2013/07/07

مواجهة درامية
مواجهة درامية

 

بشار إبراهيم – الحياة

 

 

لرمضان الثالث، منذ اندلاع موسم «الربيع العربي»، أن تأخذ صورة موسمه الدرامي ما يمكن القول إنها الملامح الأكثر تعقيداً وضبابية، بخاصة وهو يدنو من الأبواب. صورة تشي بأن العوائق باتت أعقد من أن تنتسب إلى ما هو طبيعي ومتوقع، وتفيض عن عاديتها، لتغدو دالة على عمق المأزق الذي ينتظر هذا الشق الإبداعي برمته، إنتاجياً، وفنياً، وفكرياً، على إيقاع ما يجري في الميدان.

 

تتلكأ مسلسلات درامية مصرية على بوابة تصوير المشاهد الأخيرة، وقد بات عدد غير قليل منها مُهدداً بالتوقف، وهي تنوء تحت ثقل مجريات الأحداث التي تشهدها مصر، وبلغت درجة من التعقيد، يمكن القول إن كان عليها أن تخوض فصولاً مما يمكن تسميته حرباً ضد الفن المصري عموماً، وليس الدراما فقط، دون إنكار المشكلات الداخلية الناشبة، والتي كان لها أن تعبر عن حجم الاحتقان، ونزعة العنف الشديدة التوتر، التي أمكن لها أن تتسرب إلى العلاقات الناظمة بين الفنانين أنفسهم، ووصلت خلال السنة الفائتة حداً غير مسبوق، في تاريخ الدراما المصرية خصوصاً، والعربية عموماً.

 

لا نتحدث هنا عن المشادة الكلامية الحادة بين المخرج رامي إمام وحسين فهمي، أو التنافر بين منى زكي وباسم سمرة، ولا عن الاشتباك بالأيدي بين غادة عبدالرازق والمخرج محمد سامي، والتي وصلت حد كتابة «محضر شرطة»، و»الاتهام بتهديد الحياة» (إقرأ الشروع بالقتل)!.. ولا نتوقف هنا عند سلسلة الإجراءات الرقابية، المُعلنة والسرية، التي أخذت تتدخل في كل تفصيل، مرئي أو مسموع، تحاشياً لأي انتقاد سياسي، ومنعاً لأي خدش أخلاقي، وفق ما كان يرى الرقيب المتحفظ!.. بل نشير قلقين إلى أن التوتر العام، المُسيطر في مصر، يمكن له أن يسمم الجو الفني، ويبتعد به عما ينبغي أن يكون عليه، من إبداع وتفاهم وانسجام، ومن حرية رأي وتعبير!..

 

ينعكس الحال السياسي بآثاره على الفني، دون شك، وبمقدار ما انخرط الفنانون المصريون في الشأن السياسي، وتكاثف نزولهم إلى الميدان، إيماناً منهم بأن على الفنان أن يكون مشاركاً في الواقع العملي، في هذه الفترة الحرجة، من تاريخ البلد، فإن السياق الدرامي سوف يتعثر، ويصطدم بوقائع عملية، حبلى بالمزيد!..

 

دائماً كان الفن المصري في صدارة المواجهة، بدءاً من ثورة يوليو، مروراً بثورة يناير، وصولاً إلى ثورة 30 يونيو!.. وعلى مدى المسافة، في ما بينهما، كان على الفن أن يخوض معركة تلو أخرى، ليس مع الرقابة فقط، بل مع الذهنية التي تنظر إلى الفن نظرة خفض اجتماعي وقيمي وأخلاقي، وإزاحة من الشارع السياسي، بغية حصره في اللهو والترفيه!.

 

ولعل ليس من المغالاة القول إن الموسم الدرامي الرمضاني المصري، في دورته الثالثة، عقب ثورة يناير، وعلى إيقاع 30 يونيو، سيتوجب عليه أن يكون أكثر التصاقاً بالواقع، وأعمق التحاماً بهموم الناس، واتصالاً بالسياسة اليومية، وفي المواجهة تماماً.