2012/07/04

مشغولة بالهم الوطني منذ زمن الأبيض والأسود
مشغولة بالهم الوطني منذ زمن الأبيض والأسود

بسام سفر – تشرين دراما

تميزت الدراما السورية بما تثيره من نقاشات حامية الوطيس بين صانعيها ونقادها والجمهور السوري، ومن أشهر تلك المعارك الفنية الثقافية في تسعينيات القرن الفائت، ظهرت المعركة الفنية التي ثارت بين المخرج «هيثم حقي» ووقف إلى جانبه مجموعة من الكتاب والمثقفين السوريين حين أخرج «خان الحرير، الثريا، خان الحرير 2» ومع المخرج «نجدة إسماعيل أنزور، والكاتب حسن م.يوسف» حين أخرج «إخوة التراب» في جزءيه.

والآن بعد مضي فترة طويلة على هذه المعارك والنقاشات نستطيع الاستناد إليها في القول إن الدراما السورية تصدت للقضايا الوطنية العامة في البلاد، لكن بالعودة إلى التاريخ الذي ينطلق منذ أيام الدراما الأسود والأبيض، نجد العمل الدرامي «انتقام الزباء» التي لعبت دور زنوبيا فيه الفنانة الراحلة «سلوى سعيد» حيث قدم العمل الصراع بين مملكه تدمر، والفرس والروم، وكذلك العمل الدرامي «الرجال والضباب» من إخراج جميل ولاية، ويتناول الثورة السورية، وفي تمثيلية «الجسر» للكاتب الياس إبراهيم والمخرج محمد بدرخان. قدم الفنان زهير رمضان شخصية الشاب الذي يملك الحس الوطني ويسعى لمقاومة الاستعمار. ولسهولة العرض أفضل أن اقسم دراما القضايا الوطنية من جانب موضوعاتي حيث يمكننا عرضها تحت العناوين التالية: ‏

قضية الاحتلال الاستعماري ‏

لسورية والصراع العربي الصهيونـي ‏

عرضت الدراما السورية لقضية الاحتلال والغزو منذ أيام الأسود والأبيض وقدمنا مثلاً في المقدمة «انتقام الزباء» وأيضا هناك العمل الدرامي الذي أخرجه بسام الملا «العبابيد» الذي يتعرض لذات الشخصية «زنوبيا» وقدمتها الفنانة السورية المقيمة في مصر رغدة، وكتب النص الراحل رياض سفلو. ‏

وهناك الكثير من الأعمال التي تعرض لفترات تاريخية محددة مثل شخصية «صلاح الدين الأيوبي» التي كتبها الدكتور وليد سيف وأخرجه حاتم علي، ولعب الدور فيه الفنان جمال سليمان، وأيضاً ذات الشخصية في العمل الدرامي «البحث عن صلاح الدين» الذي كتبه حسن.م.يوسف وأخرجه نجدة إسماعيل أنزور، وهناك «الظاهر بيبرس» الذي كتبه غسان نزال وأخرجه محمد عزيزية، وهو يتناول فترة تاريخية تالية لحكم صلاح الدين الأيوبي، حيث عمل الظاهر بيبرس على توحيد مصر وفلسطين وبلاد الشام في مواجهة الحملات الاستعمارية الغربية التي دعيت بالحملات الصليبية، وواجه الظاهر وقادت جيوشه حملات هولاكو على المناطق العربية في حلب وجزء من الأراضي العراقية حيث احتل بغداد، وتناول العمل الدرامي «هولاكو» الذي أخرجه باسل الخطيب ولعب بطولته الفنان «أيمن زيدان» في دور هولاكو ذات المرحلة. ‏

واشتغلت الدراما السورية على الوجود العثماني كجيش احتلال في سورية والبلدان العربية الأخرى، حيث شاهدنا في العمل الدرامي «إخوة التراب» في جزءيه الصراع مع الاحتلال العثماني التركي للبلدان العربية والثورة العربية الكبرى التي حررت هذه البلدان من نير الحكم العثماني التركي، والدخول في عملية تقسيم المشرق العربي وفق اتفاقية «سايكس- بيكو»، وعرض مسلسل «لورانس العرب» إلى الفترة التاريخية ذاتها وهو من تأليف هوزان عكو وإخراج ثائر موسى، ويضاف إلى تلك الأعمال «أيام شامية» الذي يتناول حارة دمشقية أيام حكم العثمانيين من خلال أحداث وقعت خلال عشر سنوات 1910-1920 وتعرض لمواجهة الجندرما العثمانية، وهو من تأليف أكرم شريم وإخراج بسام الملا. ‏

وقد تناول تلك الفترة العمل الدرامي البيئي الشامي «الخوالي» الذي كتبه أحمد حامد وأخرجه بسام الملا، وحقق حضوراً جماهيرياً من خلال تعاطف المشاهدين مع شخصية «نصار ابن عريبي» وكان قد قدم «شام شريف» الذي يتناول حياة الشخصية السياسية المعروفة «سعد باشا العظم» والتي عرّضت حياة مدينة دمشق وأهاليها في القرن الثامن عشر إلى اضطهاد لإقامة «قصر العظم وخان أسعد باشا» وهو من تأليف أحمد حامد وإخراج أحمد دعيبس، ويضاف إلى ذلك العمل الدرامي «سفر» الذي تناول مرحلة القرن التاسع عشر والعلاقة بين دمشق وعكا، والاضطهاد الذي يمارس على التجار الفلسطينيين والتجار في أسواق دمشق من قبل الجندرما العثمانية، وهو من تأليف أحمد حامد وإخراج حاتم علي. ‏

وكان قد بدأ سلسلة الأعمال الشامية التي تعرض أيام الاستعمار الفرنسي مسلسل «أبو كامل» الذي كتبه الدكتور فؤاد شربجي وأخرجه المخرج المخضرم علاء الدين كوكش، وكذلك العمل الدرامي «بسمة الحزن» المأخوذ عن رواية الكاتبة «ألفة ادلبي» والذي كتب السيناريو له الدكتور رفيق الصبان وأخرجه لطفي لطفي، ويتناول مرحلة الاستعمار الفرنسي لسورية، ويضاف إلى تلك الأعمال العمل الدرامي البيئي الشامي الشهير «باب الحارة» من تأليف كمال مرة عن فكرة مروان قاووق وإخراج بسام الملا، وفي الجزء الخامس عمل معه المخرج مؤمن الملا، وهو يتناول فترة الاستعمار الفرنسي للشام وريفها والمقاومة التي قام بها أهل الحارة في وجه الفرنسيين. ‏

ومن جهة أخرى وجهت الدراما السورية جزءاً كبيراً من خطوطها الدرامية للقضية الفلسطينية وكذلك الاحتلال الصهيوني للجولان، وجاء ذلك في أكثر من عمل منها «حي المزار» الذي يرصد مرحلة ما بعد نكسة حزيران 1967 وتأثيرها على النخبة الواعية والمثقفة، وهو من إخراج علاء الدين كوكش. ‏

أما العمل الدرامي «حمام القيشاني» فيرصد تاريخ سورية بمرحلة ما بعد الاستقلال والانقلابات في العام 1949 وصولاً إلى نكسة 1967 وإلى مرحلة نهاية عقد الستينيات، وظهور شخصيات التاريخ القريب مثل شخصية حسني الزعيم وسامي الحناوي وخالد العظم وأديب الشيشكلي وشكري القوتلي، وهو من تأليف دياب عيد وإخراج هاني الروماني. ‏

وعن حرب تشرين وأثرها في الدراما السورية، وجدنا فيلماً تلفزيونياً بعنوان «الرسالة» من بطولة رشيد عساف وإخراج هيثم حقي، وكذلك فيلم بطولة الراحل صلاح قصاص «عواء الذئب» الذي يلقي القبض على طيار إسرائيلي هبط من مظلة في الجبل الذي يختبئ فيه، ويسلم هذا الطيار إلى الشرطة على الرغم من أنه مطلوب لها. ‏

إضافة إلى وجود جزء من الصراع العربي السوري والصهيوني في العديد من الأعمال الدرامية، وهذا ما كان في «ذكريات الزمن القادم» من تأليف ريم حنا وإخراج هيثم حقي، وفي «رسائل الحب والحرب» من تأليف ريم حنا وإخراج باسل الخطيب، خطاً درامياً واضحاً يجري الحديث عنه في «سحابة صيف» من تأليف إيمان السعيد وإخراج مروان بركات، من خلال تناول شريحة الشباب الجولاني الذي يدرس في الجامعة ومشكلاته التي تنتج من الزواج من مواطنة سورية قريبة له. ‏

وهناك عمل كامل يتناول الصراع السوري الصهيوني هو «رجال الحسم» من تأليف فايز البشير وإخراج نجدة إسماعيل أنزور وإنتاج شركة الهاني، من خلال الشاب الفدائي «فارس» الذي يخوض المعارك في مواجهة جيش الاحتلال الصهيوني ويقرر التحول إلى إنسان إسرائيلي للانتقام من رجال الموساد، وكذلك العمل الدرامي في الموسم الفائت «زلزال» الذي يتعرض للاجتياح الصهيوني للبنان في العام 1982 وهو من تأليف بسام جنيد وإخراج محمد الشيخ نجيب، والعمل الدرامي «ذاكرة الجسد» الذي يتناول الاجتياح الصهيوني للبنان من خلال شخصية الشاعر الفلسطيني «زياد» المأخوذ عن رواية «ذاكرة الجسد» للروائية أحلام مستغانمي، وسيناريو ريم حنا وإخراج نجدة أنزور. ‏

قضية الوحدة العربية ‏

في الدراما السورية ‏

تناول العمل الدرامي خان الحرير قضية الوحدة بين مصر وسورية التي حصلت في النصف الثاني للعقد السادس من القرن العشرين، وهو من تأليف نهاد سيريس وإخراج هيثم حقي، ويتمثل التيار القومي الوحدوي بشخصية «أحمد» العاطفية والانفعالية وهو الذي يهتف «فلسطين جيناكي»، و«بدنا الوحدة باكر باكر» وهذا التيار يريد الوحدة بأي ثمن ويمثل اندفاعة عالية عند تأميم قناة السويس وموقفه أثناء العدوان الثلاثي على مصر، ونزوله إلى الشارع لدعم الثورة الجزائرية. وهناك تيار البرجوازية الصغيرة والكبيرة وهو أيضاً يريد الوحدة ولكن لأسباب انتهازية تحقق مصالحه، وكذلك التيار الإسلامي الذي التحق بالوحدة أيضاً من منطلق انتهازي وهناك التيار العقلاني الديمقراطي الذي يمثله «مراد، جمال سليمان» ويرى أن الوحدة يجب أن تبنى على أسس موضوعية مدروسة، وكذلك تعرض العمل الدرامي «حمام القيشاني» للعلاقة المصرية السورية والوحدة السورية المصرية، وآليات العمل التي كانت في تلك المرحلة، حيث تتوضح موقف القوى المعارضة للوحدة والإجراءات التي تمت بحقها. ‏