2012/07/04

نيرمين الوزير: نجدت أنزور أبي الروحي
نيرمين الوزير: نجدت أنزور أبي الروحي


يزن كركوتي – دار الخليج


خلف الكاميرات وفي الكواليس وبعيداً عن الأضواء، هناك الكثير من الجنود المجهولين الذين يعملون بجد وتعب لكي يقدموا عملاً فنياً بصورة جيدة وجودة عالية، فالكثيرون قد ينتقدون الممثل بأدائه لدور ما في أحد الأعمال الدرامية، بينما قد نرى أن أخصائي الماكياج عن نفس العمل حاز جائزة في مجاله . علماً أن أخصائي الماكياج في العالم العربي يعاني سوء التقدير أو الفهم، وهو ما نتحدث عنه في هذا الحوار مع إحدى الأخصائيات المعروفات في مجال الدراما نيرمين الوزير .

الماكيير هو أحد الجنود المجهولين خلف الكواليس فهو المسؤول عن ماكياج الممثلين والكومبارس، ويعمل على تكبيرهم أو تصغيرهم سناً حسب الشخصيات، ونرى الندوب والجروح وغيرها من الخدع وكل ذلك ضمن مجال عمله، والماكيير نيرمين الوزير واحدة من أخصائيي الماكياج في الدراما السورية التي أثبتت نفسها بجدارة رغم يفاعة سنها، وتعد نيرمين أن المخرج نجدت أنزور هو أبوها الروحي بالنظر إلى الثقة التي وضعها بها، فكانت هي الماكيير في مسلسليه “المحروس” و”المارقون” الأمر الذي رشحها لتكون أخصائية الماكياج في العمل الدرامي الخليجي “بعدك طيب”، لتكتشف أن هناك نظرة خاطئة لأخصائيي الماكياج بالنسبة للمرأة أو الممثلة الخليجية، فالفكرة السائدة أنهن يحبذن الماكياج الكثير، لكن تجربتها بوضع الماكياج البسيط لهن أثبتت العكس .

وبالرغم من توجه عدد من المخرجين إلى استقدام فريق ماكياج إيراني إلى الدراما السورية واستبدالهم بأخصائيي الماكياج السوريين، فإن الماكيير نيرمين لا تنتقد ذلك باعتبار أن الفريق الإيراني هو مجموعة من الأشخاص لكل منهم اختصاصه “تكبير وتصغير في العمر، جروح وحروق، ماكياج عام”، بينما الأخصائي السوري يقع على عاتقه كل ذلك وحده، لذلك تكشف نيرمين الوزير، في هذا الحوار، عن نيتها في تشكيل أول فريق ماكياج سوري متكامل في الدراما السورية تحت إدارتها .

من نيرمين الوزير؟

- أنا خريجة ومصممة خدع سينمائية في الجامعة الأمريكية في بيروت، دخولي إلى الوسط الفني كان بعمر صغير، والفضل للمخرج نجدت أنزور الذي قدم لي الفرص من خلال أعماله “المحروس” و”المارقون” .

كيف ظهرت لديك موهبة الماكياج؟

- والدي مخرج مسرحي، وبسببه كنت أميل إلى الفن على العموم، وكنت أرغب أن أصبح طبيبة جراحة، لكنني لم أستطع دخول هذا المجال بسبب دراستي الأدبية، لذلك اتجهت إلى هذا النوع من الفن “فن الماكياج والخدع السينمائية”، فأصبحت أتابع العمليات الجراحية التي كنت مولعة بها كي أستطيع صناعة نفس الجرح أو الإصابة من الماكياج .

برأيك الدراسة الأكاديمية أهم من الموهبة في مجال الماكياج والخدع السينمائية؟

- بالتأكيد الموهبة هي الأساس، والدراسة الأكاديمية مكملة لها، وهي تساعد على تسهيل الوصول إلى هذا الفن .

ما الفرق بين الماكياج السينمائي والماكياج التلفزيوني؟

- الفرق بسيط جداً، السينمائي يعتمد على البساطة، عدسة التصوير السينمائي تظهر التفاصيل الدقيقة جداً للممثل، حتى إن المشاهد يرى مسامات وجه الممثل في الأعمال السينمائية، لذلك يجب أن يكون الماكياج بسيطاً وليس الماكياج فقط، بل الملابس أيضاً، والديكور يجب أن تكون معتمدة على البساطة في الطرح . السينما تظهر لنا الواقع بكل ما يحمله من سوداوية، أما التلفزيون فيظهر جماليات الحياة .

وماذا عن استعانة بعض المخرجين السوريين بأخصائيي ماكياج وخدع سينمائية من إيران؟

- الاستعانة بالإيرانيين يعود إلى اعتمادهم على فكرة الفريق، فهم مختصون ضمن مجال الماكياج بعدة اختصاصات، واختصاصاتهم تعود إلى شهاداتهم الحاصلين عليها من المعاهد المختصة بالخدع السينمائية والماكياج، كما أنهم يعملون بأعداد كبيرة فهم ينتهون من وضع الماكياج والذقون والخدع بوقت أقل من الوقت الذي نستغرقه نحن، لأننا لا نعتمد على الفريق فكل منا يعمل بمفرده، بينما الفريق الإيراني يتألف من أخصائي ماكياج وأخصائي تكبير وتصغير (في العمر) وأخصائي خدع (جروح، ندوب، بتر وتشويه)، في سوريا أخصائي الماكياج الواحد يجب أن يتقن كل هذه الاختصاصات ويعد كل الممثلين والكومبارس وحده . وأنا الآن أحاول أن أجمع فريقاً متدرباً تحت إداراتي .

لم نرك ضمن فريق عمل المخرج نجدت أنزور في آخر أعماله؟

- العدد الكبير من الشخصيات الموجودة ضمن قصة أعماله واعتماده على أعداد كبيرة من الكومبارس خاصةً في عمله الأخير “ما ملكت أيمانكم” الذي كان يعتمد بشكل كبير على الذقون، لأنه يطرح في المسلسل قضايا تخص الإرهاب، لذلك استعان بطاقم عمل من إيران، لكنه يؤمن بي، ولم أكن في طاقم أعماله السابقة لو لم يكن كذلك، أيضاً لانشغالي بعدة أعمال منها “جلسات نسائية” مع المخرج المثنى صبح . وشخصياً أعدّ المخرج “نجدت أنزور” بمنزلة الأب الروحي لي .

هل حدث أي خلاف بينك وبين أي ممثل على طبيعة وضع الماكياج؟

- لا أبداً، لكن بالبدايات كانت لدي صعوبة بإقناع الفنان بقدرتي على وضع الماكياج المناسب له وإظهاره وفق ما يجب، وذلك لصغر سني بهذه المهنة . وأذكر أنه في مسلسل “المارقون” كنت أضع الماكياج للممثلة الكبيرة جولييت عواد، كان من المفروض علي أن أكبرها بالعمر فوق عمرها الطبيعي زهاء عشرين سنة، كنت أراقب إيحاءات وجهها التي تدل على شك واستغراب، وبعد انتهائي من وضع اللمسات الأخيرة قالت لي: “برافو عليك يا بنتي ويعطيك ألف عافية وأنا آسفة لشكي بمقدرتك” .

نوعية الأعمال بين (الشامية والاجتماعية والتاريخية)، هل يفرض عليك أنواعاً خاصة من الماكياج؟

- النوع لا يختلف أبداً، إنما كمية الماكياج والشكل بين القديم والحديث .

هل كان ضمن دراستك مادة “لغة الجسد” و”الفراسة”؟

- نعم، درسنا كل هذه الاختصاصات، فالماكياج يعتمد على نوع الشخصية في البداية، ماكياج العين الحزينة يختلف تماماً عن ماكياج العين السعيدة أو الفرحة، كما درسنا جزءاً من علم النفس، فنحن نرسم الشر، والحقد، والحب، والخوف والطيبة على وجوه الفنانين .

هل عملت في الدراما الخليجية، وكيف ترين أخصائي الماكياج فيها؟

- كان لي تجربة في الدراما الخليجية من خلال مسلسل “بعدك طيب” للمخرج محمد دحام الشمري والعمل لقناة “إم بي سي” . في بداية العمل كانت لدي فكرة مسبقة عن الفنانات الخليجيات أنهن يرغبن بالماكياج ال”أوفر” الكثيف، لكن بعد تعاملي معهن اكتشفت أن هذه الفكرة خاطئة وهنّ يبحثن عن أخصائيين في الماكياج لا يظهرونهن بهذا الشكل المبالغ، ولاقى ما فعلته من ماكياج بسيط جداً استحسان المخرج والمنتج ومدير الإضاءة والتصوير والممثلات أيضاً . وأخطاء الماكياج في الدراما الخليجية أننا بتنا نعتقد أن المرأة الخليجية ترغب في وضع الكثير من الماكياج في أي وقت، وأغلب من يعمل الآن من أخصائيي ماكياج في هذه الدراما هم سوريون أو لبنانيون .

أنت لست نقابية ولا تنتمين إلى أي مؤسسة حرفية، ما طلباتك من القائمين على هذا الشأن في سورية؟

أرغب في فهم كيف لخريج المعهد العالي أن يصبح نقابياً فور تخرجه في المعهد وهو يدرس مادة الماكياج والخدع السينمائية من مدرسين أخصائيين في الماكياج ليسوا نقابيين؟ فاختصاصي بعيد عن التجميل وهو يتجه نحو السينما والدراما . وأعتب على القائمين على النقابة وأتمنى منهم أن يروا بتلك العين الفنية ما نقدمه من فن واختلافنا عن موضوع الماكياج الجمالي للأنثى .

ما العلاقة التي تجمع بين أخصائي الماكياج والخدع مع مدير الإضاءة التصوير وما علاقتهما بالمخرج؟

- العمل الفني ككل لا يعتمد على المجهود الفردي فقط، وكل فرد من أفراد العمل يجب أن يقدم كل ما يملك من خبرة لإنجاح العمل، والكل تحت رؤية المخرج؛ التفاهم الناتج بين أخصائي الماكياج والخدع مع مدير الإضاءة والتصوير يقدم إلى المخرج لأنهم على علاقة مباشرة مع الممثل، فالعلاقة التعاونية هي الطاغية وليست التبعية .