2012/07/04

قناة خاصة للرقص الشرقي حصراً!
قناة خاصة للرقص الشرقي حصراً!


عمّار أبو عابد - تشرين

(نحن أول قناة مخصصة للرقص الشرقي حصرياً وعلى مدار أربع وعشرين ساعة، وهدفنا تقديم المتعة للمشاهدين). هذا ما تعلنه قناة مصرية خاصة جديدة اسمها (التت)!. وقد أتحفت المشاهدين بالراقصات من كل الألوان والأشكال.

العرض اليومي المستمر من دون توقف يتضمن تقديم راقصة تلو الأخرى، مع شريطين، الأول موجه للمشاهدين مع دعوتهم للتمتع، والثاني ينقل رسائل نصية لمشاهدين يعبرون فيها عن إعجابهم بالراقصات، ويرسلون تحياتهم وسلاماتهم للأهل والأصدقاء!. ‏

قوام هذه القناة راقصة ورسائل نصية، ثم تدخل الإعلانات لاحقاً شريكاً في اللعبة كلها، رغم أن العملية التجارية تتركز على ترويج الراقصات أنفسهن. وقد أرغمت نفسي على متابعة هذه القناة لمدة أقل من ساعة، وإذا بالقناة (الفاضلة) تُعرفنا على ما نجهله من أسماء الراقصات ورقصاتهن ومميزات أجسادهن البدينة أو النحيلة نسبياً، فإحدى الراقصات تشبه دمية تلفزيونية في شريط رسوم متحركة، وأخرى تبدو وكأنها تؤدي تمارين الصباح الرياضية مع مزيد من الغنج وهز البطن، وثالثة تصلح لبطولة الوزن الثقيل في مصارعة السومو اليابانية، ومع ذلك، فهي تصر على هز ردفيها المكتنزين بالشحوم، ورابعة تشبه ثوراً هائجاً يهاجم المشاهد بحركات وإيماءات فظة، تقابلها خامسة تشبه مصارع ثيران وتعد كل مشاهد أو متفرج ثوراً جريحاً لا يحتاج إلا إلى طعنة أخيرة قبل أن يهوي أرضاً بعد أن أُشبع أو شبعَ تعذيباً!. وللموضوعية لا أخفي بأن بعض الراقصات جميلات القد والوجه، لكنهن يضعن في زحمة سوق الجواري اللواتي هن جزء لا يتجزأ منه. ‏

إن ظهور هذه القناة الراقصة (على الوحدة ونص) في هذا التوقيت يشير إلى ما يعده لنا عالم الفضائيات من مفاجآت، بحيث يغير من اهتمامات بعض المشاهدين ويحول الأمر كله إلى عالم المتعة والجنس، ولولا بعض المحظورات الاجتماعية، لكنا أمام محطة إباحية تبيح كل ما يخدش الحياء، لذا فقد اكتفى أصحاب الشأن بالرقص الشرقي وبالتفرج على متعة الغواية وهز البطن والأرداف. ‏

إن الانطباع الأول الذي يتكون لدى المشاهد أننا أمام سوق حقيقي للجواري في القرن الواحد والعشرين، وأننا أمام وكالة حقيقية للإتجار بالرقيق الأبيض والأسمر، فهي تقوم بالترويج للراقصات، تمهيداً لتصديرهن وتشغيلهن، أي بمعنى آخر، فإن هذه الفضائية بشكل أو بآخر هي مكتب لتشغيل الراقصات، بهدف نشر ثقافة (على الوحدة ونص)، وتوسيع قاعدتها بين الجمهور الذي يمكن أن تستهويه المتعة التي تروج لها هذه الفضائية. ‏

ربما يقول أحدهم -على طريقة ذلك الشخص!- :(ومالو.. إن علينا أن ندعم الرقص الشرقي باعتباره سلعة مطلوبة لجلب السياح ولدعم دخل البلاد من العملات الصعبة). لكن هذا الادعاء لا يصمد أمام كمية الشر التي تنطوي عليها هذه السلعة، وأمام حجم التلوث البصري والأخلاقي الذي تشيعه في الأجواء العربية. وبالتالي، فإن هذه القناة الجديدة ليست أقل سوءاً من قناتي (الجزيرة) و(العربية) وشبيهاتهما من قنوات التضليل والتحريض على سفك الدماء، فهي تحاول خلق أجواء للمشاهد السلبي الذي لا يعنيه الواقع والمستقبل، بل يغرق في المتعة. أليس لافتاً أن شعار هذه القناة هو (راقصة)، ألا يذكرنا ذلك بشعار (بلاي بوي) الأمريكية؟! ‏