2012/07/04

مروان قاووق ابتعدت عن التوثيق لكيلا أقع في مطب الأخطاء التاريخية
مروان قاووق ابتعدت عن التوثيق لكيلا أقع في مطب الأخطاء التاريخية


ميسون شباني - تشرين


ارتبطت أعمال البيئة الشامية في الدراما السورية ارتباطاً وثيقاً بذاكرة الجمهور بدءاً من أعمال قديمة كانت لها الأسبقية في تناول هذه البيئة في التاريخ بقصصها ورواياتها وعاداتها وقد اعتمدت بعض الأعمال الشامية في شهرتها

على متابعة الجمهور لها على تكريس شخصيات معينة عبرها، واليوم مع ازدياد الطلب على هذه النوعية من الأعمال يعود الكاتب مروان قاووق بعمل بيئي شامي جديد، ويصر قاووق على تميز ما يقدمه في كل عمل، وكان لتشرين لقاء خاص للحديث عن عمله الجديد:


لنتحدث بداية عن عملك الجديد القادم مع المخرج ناجي طعمي؟

العمل يحمل عنوان (كسر الرجال) من إنتاج شركة الغولدن لاين، عمل بيئة شامية يرصد فترة الاحتلال الفرنسي في سورية، معظم حكاياته شعبية اجتماعية، ولكن هناك خط سياسي هو النضال ضد الاحتلال الفرنسي وعبره نسلط الضوء على ثوار الغوطة في تلك الفترة.. الخط الرئيس هو لشخصية (عاصم بيك) الذي يقوم بدوره الفنان بسام كوسا وأيضاً لشخصية (زيدو) التي يؤديها الفنان وائل شرف، ودور الزعيم الذي يقوم به الفنان الكبير خالد تاجا، إضافة إلى الفنانة صباح جزائري التي تقوم بدور (فخرية خانوم)، وجميعهم هم محركو الأحداث في العمل إضافة إلى شخصيات أخرى لها دور أساس في تصاعد الأحداث..


هل نستطيع أن نقول: إن هناك جانباً توثيقياً لهذا العمل؟

لا.. لا يوجد جانب توثيقي بل هو حكاية مفترضة في زمن افتراضي بدءاً من الحارة وحوادثها وصولاً إلى شخوص العمل، لذا لم أحدد زمان الحكاية ومكانها وبنيت القصة على شخوص مفترضين، وأعتقد أن العمل يحمل فكراً وجزءاً من الحياة المعاصرة في بعض تفاصيلها لذا قمت بنقل الأحداث المعاصرة إلى البيئة الشامية، وهناك شيء من الموروث الشعبي الممزوج بالحكايا المعاصرة وبعض مما قرأت.


لماذا هذا الإصرار على الحكاية المفترضة في أعمال البيئة الشامية، لماذا لا تلجأ إلى توثيق الأحداث؟

التاريخ وصلنا من عدة مصادر، فهناك من جمّل تلك الفترة، والبعض الآخر كانت له نظرته المتشائمة ووو..، لذا تبدو الأخبار متضاربة والدليل أن هناك بعض مصادر التاريخ تتضارب معلوماتها، لذلك ابتعدت عن التوثيق لكي لا أقع في مطب الأخطاء التاريخية وما وقع في تلك الفترة آثرت بناءه على حكاية مفترضة.


لهذا تغفل شريحة المثقفين والمتنورين والمتعلمين‏ في أعمالك؟

كوني وضعت حارة افتراضية، فأنا لم أوثق الواقع الثقافي والسياسي في تلك الفترة، ولا أنكر أنه كان واقعاً ثقافياً نشطاً، ولكن أنا عندي قصة ولو تم إدخال أحد الرموز الثقافية أو السياسية فسوف يبقى مهمّشاً ولن أعطيه حقه وقيمته كما يجب، إضافة إلى أن المشاهد العربي ملّ من مشاهدة الأخبار يومياً، ففضلت تقديم شيء جديد ومختلف نجعله يفهم المطلوب منه (!) ومحاولة إحياء ما كان موجوداً في تلك الفترة. ‏


ولكن هذه النوعية من الأعمال تكرس لمفاهيم معينة خاطئة ولاسيما فيما يخص المرأة؟

نحن ننقل بيئة أو حالة اجتماعية كما كانت... صحيح أن هناك مفارقات فيما يخص المرأة تحديداً ولا تجوز مقارنتها بالزمن الحالي ونحن ننقل البيئة بصدق، صحيح أنه كان في بعض المجتمعات حرية للمرأة، ولكن في المجمل كانت المرأة في ذلك الوقت تشبه إلى حد كبير ما قدم في البيئة الشامية لدينا زخم كبير من المثقفات والسياسيات ولكن لا نريد أن نبخس حقها.


لكن الملاحظ أن هناك تكراراً في وجوه الأبطال في هذه النوعية من الأعمال؟

أعتقد أن همّ الشركة الأول والأخير أن يظهر العمل بجماليته الفنية المتكاملة، إضافة إلى أنه من حق الشركة أن تبيع وتربح وتسوق أعمالها، لذا فهم يلجؤون إلى نجوم كبار ومعروفين ولهم حضورهم في هذا النوع من الأعمال لكي يتم تسويق العمل، وهؤلاء معظمهم كانوا من أبطال مسلسل باب الحارة وهم بأسمائهم يساعدون شركة الإنتاج على استرداد أموالها.


ولكن تعددت العناوين لهذا العمل فعلى ماذا اعتمدتم أخيراً؟

تعددت عناوينه بين (ابن الميتة) و(ابن اليتيمة)، و(ابن الداية) وهذا كله أنا لست موافقاً عليه... العمل اسمه (كسر الرجال) قد نجد له اسماً جديداً قريباً من عنوان المسلسل وكل الأسماء المتداولة غير صحيحة وأنا لست موافقاً عليها أبداً.


في كل عمل بيئة شامية بصمة خاصة تميزه، ما الذي يحمله هذا العمل من تميز؟

أعتقد أن القصة التي يقدمها العمل تقدم لأول مرة في أعمال البيئة الشامية من ناحية البناء القصصي له، إضافة إلى اعتماده على أسلوب الفلاش باك في بعض الخطوط الرئيسة والأسباب التي أدت ببعض الشخصيات إلى التصرف بطريقة ما... وهنا -كما أعتقد- تكمن خصوصيته إضافة إلى أن الرسالة من خلاله تشدد على الحب والتآخي..


لكن أنت تميل في أعمالك إلى السوداوية ولا يوجد هناك أنصاف الحلول؟

دائماً عندما يتصاعد الكاتب في الحدث يعطي ذروة نهاية الحدث لا يعطي حلولاً وسطية يكون مميزاً فيها... صحيح أن حلولي قاسية وسوداوية ولكنها مفتوحة وأنا أميل إلى ذلك لكي نبين الصح من الخطأ والخير من الشر ولا أحب الليونة في الحلول.


بعد تعاونك مع عدد من المخرجين الذين كانت لهم تجربتهم في أعمال البيئة الشامية، كيف ترى تعاملك مع مخرج مثل ناجي طعمي خاصة أنه ليست له تجربة سابقة في هذه النوعية من الأعمال؟

كل مخرج له رؤيته، كما الكاتب، فعندما تقدم فكرة ما لعدد من الكّتاب كل واحد يكتبها بأسلوبه الخاص، وهكذا الإخراج، كل مخرج له فكره وطريقته في الإخراج ولكن هذا التعاون الأول مع ناجي طعمي متخوف منه كونه ليست له تجربة سابقة في أعمال البيئة الشامية، ولكن أنا واثق من أن الشركة بالتعاون معه ستقوم بتقديم كل ما يلزم لإنجاح العمل من إكسسوار وملابس وديكور وخبير باللهجة الشامية ومعانيها، وأنا أعتقد أن تميز المخرج طعمي يأتي من سوية الصورة البصرية العالية التي يقدمها ومن اختياره.


ألا ترى أن هناك استسهالاً في تقديم أعمال البيئة الشامية حالياً؟

أعتقد أن الكتابة في هذه النوعية من الأعمال لها مختصوها، وكوني كاتباً وابن البيئة الشامية عشت في عوالمها وأحبها لذا عممتها ولم أخصصها وقد أبدع فيها، لذا أعتقد أن على الآخرين أن يطلعوا على تجارب الغير، لكن أن يتعدى أحدهم عليها من دون فهم خصوصيتها، أو يكتب من دون معرفة بمكنوناتها، فهذا شيء أرفضه، والسبب الأهم هو أن المحطات العربية تطلب أعمال البيئة الشامية كونها أكثر تحفظاً وأكثر الأعمال التي تطرح الأخلاقيات والعادات الشامية الأصيلة كالمروءة والشهامة والإخاء والمحبة، وهذا الطلب دليل عافية ‏للدراما السورية ولعاداتها وتقاليدها وكوننا نستطيع أن نسوّقها فلماذا لا نكون حجراً داعماً لحائط ‏الدراما السورية؟ وأعتقد أن الفضل بذلك يعود لمسلسل (باب الحارة) الذي كان له الحضور الأقوى ليس على مستوى الوطن العربي بل على مستوى العالم، والذي أسس على محبة البيئة الشامية ومحبة الدراما السورية.

برأيك هل عكست أعمالك الشامية، صورة واقعية للحارة الشامية في ذلك الوقت؟ ‏

لا لم يكن كذلك، فأنا لم أتعرض للواقع السياسي أو الثقافي للشام في أي مرحلة من المراحل، بل وضعت قصصاً من محض الخيال وظفت فيها الحاضر، ووضعت قصصاً اجتماعية واقتصادية عكست فيها واقع مجتمعنا الحالي عبر إسقاطات غير مباشرة، وقدمت الرسالة التي أريد إيصالها إلى المجتمعات العربية بضرورة وجود مجتمع مبني على القيم والأخلاق. والحمد لله وجد العمل النجاح المطلوب رغم بساطة القصة، ومازلت أطرح القصص البسيطة التي تلامس كل إنسان، وأنا بطبعي أحب الدخول في التفاصيل البسيطة للمشاهد كي لا يمل، ويبقى مشدوداً للمشاهدة ومتابعة العمل.

هل سيصمد مروان قاووق أمام المنافسة التي دخلت إلى ساحة البيئة الشامية؟ و‏لاسيما أن الدراما السورية في جعبتها العديد من الأعمال؟

أنا أراهن على عملي فليست هناك قصة تشبهه ولم يسبق لأحد أن قدمها درامياً، وأحاول أن أقدم شيئاً جديداً ونوعياً وليس كما يفعل البعض عبر السرقة من هنا وهنا، وأعتقد أنه سيلاقي نجاحاً من نوع آخر... ولكني سأحاول أن أبقى في الصدارة وفي مجال المنافسة، وأن أقدم ما هو أجمل مما قدمت سابقاً. ‏