2012/07/04

هاني شاكر: "صوت الشهيد" هديتي إلى الثورة
هاني شاكر: "صوت الشهيد" هديتي إلى الثورة

المعتصم بالله حمدي – دار الخليج

أصبح الفنان هاني شاكر أكثر تصالحاً مع نفسه، فقد تيقن بعد الأحداث الأخيرة التي عاشتها مصر ومرض ابنته أن راحة البال أهم من كنوز الدنيا، وهو متحمس كثيراً للثورة المصرية ويراها فتحت أبواب المستقبل للأجيال الجديدة، ويثق بأنها ستغير أشياء كثيرة في مصر منها الفن، وهو يرفض القوائم السوداء، وله العديد من الآراء السياسية المهمة التي يرصدها في الحوار التالي الذي يكشف فيه حكايته مع “صوت الشهيد” وعلاقته بالثورة التونسية:

ما انطباعك عن حفلك الأخير في تونس التي زرتها لأول مرة بعد سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي؟

- تلقيت دعوة من السفارة المصرية في تونس لإحياء حفل هناك، كنوع من رد الجميل للأشقاء في تونس، الذين ساعدونا كثيراً ودعموا المصريين الهاربين من ليبيا حتى وصولهم إلى أرض الوطن، لذا لم أتردد ثانية في الموافقة بل تنازلت عن أجري وهذا أقل شيء من الممكن أن أساهم به في مثل هذه الظروف، كما أن اختياري لهذا الحفل أسعدني، خاصة أنني لم ألتق الجمهور التونسي منذ فترة وهو منحني الكثير من حبه على مدار السنوات الأخيرة، وقررت غناء بعض الأغاني الوطنية، احتفالا بنجاح الثورتين المصرية والتونسية .

متى قررت الغناء للشهيد؟

- قررت الغناء للشهداء منذ اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني في مصر، وطلبت من أكثر من مؤلف كتابة كلمات تعبر بصدق عن الشهداء، الذين ضحوا بحياتهم مقابل الحرية، لكن جميع الأغنيات التي عرضت عليّ لم تنل إعجابي، ومصادفة أرسل لي الشاعر الفلسطيني رامي يوسف كلمات أغنية “صوت الشهيد”، وفوجئت بتأثره بالأحداث المصرية بهذا الشكل، لذا لم أستغرق وقتاً في تلحين الأغنية سوى دقائق معدودة، ثم أرسلتها إلى الموزع عادل عايش، الذي وضع لها توزيعاً موسيقياً عبقرياً في وقت قياسي، ونالت الأغنية إعجاب الجميع، خاصة بعد أن استعان المخرج بمشاهد مؤثرة للغاية من أحداث 25 يناير ترجمت كلمات الأغنية بشكل مميز .

ألا ترى أن الأغنية خرجت للنور متأخرة بعض الشيء؟

- لم أهتم كثيرا بالتوقيت وفضلت أن أقدم أغنية إيجابية ترضيني بدلاً من التسرع وتقديم كلمات لا تتناسب مع مكانة الحدث، ولو وجدت كلمات جيدة أخرى مع أي شاعر لن أتردد في غنائها، لأن الثورة تستحق أكثر من ذلك، وكنت أتمنى أن تكون الثورة سلمية من دون سقوط شهداء وضحايا أبرياء هدفهم التعبير عن آرائهم بحرية، لكن للأسف الحرس القديم للنظام حول المشهد إلى شكل غير إنساني وحاول فض المظاهرات بالقوة لكن الحمد لله نجحت الثورة واقتلعت الفساد وفتحت أبواب المستقبل أمامنا .

كيف ترى مصر في مرحلة ما بعد الرئيس السابق حسني مبارك؟

- بعد سقوط النظام شعرنا جميعاً بأن مصر ملك لنا ولابد أن نعمل جاهدين لاستقرارها، لكن للأسف انشغلنا بأمور فرعية كثيرة وتركنا مهمة إعادة تعميرها .

هل كنت تتوقع كم الفساد الذي حاصر مصر في عهد النظام السابق؟

- أصبت بالصدمة من كم الفساد الذي ظهر بعد الثورة والمليارات المنهوبة التي تجاوزت كل التوقعات، وأتمنى أن تستقر الأمور، لأن الأوضاع لو استمرت بهذا الشكل ستؤثر بشكل مباشر في أهداف الثورة، خاصة أن هناك بلاغات كثيرة مقدمة من دون أسانيد أو أدلة وأتمنى أن يعاقب كل من يتقدم ببلاغات كيدية هدفها تشويه صورة الشرفاء، ومن وجهة نظري أن كل رجال الأعمال ليسوا فاسدين ولابد أن نضع مصلحة البلد فوق أي اعتبار وعدم اللجوء لسياسة تصفية الحسابات ومصر تحتاج إلى الترويج لها حتى تعود السياحة مزدهرة .

من تراه الأفضل لقيادة مصر في المرحلة المقبلة؟

- مصر غنية برجالها الأوفياء وأنا في حيرة بين عمرو موسى ومحمد البرادعي، لكني سأتخذ القرار بعد أن يعلن المرشحون برامجهم الانتخابية كاملة، وما يهمني في المقام الأول هو تغيير الدستور وتحديد سلطات رئيس الجمهورية وأن يكون لمجلس الشعب دور رقابي وتشريعي يخدم من خلاله الشعب وأن نتعامل بشفافية ونزاهة مثل أي بلد ديمقراطي، كما أن التصويت على التعديلات الدستورية الأخيرة خرج بشكل مميز وهذا يدل على أننا نمشي في الطريق الصحيح .

ولكن هناك من يحاول التأثير في الشعب لأهداف خاصة؟

- لا ينبغي أن نضغط على الناس ولابد من عرض وجهات النظر المختلفة بشكل موضوعي، كما أننا يجب أن نقف ضد أية ثورة مضادة تحاول النيل منا .

الوسط الفني يشهد الآن حالة من الانقسام الشديد خاصة بعد ظهور ما يسمى بالقوائم السوداء . . كيف ترى ذلك؟

- أنا أرفض القوائم السوداء ضد الفنانين ففي النهاية نحن جميعاً مصريون وسعداء بما أنجزه الشباب المصري الواعي، ولابد أن نكون متسامحين، خاصة أن عدداً منهم اعتذر وأعلن أنه لم يكن متفهماً للأحداث بسبب فساد بعض أجهزة الإعلام التي حاولت تضليل الناس وحجب الحقيقة عنهم لأغراض خاصة .

في الأزمات يكتشف الإنسان معادن الناس حوله وموقعه لديهم فكيف رأيت جمهورك خلال فترة مرض ابنتك؟

- الحقيقة أن الجمهور أحاطني بالحب خلال تلك الفترة بأكثر مما كنت أنتظر وبدون مبالغات أقول إن دعوات الناس البسطاء في أرجاء الوطن العربي واتصالاتهم أو حتى سؤالهم عني وعن ابنتي عندما كنت التقيهم في الشارع . . هذه الدعوات والمشاعر الصادقة المخلصة ساهمت بشكل كبير في شفاء دينا وربنا يتمم شفاءها إن شاء الله .

هل غيرت الأحداث الأخيرة المتلاحقة في وطنك الكبير وأسرتك الصغيرة من شخصيتك؟

- هذا حقيقي . . فقد تعلمت أشياء مهمة منها أن الحياة أجمل لو عشناها بعيداً عن الألم والأحقاد والمشكلات والمنازعات، كما أن الفساد نهايته سيئة للغاية، وأول شيء فعلته في الفترة الماضية كان الاتصال بالمحامي الخاص بي وطلبت منه التنازل عن أي قضايا أقمتها ضد من أساؤوا إلي بأي شكل من الأشكال لأنني أصبحت أكثر تصالحا مع نفسي وأتمنى أن نتعلم مما يدور حولنا لأن المال والسلطة لا معنى لهما من دون الرضا عن النفس .

هل ترى أن ثورة التصحيح ستطول الفن أيضاً أم أن موجة الابتذال ستجد من يروج لها؟

- الوضع سيتغير بكل تأكيد لأن الشباب العربي أثبت جدارته ولا يمكن أن يقبل بالفساد في مختلف المجالات ومنها بالطبع الفن وأتمنى أن يزدهر حال الغناء العربي وتنتهي موجة الابتذال