2012/07/04

كوليت خوري تشتري مكتباً لتملأه بإنتاجها..
كوليت خوري تشتري مكتباً لتملأه بإنتاجها..

كوليت خوري تشتري مكتباً لتملأه بإنتاجها..   السيدة الأنيقة فتحت أمام عيني صالونها الأنيق... وكأنها تقول لي: أشعر أيضاً بأني بحاجة إلى أن أقول كل ما في قلبي.. فلا تحدق هكذا! من زمان.. زمان طويل، وهذا الصالون يعج بالناس.. الذين يفتحون باستمرار قلوبهم يعيشون مع أحلى مستمعة ومتكلمة.. في مشاكلهم، أو في بعض مشاكلها، تعطي منها ما تريد.. ثم تمسك ما تريد.. ويحدث هذا بلباقة عجيبة، بكثير من الهدوء... والومضات الدافئة أحياناً... والآمرة الناهية في أكثر الأحيان.. فالذكية تعرف متى تريد أن تتحدث.. ومتى تريد أن يتحدثون.. وكل شيء يجري بمقدار، أو بدون مقدار.. كانوا، أو كان قسم مني يأتيني بعد أن يعيش بعض الوقت في ذلك الجو الحالم.. وإذا به يؤمن بكل شيء.. بل ويؤمن حتى بنفسه وأحياناً بأنه منافس خطير للمرحوم فالنتينو.. وكأنه يقول: ألم أقل لك أنها تحبني.. أنا.. السيدة التي امتنع قلبها عن الحب؟ وأقصد أن الجميع يحبونها.. ولا أدري كيف تجعلهم بكثير من البراعة.. يؤمنون بما تريد أن يؤمنوا به..   رعشة كانت كوليت خوري في تلك الفترة وفيما سبق تلك الفترة.. قد أغلقت الباب في وجه بعض الصحفيين.. بعد ما سبب قسم منهم – كما أظن – شيئاً من القيل والقال في البيت الأنيق.. وبعد ما أجمعوا على أن كوليت – سيدة خبر–  يرشق ضمن كلام الناس، فيأخذ منه رئيس التحرير (مانشيت) ذلك اليوم.. ولكن.. لا بد أن هناك شيئاً قي حياة كوليت.. شيء جديد.. ديوان جديد يصدر خلال أيام.. شعر.. فيه شيء من انفعالاتي.. وفي ميدان القصة.. هل هناك شيء جديد؟ طبعاً.. أعمل الآن في هذا الشيء الجديد.. وسيبصر النور قريباً.. كأيام معه؟  كل شيء يختلف قليلاً.. ولكنها على العموم قصة طويلة.. والعنوان؟ حتى الآن يدور في صدري.. ألا تنتظر قليلاً..   كلمة.. وتحية وكان في صدري شيء يتمنى أن يخرج بشكل سؤال: ما رأيك في الكلمة التي قالها عنك إحسان عبد القدوس؟ سمعت بها.. إني منذ وقت طويل لم أقرأ المجلات.. ومع ذلك فيخيل لي أنها.. أنها.. كما يلي: وسكتت قليلاً ونظرت إلى شيء بحثت عنه في سقف الغرفة.. تم تابعت: هل تتذكره أنت؟ كوليت الأنثى.. ما أحلاها.. أظن أن الجملة كانت هكذا: إني أشفق على كوليت خوري فإن محاولتها الانفعال بقصة حب جديدة ستدمرها.. غريب أن يصدر هذا القول عن إحسان.. لماذا؟ ولم تجبني بل تابعت: وكأني أرى في هذا الرجل ميلاً يشده باستمرار إلى مهاجمتي كأني أرى أنه يتعمد ذلك.. بل ويرتاح إلى ذلك.. والسبب؟ إحسان لم يصدق قراءة القول في هذه المرة.. ويخيل إلي أنه لم يصدق نفسه.. فهو يكاد يعرف أني أنفعل باستمرار.. وأني أكتب لأني منفعلة.. ولا أتعمد إطلاقاً أن أنفعل حتى أكتب.. إحسان نفسه: سله هذا السؤال عني.. هل يحاول أن ينفعل حتى يكتب.. أظنه لن يجيب نعم، فقصصه تكاد تكون أغزر من تعمدات الانفعال.. ثم أن أي كاتب لا يستطيع أن يكتب إلا بعد أن ينفعل.. وفي محاولة يتولى خلقها.. غير جدير بلقب كاتب.. هذا هو كل جوابك؟ كله مع سلام وتحية.. على إحسان الذي أكن له كل تقدير... وانفعال..   الأحلى؟! وموضوع آخر.. موضوع كما أصرت كوليت أن تقول: يحب الناس دائماَ أن يبحثوه وينقبوا عن ذكرياته وآثاره.. موضوع الشاعر نزار قباني.. تقول كوليت للمرة الخامسة.. أو العاشرة: نزار شاعر بقوة الكلمة وعمقها.. ولكنه صاحب طريقة أو مذهب، وكما يريدون أن يقولوا مدرسة جديدة.. كيف تعبرين عنها؟ لا أحب أن أتحدث عن المدرسة. دعني أتحدث عن نزار بالذات إنه رسام.. كل قصائده لوحات.. ألوانها زاهية براقة، نبضاتها منغمة، الريشة فيها تحسن المزج بين الألوان. وتحسن توقيع هذه الألحان. وما هي أحلى قصائد نزار؟ لا أستطيع تحديد قصيدة حلوة.. قصيدة بالذات.. إن لنزار أكثر من قصيدة حلوة.. بل ولنقل أن أكثر شعر نزار.. حلو.. ولم أسأل.. قالت الذكية. بعد صمت قصير: أريد أن بفهم الناس أن موضوع نزار كان.. والآن لكل منا موضوع آخر.. مهما كانت الذكريات.. مهما كانت قيمتها.. يعني: نقفل الموضوع على ما قيل حتى الآن.. يعني.. كوليت أسرت في أذني. وأذن أصدقائها وصديقاتها. أنها قريباً ستكون قي مكتب أنيق وخاص.. فهي تستطيع تحمل كل شيء.. إلا أن تمنع الناس الكبار أن يقولوا: وماذا يعني أن نملأ عليها البيت. إنها تستطيع أن تكتب بعد أن نتركها.. ثم لا يتركونها لحظة.. وهذا يعني أنها ستعطي وقتاً أكبر للإنتاج.. ويعني أنها ستتحدث عن انفعالاتها.. هذه المنفعلة أبداً.. عدنان مراد   الشبكة 19/9/1960