2013/05/29

مروان قاووق يخلع عباءته الشامية... ويدخل في هموم المجتمع
مروان قاووق يخلع عباءته الشامية... ويدخل في هموم المجتمع


زبيدة الإبراهيم  - البعث ميديا


بعيداً عن الطربوش والحطّة التقليدية، بعيداً عن زكرتية الحارة وقبضاياتها بعيداً... بعيداً عما بات يبدو، في نظر الكثيرين، مبالغات تكاد تفارق الواقع، حتى ليتهم كل من شارك فيها باختراع لا أصل له، هكذا تبدو أعمال مروان قاووق الذي ارتبط اسمه لسنوات بمسلسل باب الحارة، باعتباره أول من كتب فيه، وهو صاحب الجزء الأول الذي تلته أجزاء ونسجت على منواله أعمال كثيرة، وقاووق نفسه حين يتحدث عن أعماله الجديدة، يبدو كمن يظن أن من واجبه الاعتذار مرتين: لأنه فتح الباب واسعاً لأعمال كادت تنسينا الواقع الذي نحياه، ومرة لأنه هو نفسه يشعر بأنه غاب طويلاً عن قضايا وهموم مجتمع اليوم، وخاصة

واحد أكثر من عمل، ولعله يريد إرضاء كل الأذواق في وقت واحد... وها هو يحدثنا عن هذه الأعمال:

<  أستاذ مروان... ماذا بعد مسلسلات البيئة الشامية، ما جديدك لمن يتابعون أعمالك في هذا الموسم؟.

<< لأعترف أولاً بأن مسلسلات البيئة الشامية ربما تكون قد وقعت في التكرار وأصابت الجمهور بالملل، ولا ننسى أن شركات الإنتاج ساهمت بدفع كثير من الكتاب، وأن

ا أولهم في هذا الاتجاه... لدرجة الاستنزاف، لكن وقد تحررت من أي التزام من هذا النوع، أجد نفسي أتحرك بحرية أكبر وأختار من الموضوعات ما أراه أكثر حيوية وقرباً من الناس في هذه الأيام، وأبدأ بالحديث عن أول أعمالي لهذا الموسم، وهو عمل بوليسي أردت به أن نستعيد إقبال جمهورنا الذي لا شك لايزال يحب الأعمال الغامضة ويتوقد لكشف أسرارها.. هكذا تدور حلقات المسلسل التالي  الذي استوحيته من فيلم أجنبي خيالي كانت تحدث فيه جرائم غامضة في مصعد يتعطل لساعات طويلة، وقد حافظت على فكرة المصعد.. واستوحيت الوقائع والشخصيات من واقع الأيام الصعبة التي نحياها، والتي تقع فيها جرائم بشعة، ولكنها في نهاية كل حلقة تكون معروفة الفاعل: إنهم بشر سوى أنهم شريرون لا تهمهم أرواح الناس ولا القيم ولا المثل التي يؤمن بها الناس، وبسبب تركيز المسلسل على قضايا اجتماعية ساخنة، فقد ارتأت الشركة المنتجة أن توفر دعماً كبيراً له رغم أن الحلقة فيه لا تتجاوز الخمس عشرة دقيقة، واستعانت الشركة بمخرج له سمعته وبصمته هو الأستاذ تامر اسحق، أما العمل الثاني فعنوانه يدل عليه: «هون حطنا الجمال»، وهو مسلسل اجتماعي يعكس ما يعانيه مجتمعنا في هذه الأزمة الطاحنة من مصاعب نفسية واجتماعية، ووقوعهم تحت استغلال المحتكرين لحاجاتهم، وهؤلاء المحتكرون هم من يزيدون في حجم المعاناة علينا كلنا، بدءاً من رغيف الخبز، وحتى الوقود وغيرهما... ويتناول المسلسل باهتمام خاص موضوعات تهم الشباب أكثر من سواهم، وتؤدي كل الحلقات شخصيتان فقط هما: «فاتح سلمان ونادين قدور»، وقصر الحلقة يجعل العمل مكثفاً ومختزلاً، وهو ما يشكل تحدياً لكل فريق العمل: الكاتب والمخرج والممثل أيضاً... خاصة وأن مكان التصوير ثابت لا يتبدل «سيت كوم» للإخراج للأستاذ أحمد العاشق، وكما يوحي العنوان، فإن مشاكل الزوجين «بطلي الحلقات كلها» دائماً لها حل مهما تعقدت...

ومن أجل ذلك قلت: هون حطنا الجمال حط بالخرج، وهي مقولة دارجة، وأول من وظفها الفنان الراحل محمود جبر وله مسرحية مشهورة بهذا الاسم، وبهذا الاسم وجدت مجدداً أن تقنية اللوحات أو المشاهد تعطينا فرصة أيضاً للتكثيف والتركيز على فكرة واحدة، وقد جعلت كل ثلاث لوحات في حلقة واحدة تستغرق أربعين دقيقة باعتبار أن مشاهدينا يحبون العمل الطويل ويستمتعون به أكثر ، وفي هذا الخيار المفتوح على كل الموضوعات عالجت مسائل تخص الصبايا والشباب وما يحلمون به وللعائلة بمختلف أفرادها، ومختلف مستوى العائلات أيضاً، قدمت لهم ما أظنه يخص طبيعة هؤلاء، وهؤلاء، وقد يكون هذا العمل أضخم مما توقعت له، وقد يحتاج لأكثر من مئة وخمسين ممثلاً وممثلة وحتى الآن لم يستقر رأي الشركة على مخرج حتى الآن.

<  هل تعتبر هذه الأعمال تحولاً في مسار الكتابة التلفزيونية لديك؟ وهل ترى أن كتابة اللوحات أهون عليك من كتابة المسلسل الطويل؟.

<< ليس تماماً، فالكتابة هي الكتابة، وإذا كان العمل الطويل متعباً لأنه طويل، فإن كتابة الحلقات متعبةلأنها تحتاج لتركيز كبير، لكن طبيعة الموضوعات هي ما يحدد أن تكون في عمل طويل وحلقات، ففي واقع وحياة الناس أسئلة كثيرة وهموم ومشكلات لا تحتمل أن تعالج بمسلسلات طويلة... ولا ننسى، أن مشاهدنا اعتاد أيضاً ومنذ سنوات على الأعمال السريعة، الخاطفة التي تشبه الومضة، مثل بقعة ضوء وغيرها، دون أن تكون الحلقات المستقلة تشبه بعضها فلكل توجهاته.

< لكنك لم تقل لنا ما إذا كنت قد غادرت البيئة الشامية التقليدية، علماً بأن الأخبار الفنية ذكرت أن لديك جزءاً ثانياً من حاطون الشر?.

<< عدا عن حاطون الشر في جزئه ، وقد أنهيته وطلب مني عمل جديد عن البيئة الشامية، علماً بأن لدي عملاً جاهزاً، عنوانه «زقاق العبيد» وهو يعود لعشرينيات القرن العشرين «أيام دخول الملك فيصل إلى سورية»، ولكني رفضت بيعه لأنني أرى أن أعمال البيئة الشامية فاقت الحد... ويجب أن نكون حذرين كي لا تختلط الصور في ذهن المشاهد ويغرق في تفاصيل ربما لا يرى منها الكثير هذه الأيام، خاصة، وأن هذه الأيام فتحت أعين الجميع على أشكال جديدة للمعاناة والمواجهة مع النفس ومع الآخر.

< كتابة الجزء الثاني من طاحون الشر هل كانت بسبب نجاح الجزء الأول، كما سبق وصرحت أنت مرة.. وما هـــو الجديد الذي سيضيفه إلى ما جاء في الجزء الأول ؟.

<< نعم من حيث المبدأ، فلو لم ينجح الجزء الأول ويحبه الناس لما غامرت بكتابة الجزء الثاني، وأستطيع القول بثقة إن الجزء الثاني سيكون أقوى وأغنى بالأحداث والشخصيات، ومعظمها جديد لم يروه في الجزء الأول... وبالطبع ستكون الأحداث جديدة... وأتوقع له أن يكون عملاً متميزاً، وقد يتجاوز كل الأعمال التي تنتج هذا العام.

< ألا تبدو كبير الثقة بما تقول؟.

<< أنا فعلاً أراهن أنه سيكون الأفضل إذا أنتج لهذا العام وسيتجاوز كل الأعمال المنتجة في هذا الموسم بما فيها مسلسل باب الحارة إذا أنتج طبعاً؟.

< ما هي أحداث الجزء الثاني؟.

<< نحن بآخر الجزء الأول لم نقتل بطل العمل وهو الأستاذ الكبير بسام كوسا، فقد جعلته يهرب، وهنا يأتي دوري في كتابة الجزء الثاني من حيث كيفية صنع قصص وأحداث جديدة تلائم نهاية الجزء الأول، وتعطي استمرارية للجزء الثاني من حيث يكون مقنعاً للمشاهد، وبعيداً عن الافتراضات الخيالية وسيكون واقعياً ومبرراً عودة بسام كوسا لإثبات أنه بريء من كل ما حصل في الجزء الأول من مشاكل، ومخرجه سيكون أيضاً ناجي طعمة الذي قدم صورة إخراجية جديدة رفيعة المستوى .

< ما الذي أوحته إليك أيام الأزمة التي يعيشها بلدنا منذ نحو عامين؟

<< هناك أفكار كثيرة أعدها لكتابة مسلسل جريء الطرح وجديد القصص والأحداث، يعتمد على تعزيز اللحمة الوطنية ونبذ الطائفية والتلاحم بين الناس ومساعدة بعضها، وأظن سيكون له تأثير جيد لدى المشاهد لأنه سيعالج سبب ما وصلنا إليه الآن، والعمل بعنوان بصمة، وهو مسلسل اجتماعي يعالج أسباب الأزمة الاجتماعية مع إسقاطات سياسية التي أتت من الخارج وأثرت على الإنسان السوري وعلى سلامة البلد وأهل البلد وأتمنى أن يرى النور هذا العام.

< ألا يرهق الكاتب أن ينجز في عام واحد عدة أعمال؟.

<< بالطبع هي مرهقة وصعبة، لكن التنظيم الجيد يخفف كثيراً من عبء العمل، فأنا أنجز أعمالي أولاً بأول، ولا أبدأ عملاً حتى أنهي ما بين يدي... والكاتب في النهاية مسؤول عن كل ما يكتبه، وليس عن عدده قلّ أم كثر، فكل عمل جديد هو مسؤولية جديدة، وقد ترفع بالكاتب أو تضعه أدنى مما يريد .