2013/05/29

عـــام 2012 أسـقط حلم المـراهنين على احتضـار الـدراما السورية
عـــام 2012 أسـقط حلم المـراهنين على احتضـار الـدراما السورية


عمر محمد جمعة – البعث

بــدت الأزمــــة واضحة فــي قــلة ومحـــدودية الانتــاج  الـــــدرامــــي


لا ينكر عاقل أن الأزمة والحرب المعلنة على سورية فرضت إيقاعها المختل المضطرب على جوانب الحياة كافة، فرأينا ولمسنا الشلل الذي أصاب كثيراً من المؤسسات العامة والخاصة خلال العام المنقضي 2012، أما في حقل الدراما التلفزيونية، فقد بدت آثار هذه الأزمة واضحة فقط في قلّة ومحدودية الإنتاج الدرامي المحلي قياساً إلى زخم الإنتاج في الأعوام السابقة، بل ذهب بعض المتشائمين والمراهنين إلى الادّعاء بأن الدراما السورية بقلّة أعمالها وهجرة بعض نجومها بدأت بالاحتضار في العام 2012. غير أن ما فاجأ هؤلاء أن مؤسساتنا وشركاتنا العامة والخاصة التي لم ترهبها منعكسات الأزمة آثرت التحدي والمغامرة، حيث قدّمت خلال الموسم الدرامي أكثر من عشرين عملاً، عُرض أغلبها على القنوات المحلية والعربية.

> لقد حافظت الدراما السورية، كما عوّدتنا، على تنوّعها وسوية الموضوعات التي قدّمتها، وتباينت بين المسلسلات الاجتماعية وأعمال البيئة الشامية، إضافة إلى بعض الأعمال الكوميدية.

ففي الحقل الاجتماعي شهدنا إنتاج ثمانية أعمال هي "بنات العيلة"، و"المفتاح"، و"رفة عين"، و"أرواح عارية"، و"ساعات الجمر"، و"أوراق بنفسجية"، و"المصابيح الزرق"، و"ما بتخلص حكاياتنا". وفي حقل أعمال البيئة الشامية تمّ إنتاج خمسة مسلسلات هي: "الأميمي"، و"زمن البرغوت"، و"لعنة قسم"، و"حارة الطنابر"، و"طاحون الشر".

أما الأعمال الكوميدية التي قُدّمت خلال عام 2012 فكانت ثمانية أعمال هي على التوالي: "بقعة ضوء- ج9"، و"سيت كاز"، و"رومانتيكا"، و"كمون وليمون"، و"أيام الدراسة- ج2"، و"صبايا- ج4"، و"أنت هنا"، و"أبو جانتي- ج2". في حين اقتصرت الدراما التاريخية على عمل تاريخي واحد هو "الصادق".

ولعلّ الملمح الأبرز لهذا الاستمرار والتحدي هو دخول مجموعة من الوجوه الشابة والتجارب الإخراجية الجديدة، ما يؤكد أن رهاننا الدائم على هذه الكفاءات كان رهاناً ناجحاً إلى حدّ بعيد، كما أن الأعمال التي قُدّمت حظيت بنسب مشاهدة عالية محلياً وعربياً، وكُتبت عنها دراسات نقدية ومقالات صحفية، تشير إلى أهمية الموضوعات التي طُرحت وجديتها، بل إن بعض هذه الأعمال نال جوائز في بعض المهرجانات العربية كـ"زمن البرغوت" الذي نال الجائزة الذهبية لأفضل عمل اجتماعي بيئي في مهرجان القاهرة.

ولئن كنّا ننعي بأسف بالغ في 2012 رحيل ووفاة فنانين نحبهم مثل: طلحت وحمدي ومحمد شيخ نجيب وصبحي الرفاعي وخالد تاجا والشهيد محمد رافع، الذين أغنوا الدراما السورية بعشرات الأعمال المتميّزة المشهودة، إلا أن أسفنا الأكبر هو في هجرة بعض الفنانين الذين غادروا سورية بذرائع شتى، مؤكدين على هؤلاء الذين نحبهم أن يعيدوا النظر في خطوتهم، ولاسيما أنهم يعرفون أهمية وجود الفنان في هذه المحنة وما يمكن أن يؤديه من دور توعوي في أسباب وعـــوامل الأزمـــة، وصولاً إلــى تعضيد وجـــود الـــدراما وبقــــائها ودعم تحديها لهذه الحرب المعلنة علـــى ســورية.

على أن ما يطمئن أيضاً ويفنّد ادعاءات القائلين باحتضار الدراما السورية، أن بعض المخرجين رغم الصعوبات الكبيرة بدأ الإعداد لأعمال 2013 ودارت كاميراتهم لتصوير المشاهد الأولى، بل اجترحوا حلولاً إخراجية بالانتقال إلى محافظات أخرى، ففي مدينة السويداء أنهى المخرج المثنى صبح تصوير أغلب مشاهد "ياسمين عتيق"، كما يواصل المخرج فادي سليم تصوير مشاهد مسلسله "فل هاوس" في طرطوس، أما المخرج ناجي طعمة فيتنقل بين دمشق وطرطوس لإنجاز عمله القادم "صرخة روح".  فيما يصوّر المخرج أسامة الحمد مسلسله الجديد "نيران صديقة" في لبنان، وكذلك المخرج الليث حجو يستكمل تصوير مسلسله "سنعود بعد قليل" بين سورية ولبنان.

أخيراً نقول: إن الدراما السورية التي حاصرها البعض يوماً، وسعى إلى لجم اندفاعها نحو قلوب المشاهدين السوريين والعرب الذين ينتظرونها سنوياً بشغف كبير، وراهن آخرون على أن يكون عام 2012 عام احتضارها، مازالت تنبض بالعطاء وستحيا وتتألق بجهود جنود مجهولين آثروا التحدي والمواجهة كلّ وفق رؤيته وطريقته.