2012/07/04

«فوق السقف»: كمنصة للحوار الوطني الهادئ
«فوق السقف»: كمنصة للحوار الوطني الهادئ


ماهر منصور - السفير

باتت صفة «الجرأة في الطرح» أمراً لا نختلف عليه في الدراما السورية. وما نتجادل حوله اليوم هو مستوى تلك الجرأة وسبل التعبير عنها فنياً. فضلاً عن مدى مقاربتها للواقع أو مفارقتها لحقيقة الحالة العامة فيه. وكيفية تمكنها من النجاة من مقص الرقيب لتصل إلينا، سواء بتمييع الزمن أو تمويه الأمكنة، أو بالإسقاط التاريخي، أو غير ذلك.

إلا أن الجدل السابق حول جرأة الطرح ومستواه، سرعان ما اقتصر على سؤال واحد: أين مقص الرقيب مما يطرحه مسلسل «فوق السقف» للمخرج سامر برقاوي في لوحات درامية تعايش الأحداث الأخيرة التي تشهدها سوريا اليوم، إلى حد اعتمدت عليه فضائية إخبارية عربية في تحليلاتها السياسية بوصفه «شاهد عيان» (بالصوت والصورة هذه المرة) لما يحدث من حراك شعبي في سوريا!

الجرأة في «فوق السقف» لا تكمن في الطرح فقط، وإنما في إقدام جهة حكومية على إنتاجه وهي «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»، وتالياً في تبني العرض الحصري من قبل «الفضائية السورية»، وفي أهم وقت للعرض الرمضاني على شاشتها. وفي ذلك كله ما يستدعي النظر بعمق أكثر لرسالة العمل ومضمونه. «فشاهد العيان الدرامي» كما تراه الفضائية الإخبارية العربية، هو في حقيقة الأمر محاولة لجعل مضمون ما يقدمه «فوق السقف» منصة حوار وطني هادئ، لتحليل ما يجري على الأرض، بعيداًَ عن أي جدل بيزنطي يمكن أن يدار بين مؤيد ومعارض. إنه محاولة لتشخيص الحالة، والاعتراف بمواطن التقصير والخطأ، استشرافاً لحل وطني جامع.

المخرج فراس دهني مدير «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»، وصف في حوار مع «السفير» المسلسل بأنه «مشروع طموح وجريء جداً، يحاول أن يمسك بنبض الشارع ونبض الناس»، مبيناً «أننا عبر هذا المشروع الفني نحاول أن نقدم صيغة تعيد نوعاً ما الاطمئنان إلى نفس المتفرج، عبر عرض نماذج تشبهه، وتشبه آخرين يخاطبونه، ولكنها تحاكي في آن معاً مخاوفه وطموحاته. بمعنى أن العمل هو محاولة للدخول إلى مكنوناتنا لنرى إنساننا اليوم في تعدد آرائه سلباً وإيجاباً، محايداً ومعارضاً ومؤيداً.. لكننا في كل مرة نأخذ بعين الاعتبار الحالة الوطنية لأنه دون وطن لن يكون هناك أمل. ولعل هذه الرسالة الأساسية لهذا المشروع».

ويؤكد المخرج دهني أن «في المسلسل محاولة لكسر سقف الرقابة نهائياً والتحدث بصراحة عبر طرح الآراء المختلفة واحترامها ومناقشتها، وبالتالي هي ليست محاولة لرفع السقف وإنما لتمزيق هذا السقف الرقابي، لأن السقف الذي يجمعنا جميعاً هو الوطن».

وعن إقدام القطاع العام الإنتاجي لتبني إنتاج المسلسل، يقول دهني: «دائماً كان يقال ان القطاع العام بعيد عما يجري في الشارع ويقدم مواضيع لا تخاطب الناس. الآن نحاول أن نخاطب الناس بشكل مباشر جداً، وبشكل يشرح حالة اليوم وربما يشرح حالة التمزق داخلنا أحياناً. وكل ذلك ضمن هذه الصيغة التفاؤلية التي يقدمها «فوق السقف».

يقدم المسلسل في كل حلقة لوحة من عشرين دقيقة، يكتبها نخبة من كتاب الدراما السورية منهم مازن طه، كوليت بهنا، عدنان زراعي، شادي دويعر، بسام جنيد وآخرون، ويخرجها سامر برقاوي. ويعرض على «الفضائية السورية» بعد نشرة الأخبار الرئيسية حوالى التاسعة والربع.