2014/08/09

صرخة روح
صرخة روح

 

محمد سمير طحان – تشرين

 

 

تصر شركة «غولدن لاين للإنتاج الفني» على تقديم إشكاليات اجتماعية شائكة، وتخطي خطوط حمراء في الدراما السورية والمجتمع في الأعمال التي تنتجها، بحثاً عن مشاهدة جماهيرية واسعة، من دون رؤية واضحة وهدف محدد لما تقدمه، كمسلسل «صرخة روح» بجزئيه ومسلسل «خواتم».

لقد قدم مسلسل «صرخة روح-2» هذا العام ست خماسيات هي «القفل- الضحية- خيانة مؤجلة- سولو- أضواء وهمية- الشقة رقم10»، فشكلت هذه الخماسيات وجبة دسمة من الجرأة الزائدة المترافقة بالإثارة المجانية، وذلك من خلال معالجة موضوع الخيانة الزوجية المرفوضة أساساً في كل المجتمعات، إذ تم تناول القصص المقدمة بشيء من إيجاد التسويغ لهذا النوع من الخيانة، وإعادة أسبابها لأمور منطقية مع استسهالها من مقترفيها، ما يفتح أبواباً كثيرة لتساؤلات عن جدوى هذه القصص المترافقة بالنهايات المأسوية لكل هذه الخماسيات.

بالطبع يحتاج كل مجتمع للاعتراف بأخطائه وإظهارها لتتم معالجة أسبابها وتلافيها، وتأتي الدراما والفن عامة وسيلة مساعدة في هذا الموضوع، ما يتطلب جرأة من صانعي هذه الدراما ليقدموا صورة صادقة ومعبّرة عن الواقع، ولكن أن يتم التركيز على الخيانة الزوجية -وهي خلل اجتماعي موجود في كل مجتمعات العالم- ليقدم في عمل من جزأين على مساحة عامين متتابعين، وعبر تنوع للقصص المُقدّمة من خلال تعدد الكتّاب وبالاستعانة بأهم النجوم، وفي وقت يعاني فيه المجتمع من أخطار جسيمة تهدد بنيته وكينونته ووجوده، فهذا لا يمكن وضعه سوى في إحدى خانتين: إما عبث درامي ساذج يهدف لربح مادي سهل، أو مخطط ذكي لكسر صورة المجتمع الأخلاقية داخلياً وخارجياً، وتالياً تدمير الأسرة العربية، فما الجدوى الفنية اليوم من طرح أفكار شاذة عن الشكل المعروف في المجتمع، وإعمال فكر الكتّاب ليقدموا قصصاً مثيرة وترويجها بقوالب إخراجية بداعي الجرأة، وبأسلوب مبتذل ولا تحمل أي قيمة فنية، ولمصلحة من يقدم المجتمع السوري في عمل درامي على أنه غارق في الرذيلة والانحطاط الأخلاقي والخيانات الزوجية التي يقدمها «صرخة روح» على أنها ظاهرة متفشية بين كل شرائح المجتمع؟

من يتابع «صرخة روح» يظن أن المرأة العفيفة والرجل الخلوق باتا من الأساطير والخرافات القديمة وغير موجودين في مجتمعنا إلا بنسبة قليلة ونادرة وهذا ما يخالف الواقع كلياً.

العتب الأكبر يأتي على نجوم الدراما الذين شاركوا في هذا العمل، ما ساعد على تسويقه في القنوات العربية، ومشاهدة الجمهور له بنسبة عالية ومنهم أيمن زيدان وعباس النوري وبسام كوسا وأمل عرفة ومرح جبر وعبد المنعم عمايري وأيمن رضا وغيرهم، وهنا يمكن سؤالهم عن أهمية مشاركتهم في إحدى خماسيات هذا العمل وتقديم فن مبتذل لا يخدم المجتمع أو الدراما بشيء، إنما يسيء لصورتهم كفنانين في البداية وللمجتمع والفن السوري عامة.

وإذا قلنا: إن الدراما السورية كانت بمنزلة الزائر المحبب الذي يدخل كل بيت من بيوت المجتمع السوري وينتظرها الصغير قبل الكبير، فبات اليوم على الأهل أن يحذروا مثل هذه الأعمال كي لا يشاهدها الأطفال والمراهقون، لما تحمله من كمية كبيرة من مشاهد العري والإثارة والإيحاءات الفجة البعيدة عن أخلاقيات مجتمعنا، وهذا ينذر ببداية هجر الجمهور السوري للدراما الوطنية إذا ترسّخت مثل هذه الأعمال على أجندة الإنتاج الدرامي، والتي تجاوزت الدرامات الأجنبية من حيث ما يسمى الجرأة التي يهلل لها بعض الفنانين والمثقفين، متناسين أن الهوية في المجتمع والفن أهم من الجرأة المجانية المبتذلة.

على المستوى الفني تفاوتت الخماسيات بين النص المركب البعيد عن الواقع والصورة المفتعلة المبالغ فيها، وبين النص الضعيف النمطي والإثارة المجانية في الإخراج عبر مشاهد لا تقدم سوى الصورة الفجة المباشرة، ولاسيما مشاهد السرير، بعيداً عن الحلول الإخراجية الذكية المطلوبة في مثل هذه الأعمال، كما أن الممثلين لم يقدموا في مجموعهم أي إضافة أو قيمة فنية للعمل ككل، فكان أداؤهم مغرقاً في الابتذال ولا يضيف لمسيرتهم الفنية أي شيء يذكر سوى رؤيتهم كما خلقتهم أمهاتهم تقريباً على شاشة الموسم الرمضاني!.