2012/07/04

 	كابوس التمويل والقرصنة يهدد المهرجانات السينمائية
كابوس التمويل والقرصنة يهدد المهرجانات السينمائية

البيان

تقام سنوياً عدة مهرجانات سينمائية عربية مهمة تحتل فعالياتها عناوين الأخبار ويحضرها نجوم عالميون وتجمع كل مظاهر البريق والجمال التي ترتبط تقليديا بصناعة السينما في أنحاء العالم.

والفرق بين مهرجانات السينما في الغرب ونظيرتها العربية هو التنافس على أفضل مظهر الأمر الذي يؤدي إلى انقسامات كبيرة، خصوصا أن مهرجانات (فينيسيا وبرلين وكان) تعرض قرابة 60 في المائة من حجم الإنتاج السينمائي العالمي، وحفز هذا التنافس والخلاف رؤساء ومديري مهرجانات السينما العربية على الالتقاء منذ سنتين وبشكل متوال في مهرجان القاهرة السينمائي لمناقشة التنسيق بينهم في مواعيد المهرجانات لتفادي التضارب وتكرار الأفلامز.

ووضع في على أجندة تلك الاجتماعات مشروع اتفاق يهدف لتوزيع مهرجانات السينما العربية الكبرى على أشهر السنة لإتاحة فرصة للمشاركين لتقديم أفضل ما لديهم، وفتح الأسواق المحلية على الأفلام الأجنبية وفتح الأسواق العالمية على الأفلام العربية، وجاء لقاء هذا العام ليكشف عن معوقات ومشاكل مشتركة تواجهها المهرجانات السينمائية وتبحث عن حلول جذرية لها، وفي استطلاع سريع لـ(الحواس الخمس) قال عزت أبو عوف رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، إنه ينبغي وجود اتصالات دائمة بين ممثلي المهرجانات للاتفاق على خطة عمل وتنفيذها فيما يدفع باتجاه «للتغلب على الكثير من المعوقات التي تواجه المهرجانات السينمائية مشيرا إلى أن أهمية الاجتماع تتمثل في الكشف عن كونها معوقات مشتركة».

ونوه أبو عوف إلى ضرورة إنقاذ دور العرض السينمائي من الانقراض وزيادة التعاون المشترك بين المهرجانات التي تعاني نقصا تقنيا وماديا مع ضرورة إيجاد موارد جديدة لتمويل تلك المهرجانات من خلال الشركاء المحليين والحكومات والسماح بإيجاد سوق أكبر للفيلم السينمائي من خلال تلك المهرجانات.

وأوضح أبو عوف انه من الضروري تبادل الخبرات والآراء والتجارب الناجحة بين سائر المهرجانات التي تواجه العقبات والأزمات في طريقها للعالمية، مع أهمية عقد أكثر من اجتماع دوري في العام الواحد بين رؤساء تلك المهرجانات السينمائية للوقوف على أبرز المستجدات.

من ناحية أخرى أكد ماركو سولاري رئيس مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي بسويسرا إن عدد المهرجانات السينمائية بلغ عددها حاليا نحو أربعة آلاف مهرجان سينمائي حول العالم، حيث كانت البداية في سويسرا عام 1932 ثم توالت المهرجانات حتى ظهور المهرجانات الحديثة مثل مهرجان دبي وأبوظبي، وقال: رغم ذلك لا تزال المشكلات قائمة وأغلبها يتعلق بالأمور الفنية والتقنية في ظل غياب عنصر الجودة وصعوبة الحصول على نسختين للفيلم مصحوب أحدها بالترجمة للغة أخرى.

وأضاف: إن أبرز المشكلات التي تعتري المهرجانات السينمائية على الصعيد الدولي تكمن في تقلص عدد قاعات دور العرض السينمائي نتيجة انتشار ما يسمى بالسينما المنزلية التي نشأت من خلال انتشار الفضائيات والقرصنة عبر شبكة الإنترنت، بجانب مشاكل أخرى تتعلق بسلوك بعض الموزعين والمشكلات التمويلية، علاوة على مدى توافر الاستمرارية والثبات في إقامة المهرجان الواحد.

وطالب سولاري بضرورة تطوير المهرجانات وعدم الاكتفاء بعنصر الاستمرارية فقط وتبني مبدأ الحرية الفنية والإبداعية، بالإضافة إلى توفير الوسائل المالية وضرورة ربطها بالبعد السياسي.وأشار بيتر سكارليت المدير الفني لمهرجان أبوظبي السينمائي إلى أن من أبرز المشاكل التي تواجه أغلب المهرجانات تكمن في الحصول على الأفلام العالمية بالإضافة إلى صعوبة الحصول على نسختين من الأفلام باللغتين العربية والإنجليزية بجانب حجم الأفلام، وقال: يضع البعض حجم الأفلام كمعيار لقوة المهرجان وهذا مفهوم خاطئ، لأن المعيار الحقيقي هو عنصر الجودة وليس حجم الأفلام، والدليل على ذلك أن مهرجانات كبيرة مثل مهرجاني «كان» و«فينيسيا» لا تضع اهتماماً لحجم الأفلام بقدر مراقبتها لعنصر الجودة، كما حذر أيضاً من خطورة القرصنة على الأفلام وخوف بعض الموزعين من سرقة أفلامهم بعد عرضها في المهرجانات.

وأوضح عيسى المزروعي، مدير المشروعات الخاصة بهيئة الثقافة والتراث بأبوظبي إلى أن مهرجان أبوظبي السينمائي يهتم بشكل كبير بالعمل في ظل أسس علمية منظمة وبروح الفريق منذ اللحظة الأولى لانطلاقه قبل نحو أربع سنوات، مؤكدا أن المهرجان استطاع أن يثبت وجوده خلال تلك الفترة لكنهم لا يعانون مشكلات مالية كباقي المهرجانات، ولكن المعوقات الرئيسية التي واجهتهم هو الإقناع علي الاستمرارية.

ويرى مشيل ودراوجو المفوض العام لمهرجان بوركينا فاسو أن هناك مهرجانات ليس لها دور أو وظيفة خاصة على وجه التحديد، وقال: هناك مهرجانات أقرب ما يمكن أن يطلق عليها «نواد للسينما» ويبلغ عددها تقريباً 002 مهرجان عبر العالم، وأشار إلى ضرورة الحصول على الدعم السياسي لحشد الموارد المالية لدعم المهرجانات دون أي تدخل من الشركاء السياسيين أو الدول والهيئات الثقافية المعاونة الأخرى مثل الاتحاد الأوربي أو المركز الثقافي الفرنسي وغيرهما، وطالب بضرورة عمل لوبي ضغط لزيادة تلك الموارد، وركز على أهمية التضامن بين المهرجانات وتوافر العدالة بينها في التمويل.

وقالت فرانسيسكا فيا رئيسة مهرجان روما السينمائي الدولي ان المهرجانات الأفريقية تعاني ضعفاً شديداً في الرعاية والدعم المادي، بالإضافة إلى إغلاق قاعات السينما في الكثير من الدول الإفريقية، واعتبرت ذلك بمثابة الخنجر في جسد المجتمع وثقافته حيث إنها تعد أحد المرافق الأساسية التي يجب توافرها للإنسان، وأكدت فيا أنهم يتلقون دعماً من عمدة روما وبعض رجال الأعمال الذين يسعون للحصول علي الدعاية لهم، كما أشارت إلى دور الجمهور في دعم المهرجان من خلال وجودهم الدائم في فعاليات المهرجان، وطالبت بضرورة وجود سوق للتلاقي الدولي للمهرجانات من خلال تسويق الفيلم السينمائي.

وقال أندرية سيوتيريك رئيس مهرجان أفلام الحب بمونز ببلجيكا إنه ليس من مصلحة مهرجانه أن يتواجد داخل ما أسماه «منطق السوق»، مشيرا إلى أنه يريد أن يلحق بمهرجانه أفلام يتم تصويرها بالتلفون المحمول، بالإضافة إلى جذب أفلام الدول والثقافات الأخرى خاصة بعد أن سيطرت الأفلام الأميركية على 90% من نسبة الأفلام التي يتم عرضها في المهرجانات الدولية.وقال فيما يتعلق بالتمويل المادي فقد طالب بإعادة تقييم مصادر التمويل مشيرا إلى أن أغلب المهرجانات تعاني ضعفا ماديا ولذلك من الصعوبة عليهم دعوة نجوم السينما الكبار من هوليوود وأوربا، وطالب بضرورة التعاون والتضامن بين المهرجانات المختلفة لتكون في مصاف المهرجانات العالمية.

وأشارت نينا فريز مستشارة مهرجان جراندا سين ديل سور بأسبانيا إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت أسبانيا قلصت من عمليات الدعم للمهرجان بجانب غياب توافر مسؤولين متخصصين في إدارة المهرجان وجذب الاستثمارات إليه من طرق مختلفة.وتحدث عبد الحق المنطرش، رئيس مهرجان الرباط السينمائي الدولي بالمغرب قائلا: يوجد بالمغرب 62 مهرجانا صغيرا في القرى والمدن الصغيرة كما أصبحت الدولة تدعم المهرجانات بنسبة كبيرة خاصة بعد أن دخل في الحكومة أناس مهتمون بالثقافة وبالنسبة للأموال فهي ليست كل شيء لذلك أود أن نتكاتف كمهرجانات عربية للنهوض والتقدم لموازاة المهرجانات العالمية.

وأشار إلى أنه بعد انتشار الفضائيات أغلقت في الرباط عدد من دور العرض السينمائي وحل محلها مبان سكنية ضخمة، وأضاف عبد الحق: أن المركز السينمائي بالمغرب يدعم السينما بـ15 مليون يورو بجانب أن المغرب أصبح ينتج في الآونة الأخيرة 15 فيلما سينمائيا بشكل سنوي واقترح ضرورة إيجاد تعاون مؤسسي بين المهرجانات العربية كنواة للتعاون المشترك بعد ذلك، ونوه إلى أهمية الاجتماع بصفة دورية للوقوف على التطورات التي تحدث في المهرجانات العالمية الكبيرة.