2013/05/29

"لوكارنو السينمائي" يحتفي بالجديد ويعيد القديم
"لوكارنو السينمائي" يحتفي بالجديد ويعيد القديم


محمد رضا – دار الخليج

حين استلم الفرنسي أوليفييه بير إدارة مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي قبل عامين، لم يكن عليه أن يبدأ من الصفر، فالمهرجان يبلغ من العمر 65 سنة استطاع خلالها تأسيس نفسه، كأهم نافذة عالمية للسينما الجديدة، فمسابقته التقليدية مخصصة للمخرجين الذين يقدمون على أول أو ثاني فيلم لهم، وهؤلاء كانوا بحاجة إلى مهرجان يتداول أعمالهم الأولى ويتخصص في عرضها، عوض معاملتها كأعمال مبتدئة في المهرجانات الأخرى .

هذا المنوال جعل مهرجان لوكارنو الذي تنطلق دورته الجديدة مطلع الشهر المقبل مقصداً قائماً بذاته ومنحه هوية منفردة، ومع أن مهرجانات أخرى انطلقت في الجوار السويسري وبعيداً عنه تطمح إلى لعب دور المشجّع للسينما الجديدة أو الشابّة، إلا أن لوكارنو استحوذ على الثقة لدرجة أن كل تلك المحاولات لم تحقق النجاح الذي تنشده .

استمر هذا الوضع إلى أن انطلق مهرجان “سندانس السينمائي الدولي”، الذي يُقام كل عام في شهر يناير/ كانون الثاني في ولاية يوتا الأمريكية الذي لم يقصد تحديداً الاهتمام بالأفلام الأولى أو الثانية لمخرجيها، بل نجح باعتماده مبدأ دعم السينما المستقلّة، وكان الأمر لا يشكل منافسة مع لوكارنو إلى أن أخذ سندانس يسعى لتدويل مناسبته، باستقبال أفلام عالمية أيضاً، وكان على لوكارنو التحرّك لتطوير نفسه وحسناً فعل .

إلى جانب المسابقة الدولية والعروض الرئيسة في القاعة المكشوفة وتظاهرة بعنوان سينما اليوم، هناك إضافات استحدثتها الإدارة الجديدة منها “تاريخ السينما” وهو للسينما التسجيلية التي تتعرّض للفن السينمائي أو لمخرجيه .

وهذا القسم يحتوي هذا العام على أفلام يتناول أحدها المخرج جان-لوك غودار من إنتاج سويسري، وفيلم فرنسي بعنوان “غازارا” عن الممثل الراحل بن غازارا وفيلم عن المخرج الأمريكي أوتو برمنجر أيضاً من صنع فرنسي لأندريه لابارتي .

وكذلك جلب بضعة وجوه من سينما الأمس بينها آلان ديلون وشارلوت رامبلينغ اللذان سيحظيان بتسلّم جوائز تقديرية، وسيعرض لآلان ديلون واحد من أهم الأعمال التي لعبها وهو فيلم “روكو وأخوته” للوكينو فيسكونتي، وهذا لا ينفي أن قوّة لوكارنو ما زالت في الجديد وما القديم إلا حاشية إضافية لا بأس بها، وهذا العام تحتوي المسابقة على تسعة عشر فيلماً أولاً أو ثانياً لمخرجيها، معظمها (ثلاثة عشر) لم يعرض سابقاً في أي مكان من بينها فيلم لجان كلود بريسو بعنوان “فتاة من لامكان” (فرنسا) و”أستوني في باريس” لإلمار راغ (أستوني/ فرنسي) و”آخر مرّة شاهدت فيها ماكاو” لجوزيه بدرو رودريغيز وياو روي غويرا د ماتا (البرتغال) “المالكون” لإدواردو غابرياليني (إيطاليا) .

وهذا بجانب أعمال من القارة الأمريكية (أفلام من المكسيك والولايات المتحدة) وحضور ملحوظ للسينما اليابانية يبرز منها داخل المسابقة “إعادة عرض” لشو مياكي وخارجها “شيري” لنوومي كواسي و”صوت الأمواج” لريوسوكي هاماغوشي .

وفي قسم عنوانه “أبواب مفتوحة” يحتفي مهرجان لوكارنو بالسينما الإفريقية عبر عرض 12 فيلماً من بينها “أشعة شمس سوداء” لأكوسوا أدومي أووسو (إنتاج غاني/ سنغالي) و”العين” لداوودا كوليبالي (مالي) و”علينا مغادرة باماكو” لعيشا مايا (مالي) .

وعربياً لا يوجد ما يؤكد وجود أي عمل عربي روائي طويل، لكن هناك فيلماً ألمانياً يحمل كلمة “الجزائر” في عنوانه هو “بيريه في فرنسا والجزائر”، وفي قسم الأفلام القصيرة هناك فيلم بعنوان “مجموع متوسّط” لمخرج جديد باسم فيرن سيلفا، لكن هذا الفيلم الذي لا يزيد على ثماني عشرة دقيقة يحمل أعلام أربعة دول هي الولايات المتحدة ومصر وفرنسا وتركيا، وفي مسابقة الفيلم القصير نجد فيلماً لبنانياً/ فلسطينياً بعنوان “روباما” لمخرج اسمه راكان ماياسي ويصاحبه فيلم من الأردن لعمر عبد الحي بعنوان “عائلي للأبد” .

الغياب العربي معروف أسبابه ومتوقّع حدوثه، ولا يفيد أن بعض الأفلام تفلت هنا وهناك بمعدّل فيلم أو فيلمين في العام، لكن الواقع أن أحداً في المهرجان، ولن يقف متسائلاً عن هذا الغياب وأسبابه إلا إذا كان عربياً غيوراً .