قبة منطقة جبلية لا تشهد إقبالا واسعا. وهكذا شاءت الظروف أن يحقق العمل نجاحا غير مسبوق وأن يبدأ السؤال من قبل الناس أين جرت مراحل التصوير؟ هنا تجاوز عشاق هذا العمل موضوع العمل ليصبح المكان هو البطل، وهو المكان الذي سيقصده الزوار حتما وعشاق المسلسل.   نذكر هنا ان المخرج نجدت أنزور قد خلق حالة موازية في أعماله التي قدمها، وتحديدا في مسلسل الجوارح حينما جعل من قرية مشغيتا الساحلية مكانا ذا أثر عظيم، وحتى الآن، وبعد خمسة عشر عاما على الأقل يتوقف المسافرون على جنبات الطريق ليقولوا هنا تم تصوير مسلسل الجوارح. وكان نجدت أنزور تعهد أن ينقل الجمال الموجود في سوريا للعالم .     وهو الأمر الذي لم تنقله الأعمال الدرامية السورية، وذلك من خلال الأعمال التي قدمها، وبالفعل صور مسلسلات (العوسج) و(البواسل) و(الكواسر) و(الموت القادم إلى الشرق)، وباقي الأعمال الأخرى في الهواء الطلق، وفي أماكن صارت مقصدا للسياح العرب والأجانب، وصار يقال إن تلك الأعمال روجت للسياحة في سوريا أكثر من أي إعلان آخر، وهذا بحال من الأحوال قاد إلى الاعتراف ضمنا ببطولة المكان في الأعمال الدرامية. عمر أفندي»يعكس شغفش الشارع العربي بالمسلسل التركي بطولة المكان في الدراما أكدتها علاقة الناس مع الدراما التلفزيونية التي انتشرت بكثرة، ولا بد هنا من التأكيد على ان الدراما روجت لأمكنة غير معروفة اي ليست قلاعا أو أماكن أثرية، بل هي أماكن شعبية موجودة بطبيعة الحال في الطبيعة، وشاءت الظروف لعين المخرج أن يختارها.   ومن خلال غزو المسلسلات التركية للشاشات العربية، صار لزاما ان ينتقل جمال الطبيعة التركية للمشاهد العربي، ونقفز فوق المعطيات المتوافرة والتفاصيل التي صارت معروفة لدى القارئ العربي الذي شاهد مسلسل (نور) و(سنوات الضياع) لننتقل للقصر الذي بني منذ العام 1853 ويدعى قصر عمر أفندي، الذي احتضن في داخله المئات من القصص الجميلة والذكريات. القصر كان مهجوراً لزمن طويل امتد إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً، وقد أعاد مسلسل (نور) إحياء هذا المكان بقصة عائلية بسيطة وأقرب إلى مجتمعنا العربي. تلك الظاهرة التركية التي اجتاحت العالم العربي، هي السبب الذي دفع ببعض المستثمرين لاستئجار القصر وإعادة ترميمه وإكسائه من جديد ليفتح أبوابه للناس الذين تابعوا تفاصيل العمل منذ أن بدأ، وكانت الحجوزات على تركيا من بلاد الشام والخليج قد أكدت أن الدراما التركية قد حققت حضورا فاعلا لدى العالم العربي، وفي تصريحات لمالك القصر تناقلتها الصحافة قبل نحو عام تقريبا أنه دفع ما قرابته مئتي ألف دولار لترميم القصر حتى يكون ذا نفع وفائدة للتصوير والسياحة.   وقد حصل له ما يريد، وقد صار يحصل يوميا على عشرة آلاف دولار تقريبا من وراء المصطافين العرب الذين جاءوا كي يستمتعوا بمكان وقوف مهند ونور في هذا القصر الذي يعتبر أحد ثمار تطور حركة الدراما وولع الناس بأبطالهم في تلك الأعمال