2013/05/29

محمد خير الجراح: الممثل لا يختار أدواره بل يوافق عليها
محمد خير الجراح: الممثل لا يختار أدواره بل يوافق عليها


بديع منير صنيج – تشرين


تبرز موهبة الفنان «محمد خير الجراح» من خلال قدرته العالية على صياغة كاراكترات تركت بصمتها العميقة في وجدان المتلقي، حيث يصعب أن تذكر اسم عمل شارك فيه إلا وتكون الشخصية التي جسَّدها في المقدمة؛ من حيث خلقها تواصلا مميزاً مع الجمهور ودغدغة مشاعره، سواء أكان العمل مندرجاً ضمن إطار الأعمال الكوميدية، أم مسلسلات البيئة الشامية، أم الدراما الاجتماعية المعاصرة. عبر هذا الحوار سنحاول التعرف على أسلوب هذا الفنان في التعامل مع مفرداته الفنية.

من المعروف عنك قدرتك على ابتكار الكاراكترات وعدم البقاء ضمن أداء الأدوار، كيف تدخل إلى عمق النص لابتكار الشخصية؟

الموضوع بالنسبة لي ليس نقل حوار، بل أبذل جهدي لتكون الشخصية من لحم ودم، وهذا بدأته مبكراً جداً مذ كنت أشارك في أعمال مسرحية على خشبات مدينة حلب، حينها كنت أفتش عن أشكال جديدة من الشخصيات التي أقدمها، وأُنوِّع عليها، فكل واحد منا له طريقة أداء حركية (جيست حركي) طريقة مشي معينة،... أحاول البحث عن تلك الفوارق، وعن مفردات كل شخصية، بما في ذلك ثقافتها.. عمرها.. عملها.. وأضع لها فرضيات قبل أن أكوّنها، وأتحاور فيها مع مخرج العمل مبكراً، وبعد ذلك تتخلق معنا شخصيات وكاراكترات من لحم ودم، وغير منمطة بل تتسم بالجدة والحيوية.. الحقيقة ذلك يمتعني كثيراً كممثل.


لكن في بعض الكاراكترات ثمة مبالغة في الأداء، ألا ترى أنها تسيء لعملك؟

كل عمل له شرط، ولا شك عندما يكون الشرط حاد الملامح مثل مسلسل «باب الحارة»، على الممثل الخضوع له، فمثلاً كاريكتر «أبو بدر» يذهب إلى أقصى هذه النوعية من البشر، لكن في الوقت نفسه لا يخرج عن الشرط العام لهذا العمل مثله مثل شخصية «العكيد» والشرير سواء «الإدعشري» أو «النمس» كلها شخصيات مدفوعة إلى أقصى انفعالاتها، وكذلك شخصية «أبو جودت» وحتى الشخصيات النسائية، فعندما يكون شرط العمل هو عدم الالتصاق التام بالواقع تكون المبالغة في الأداء مقبولة.

الملاحظة الأكبر قد تكون على شخصية «قدري» في المسلسل الكوميدي الخفيف «صبايا»، لكنني أرى أن هذا «الأقصى» بشخصية «قدري» كان محبباً، ولفت انتباه الجمهور، فهو الشخصية الوحيدة التي سايرت الصبايا في الأجزاء الثلاثة، وهذا دليل على أن وجوده بهذا الشكل كان مقبولاً.


كيف تنظر إلى موضوع الابتعاد عن ملامسة الواقع في تكوين ملامح الشخصية؟

الابتعاد عن الواقع هو خيار المخرج وليس الممثل، فالممثل لا يختار أدواره بل يوافق عليها أو يرفضها، وأنا أُدعى إلى أدوار كهذه لمعرفة المخرجين بقدرتي على تخليق الشخصية المكتوبة على الورق.

في الحياة هناك أناس محببون، وأنا لا أشعر أن «قدري» خارج الواقع، لكن النفور قد يكون عبر تقديم شخصية حلبية فيها مبالغة بهذا الشكل ضمن مجموعة من الصبايا، لكن هذا النمط من البشر موجود بيننا، وكل ما قدمته عبر شخصية «قدري» سواء أكان مكتوباً أم مرتجلاً، أنا شاهدته ولمسته عند أشخاص من الواقع.


كم تستمد من الواقع في توليف الشخصيات التي تقدمها؟

طوال اليوم عيناي وأذناي تتابعان الناس، وأحياناً أفتش عن بعض التفاصيل في محيطي من أصدقائي، أو أولادي، أو أهلي، أو زوجتي. كما ألفت انتباههم إلى سمات بعض الأشخاص الذين إن قدمتهم على الشاشة سيُقال ان فيهم مبالغة، في حين أنها موجودة في الواقع وبشكل طريف. مثلاً التقي يومياً قرب ساحة الأمويين مع شخصية من أظرف ما تكون، وهو متسول يقف عند إشارة المرور وشكله وحركته يشكل كاركتراً متكاملاً، لكن عندما أقدمه ضمن عمل درامي عليه أن يكون منسجماً مع محيط العمل كشرط فني مثله في ذلك مثل مسلسلي «ضيعة ضايعة» و«باب الحارة».


كممثل، إلى أي كفة تميل أكثر.. إلى الكوميديا أم التراجيديا؟

تستهويني الكوميديا أكثر، وتلفتني الكاراكترات المُقدمة عبرها، ولاسيما أنني في حياتي العادية مرح وأحب الدعابة، وعندما أصور أعمالاً تصدر مني بعض النهفات في أوقات الاستراحة، وأنا معروف بذلك.


ما مشاركاتك للموسم الدرامي القادم؟

أشارك في مسلسل «ياسمين عتيق» مع المخرج المثنى صبح، وأيضاً في الجزء الثاني من «طاحون الشر» بشخصية الحلاق ذاتها، كما سأحل ضيف شرف في «فول هاوس» مع المخرج فادي سليم، وهناك خماسيتان مع ناجي طعمة ضمن مسلسل «صرخة روح»، الأولى بعنوان «خيانة خرساء» وهي تراجيديا محزنة، وستكون مؤلمة للمتلقي، ألعب فيها شخصية إنسان أخرس يتعرض للخيانة، وفيها الكثير من اللعب على الأداء، إذ تبدأ من كيف يُحِبّ وكيف يتزوج، بمعنى أن فيها جِدّة على المستوى الإنساني، وجِدّة على مستوى التمثيل، والقدرة على نقل التعبير من دون كلام. أما الخماسية الثانية فتحمل اسم «نجوم الضهر» وألعب فيها شخصية منتج تلفزيوني يدخل على القصة من باب التسلية لتبدأ المفارقات، وأعتقد بأنها ستزعج الكثير من منتجينا.