2012/07/04

«مشاوير» تستحق الرفقة
«مشاوير» تستحق الرفقة

بشار إبراهيم – دار الحياة

في غمرة الجهل الذي يتلبَّس قسطاً من برامج الحوار على غالبية القنوات العربية، يبدو أن الاستعانة بعلماء في مقام المذيع المُحاور، هو الحلّ

الأقرب للنجاة من مأزق النجومية الفارغة، ومطبّ السطحية الثقافية، وما تستــجلبه من غثّ الكلام، وتهـافــت الأفكــار، وارتــجـال الـحــوارات

بدأ الأمر على شيء من الخجل، وباتجاه مضاد تماماً لظاهرة الاستعانة بنجوم التمثيل، أو الغناء أو متقاعدي الرياضة والقوات المسلّحة... ربما لم

يلقَ الأمر كثيراً من الترحيب، بدايةً، إذ إن الفكرة الرائجة، ولو توهّماً، تذهب إلى أن خطاب العلماء وكلامهم على مقدار من الجفاف، مما لا يصلح أن

يكون ركيزة لبرنامج تلفزيوني جــاذب، ولكن سرعان ما ذابت هذه الفكرة، وتوارت، على إيقاع قدرة برامج الحوار تلــك على جذب مزيد من الجمهور

الراغب بمتابعة ما يحترم عقله

سيبدو برنامج «مشاوير» على قناة «دريم 2» من تلك البرامج التي تحترم عقل المشاهد، وتقدر رغبته بالمعرفة. إنه برنامح حواري خالص، لا

يستعين بتقارير مصورة، ولا «أرشيفات». هو حوار يدور بقسطه الأعظم في مكان يكاد يقترب بديكوراته من البيت، أكثر مما يتشابه مع الاستوديو،

طمعاً بمزيد من الإلفة

الركيزة الأساسية في «مشاوير» تتمثّل في أن المذيع المُحاور ضيوفَه، هو عمار علي حسن الآتي من حقول علوم السياسة وعلم الاجتماع.

ويعرف عنه المهتمون أنه واحد من المفكرين المصريين العارفين في مجالهم، وممن لهم مساهماتهم على الصعيد البحثي الرصين

الركيزة الأساسية الموازية، تتمثل في الانتقاء الحصيف لطائفة الضيوف الذين يطلون عبر شاشة هذا البرنامج. أعلام مصريون، من ذوي القامات في

مجالاتهم، وتخصصاتهم، ممن يتكئون على تجارب حياتية فيّاضة بمنجزاتها ودروسها والعبر الممكن الاستفادة منها

وما بين المُستضيف والضيف، يبدو الحرص الفني والتقني في «مشاوير» على تقديم صورة رصينة، بعيداً من أي فذلكة بصرية. اللقطات العامة

والمتوسطة والقريبة التي تتناوب على الشاشة، تتوافق مع رصانة البرنامج وعمق حواراته ودقة معلوماته. هنا، ثمة عناية بادية في رسم الكادر،

من ناحية ضبط مسافة الـ «لوكينغ روم»، والـ «هيد روم»، والاستفادة من عمق الكادر، عبر ترك مساحات خلف المذيع والضيف، مع تأثيث أنيق،

وإضاءة رائقة، ودقة في الصوت، ما يمنح البرنامج طابع الجلسة الأليفة، الحميمة

هكذا «مشاوير»، تستحق الرفقة... ففيها ما يثري المعرفة، وهي زاد لراغب في الاستزادة، ومتعة للعقل. وإن كان ثمة ملاحظات فنية أو تقنية،

يمكن أن تُقال، فهي لا تعدو بضعة تفاصيل إخراجية، بالإمكان تجاوزها، بسهولة