2012/07/04

علامــــة فارقـــــــة
علامــــة فارقـــــــة

يمن سليمان عباس - الثورة

لو خلع تشي جيفارا قبعته ربما لانتذكره، وكذلك عباس محمود العقاد ومحمد الماغوط والجواهري وتوفيق الحكيم وآخرون، اعتدنا على زيهم المحرض ولباسهم الذي يدل على مزاجهم الصعب وجلستهم الأكثر غربة وتقاسيم وجوههم المكتهلة التي تجر وراءها عربة الذاكرة

وتشد آذاننا كي نصغي لمستقبل مؤجل كل من يمر على هؤلاء المبدعين أو المشاهير يجد أن القبعة المائلة أصبحت جزءاً من الكاريزما وهوية شاخصة ترمز إلى الكثير من الغامض في السلوك تشعر أحياناً، وكما يقول محمد الفوز في المجلة العربية العدد /414/ بأنك أمام نصب تذكاري أو قامة فارعة ترسمها الظلال قد تكون قبعة الجواهري سبباً آخر في شهرته فهو يتفنن في نسيجها وزخرفتها من نسيج أليث الذي يطلبه من تشيكوسلوفاكيا قبل سقوطها، كما أن ميلانها يزيده كبرياء وغروراً وقد أشار غير مرة في مقابلاته وحواراته إلى أن قبعته المائلة كانت رفيقاً له في المحنة لدرجة أنها لا تفارقه حتى وقت النوم ولو سقطت يفز من سباته العميق، كما أنها قد تصبح عاراً عليه في لحظة سوداء وغامضة، فمن سينتقم من الجواهري مثلاِ لو باتت قبعته فتيلاً لإشعال الفتنة، من هنا تأتي ضريبة الشهرة إما سلباً أو إيجاباً.‏

ونذكر مما يذكره الجواهري في سيرته الذاتية أنه كان في قرية افريقية نائية وأشار له أحد الصبية بقوله (هذا هو الجواهري) وموقف محفلي كهذا قد يشي بالغرور والأنفة لشاعر كالجواهري يعنيه الصيت والشهرة ولكن لو لم تكن القبعة المائلة على رأسه هل سيتذكره المارون على أرصفة الحزن في افريقيا ؟ لقد رأينا شال أم كلثوم وكوفية ياسر عرفات وعصا مستر بن وسيجار كاسترو، لحية شوبنهاور، وإيشارب بتهوفن والشعر المنفلت لأينشتاين وغيرهم ممن شغلوا أنفسهم بملامح خاصة باتت مشهداً بارزاً في الشخصية كما كانت سمة مغايرة أدت بشكل أو بآخر إلى إشهار سلوك ما أو التلميح لشيء آخر.‏

نحن إذاً أمام حالات متغيرة ولكن الأرجح أن المشاهير والمبدعين أياً كانت توجهاتهم يعمدون إلى التميز في الشكل ناهيك عن الكلام أو البحث الدؤوب عن فكرة صادمة، فهنالك مايكل جاكسون الذي حارب سمرته بالقوة والفعل غيّر ملامحه ليكون مختلفاً ومستلباً لشكل غربي أصبح مألوفاً ومعتاداً فيما بعد، والعالم كله يتسمر لأغاني الراب ورقصاته التي يقلدها الشباب من شرق اللحن إلى غرب الموسيقا، كل غريب وراءه ملتاعون وكل مشهور نجده يتحول إلى ماركة في لباسه غالباً، أما تقليد السلوك فهو مفتعل، أكثر ما يؤثر هو الشكل والفكر وهذا يظهر لدى بعض السيدات مثل مارلين مونرو أو باريس هيلتون أو جنيفر لوبيز على اختلافهم كمشاهير عبروا القارات فهن سيدات كل نبضة تشهق في عروقهن يسيل لعاب العالم معها.‏

أخيراً يتساءل الكاتب : قد يتساءل البعض : ماذا لو لبسنا قبعة وخرجنا أو تهندمنا بشكل خاص هل سنمرر هويتنا للآخرين ونظل شخوصاً للذكرى ؟!..‏