2012/07/04

 	  فيروز تغني ضاربة على الدف.. ومعجب «يختلس» قبلة من يدها
فيروز تغني ضاربة على الدف.. ومعجب «يختلس» قبلة من يدها

سوسن الأبطح – الشرق الأوسط

افتتحت فيروز أول حفلاتها الأربعة، مساء أول من أمس الجمعة على «مسرح بلاتيا» في «ساحل علما». ندهت قبل أن تدخل المسرح «مسيتكن بالخير يا جيران»، لينتفض عشاقها وقوفا وتصفيقا في تحية جماعية لمحبوبتهم الأثيرة. «طلع القمر غفي حبيبي. غاب القمر وعي حبيبي» كانت البداية، ليزداد الجمهور حماسة مع «تعا ولا تجي وكذوب عليّ»، ومن ثم «غيروا، غيروا، أهل الهوى غيروا». وكعادتها في حفلاتها في السنوات الأخيرة تترك فيروز المسرح بعد أن تؤدي ثلاث أغنيات للكورس والفرقة الموسيقية التي قادها هذه المرة المايسترو هاروت فازليان ببراعة

بفستانها الأبيض، أطلت فيروز على صالة جمعت أكثر من 3500 شخص، جاءوا من مختلف المناطق اللبنانية إلى هذا المكان الذي يكتشفونه للمرة الأولى، وهناك من حضروا من سوريا

لا يهم أن يقضي البعض ساعة في السيارة حائرا، محاولا معرفة مكان الموقف الذي بدا الوصول إليه أصعب بكثير من الوصول إلى فيروز نفسها. وفي طقس ماطر وجد البعض أن الاستهداء إلى المكان المخصص لركن السيارات، وسط ازدحام بالغ في شوارع ساحل علما الجبلية الضيقة، سيحرمهم من الحفل، فجازفوا بوضع سياراتهم وسط الطريق، وذهبوا متكلين على الصدفة. وقالت مجموعة شبان تنزل من سيارة ركنت على خط ثان، بعد أن سدت الطريق على سيارات أخرى مركونة هناك «كله في سبيل الست يهون». وقال آخر حشر في سيارته «إذا استمر الحال على هذا النحو سنصل إلى الحفل عند منتصف الليل».

لكن فيروز بدأت حفلها عند التاسعة والنصف، وبدا الحضور وكأنه نسي متاعبه كلها، صفق وغنى معها «القمر بيضوي ع الناس» و«على جسر اللوزية»، و«طيري يا طيارة طيري» و«حبيت ما حبيت». واستعادت فيروز أمجادها في هذا الحفل الذي بقي في غالبيته الساحقة مخصصا لإبداعات الأخوين رحباني، منصور وعاصي، ولم ينل زياد الرحباني الغائب الحاضر أبدا إلا جزءا يسيرا منه، وكأنما فيروز أرادت أن تثبت أن إرث الأخوين رحباني ملكها، ولها أن تقدمه متى شاءت وكيفما أرادت رغم اعتراض أولاد عاصي ومطالبتهم بحقوقهم المادية والمعنوية فيه.

وهكذا سمع الحضور قمريات فيروز، وكل مفردات الضيعة التي أنتجتها عبقرية الأخوين رحباني. أغنيات من الأفلام والمسرحيات، حيث طغت السهريات والصبحيات، وهب الهوا، وسمعنا صوت البلابل، وغنى الكورس مجموعة من أغاني البحرية والصيادين. وبقي الجيل الشاب ينتظر تلك الأغاني التي عايشها وعاصرها، فما إن كانت تطل أغنية مثل «صباح ومسا» و«إيه في أمل» حتى يجد أن فيروز عادت إلى قديمها. أمر أصاب الشباب بشيء من الخيبة، إذ حتى الأغنيات القديمة التي أدتها لم تكن في الحقيقة في غالبيتها من أشهر أغنياتها وأكثرها شيوعا.

مع ذلك فإنها فيروز التي ما إن ترفع يدها حاملة الدف ملوحة به، حتى يجن جنون الحضور ويقف هائجا مائجا، غير مصدق أن هذا المشهد يحصل أمامه بالفعل. لم تقدم فيروز مسرحية رحبانية قال أولاد منصور إنهم سيقفون في وجهها لو أعادت إنتاجها على المسرح دون إذنهم، لكنها استعارت أغنيات من تلك الأعمال، وحوارات غنائية منها. وفي آخر الحفل، حملت الدف وغنت مع كورسها «تبقى بلدنا» ذاك الدويتو الجميل الذي كان قد جمعها مع نصري شمس الدين. وما إن لوحت فيروز بالدف وبدأت تضرب عليه حتى وقف الجمهور وصفق وصرخ وشجع.

أنهت فيروز بأغنيتها التي أصبحت تقليدية في آخر الحفلات «بكرة بارجع باوقف معكن، إذا مش بكرة البعدو أكيد»، في تأكيد جديد على أن فيروز لن تعتزل كما رددت إشاعات سبقت الحفل، بسبب استغراب البعض أن تغني جارة القمر من دون مناسبة كبيرة، ترتبط بشريط جديد، أو ضمن إطار مهرجان. واستطاع شاب أن يتسلل إلى المسرح في ختام الحفل رغم الحراسة المشددة وانهال على يد فيروز تقبيلا، وفي ما يبدو أنها ارتبكت ولم تعرف ما تفعل. واستطاع الشاب أن يفعل فعلته وينزل عن المسرح بسرعة البرق، قبل حتى أن يتمكن الحراس من إدراك ما يحدث.

ولما استزاد الجمهور فيروز عادت وغنت مقطعا صغيرا جدا للأخوين رحباني «جينا لحلاّل القصص تنحل قصتنا، ولقينا في عنده قصة يا ما أحلا قصتنا. كل واحد عنده قصته وكل قصة إلها قصة، وبيخلص العمر وما بتخلص القصة». أغنية بديعة للأخوين رحباني تعود لعام 1968، ختمت بها فيروز حفلها، وهو ما أشعر الشباب بمزيد من التبرم، لأنهم كانوا ينتظرون أن ينهوا معها غناء، بما خبروا وعرفوا، فإذا بها تفاجئهم لمرة جديدة بما هو آت من زمن سابق على زمنهم.