2012/07/04

ولادة من الخاصرة.. إغراق في الحالات الفردية
ولادة من الخاصرة.. إغراق في الحالات الفردية


منهل إبراهيم - الثورة


قالوا عنه انه رائعة الدراما لعام 2011 فهل هو كذلك بالفعل أم أن القول مبالغ فيه ولماذا الولادة من الخاصرة ...هل سيفضي المخاض العسير المفترض لجزء من المجتمع إلى ولادة قيصرية وإن كانت كذلك فالنتيجة هي المهمة فإذا كان المولود الاجتماعي سليماً فلا ضير من هكذا ولادة ولو كانت من الخاصرة أما إذا كان المولود عكس ذلك فهذا يعني أن العملية سلبية وتؤسس لحالة من الخلل في المنظومة  المجتمعية...لكن لا مفر فهذا الواقع ليس من حالة وسطى فيه لأنه يحتوي في طياته الغث والسمين والطيب و الخبيث والاصطفاء في المجتمع مستمر وينتخب في النهاية عنصر الخير على حساب عنصر الشر.

ولادة من الخاصرة هو العمل الثاني للكاتب سامر رضوان بعد مسلسل لعنة الطين الذي عرض في رمضان الماضي، وحقق نجاحاً بشهادة العديد من النقاد والمتابعين من الجمهور،ونلمح شيئاً مشتركاً في الاسمين ففيهما حالة من الألم والمعاناة والسخط تخرج من قلب المجتمع وعلاقاته المتشابكة  وهنا نتوقف قليلاً يحدونا التمني أن لاتنمط هذه الأعمال وتقولب في قوالب جامدة تتشابه فيها الأسماء والأحداث والبيئات والشخصيات والحبكات لدرجة تكون ملحوظة وتنفر المشاهد حين يجد نفسه مغموساً في جو من التكرار والتشابه .‏‏

العمل في مجمله يسعى إلى بناء قصصي يسرد حكاية من رحم الحياة تتداخل معها في حالة من الارتباط الحميم ، والأمر ملحوظ في بناء الشخصيات وتحركها بمنطقية ضمن بيئتها القصصية،والملاحظ أن العمل يضع الواقع كما هو على طاولة البحث  ولا يجري له عمليات تجميل أو يصوره بشكل غير منطقي في الاتجاه السلبي.‏‏

المسلسل يسعى لعرض  نماذج من الشخصيات التي يحفل بها المجتمع في إطار نبض الحياة الصاخب بالقضايا الفردية والجماعية التي تفرز المواقف المليئة بالمشاكل والهموم والطموحات وما يتخللها من لحظات أمل ويأس وسعادة وحزن تنجم وتظهر في طيات الحياة اليومية وتطفو على سطح عوالم تلك الشخصيات التي تتفاعل مع غيرها أو تنطوي على ذاتها في سياق تجربتها الشخصية الفريدة .‏‏

يتطرق العمل إلى تبيان التباينات الصريحة بين أفراد الشريحة الواحدة، ويمارس القياس الموضوعي بين هذه الشرائح وما يناقضها من شرائح أخرى من خلال شخصيات تتحرك على مسرح الأحداث و يشعر المتابع أنه التقى بها في الحياة  أو سمع عنها وعن ظروفها وأحوالها وقصصها.‏‏

ونرى في قصة المسلسل تلك الظروف التي تحيك مسببات القلق والخوف في تكوين الشخصية الإنسانية ومايجب فعله لرمي هذا الخوف وراء الظهور والتحرر منه عندما تقرر الشخصية ذلك في الوقت المناسب لها .‏‏

يعالج العمل أيضاً السلوكيات المفسدة لبعض من يمتلكون السلطة في المجتمع ويسيئون استخدامها والنهايات التي يؤول إليها أصحابها ، ويعرج البناء القصصي للعمل على العلاقة بين الآباء والأبناء من خلال رصدها ومتابعتها في أسر فقيرة وغنية تعيش في بيئات متباينة ،مايوضح تباينات الأقران و يحلل تمايز الأجيال والفروقات الهائلة بين هاتين البيئتين الاجتماعيتين .‏‏

الكاتب رضوان أفصح عن سبب تسمية العمل (ولادة من الخاصرة) بقوله أغلب شخصيات المسلسل تمتلك ولادات لا منطقية وأحياناً لا شرعية والشرعية هنا ليس بالمنطق الفقهي بل المنطق الدلالي، وما ينتج عن الشخصيات من الولادات غير الشرعية من أفعال غير شرعية بالمقابل وظروف نفسية معقدة تصل أحياناً إلى حالة الولادات القسرية لهذه الأفعال.. ومن هنا كانت الخاصرة البوابة التي ولدت منها هذه الشخصيات وأمثالها.‏‏

ولادة من الخاصرة قصة واقعية بشخصياتها وبيئاتها طرقت الكثير من المواضيع المهمة والمعاشة في واقعنا الذي يعج بالمتناقضات والإشكاليات , وظهر في القصة العامل الشخصي واضحاً من خلال إغراق العمل بالحالات الفردية ضمن بيئاتها المختلفة والأحداث ظهرت متنوعة فيها الميلودراما والتراجيديا والكوميديا.‏‏

المسلسل يضم عدداً كبيراً من نجوم الدراما السورية : عابد فهد، سلوم حداد، سلاف فواخرجي، قصي خولي، مكسيم خليل، محمد حداقي، فادي صبيح، مها المصري، شكران مرتجى، تاج حيدر، صفاء سلطان، كندة حنّا،  منى واصف، عبد الهادي الصباغ ، كنده علوش ، إياد أبو الشامات ، رنا شميس ، سليم صبري وآخرون.‏‏