2013/05/29
المخرج علي شاهين – تشرين
إلى البسيط.. إلى القدوة.. إلى الإنسان.. إلى المتواضع.. إلى الرمز.. إلى الصديق الصدوق ياسين بقوش الفنان الحقيقي..
أبا هيثم ياصديقي المظلوم تعلمت منك الكثير الكثير علمتني كيف يكون الفنان الحقيقي والمتواضع والبسيط كان لي شرف كبير أن التقيت به وتعرفت إليه عن قرب كنت ألتقي به في الإذاعة والتلفزيون كنا دائماً نجتمع ونتحدث عن الفن والفنانين والمسلسلات وكان دائماً يبدي رأيه في أي عمل فني بكل بساطة وصراحة وحرفية... كنت أمشي دائماً معه من التلفزيون إلى موقف السرفيس سابقاً وأنا سعيد جداً برؤية الناس كيف يبتسمون له ويسلمون عليه كان يقول لي هذا ما ورثته في حياتي, محبة الناس الشرفاء والبسطاء رأس مالي في الدنيا الفانية, هؤلاء الناس الحقيقيون الذين أستمد منهم قوتي وأشعر من خلالهم بوجودي لذلك أسكن في منطقة شعبية جداً لأنني مثل السمك لايستطيع العيش من دون الماء وأنا كذلك بالنسبة للبسطاء تعلمت منهم الكثير, وأعمالي وبساطة أدواري لم تكن مصادفة, هي مني وأنا منها لا أستطيع أن أخرج من جلدي.
كان يزورني في منزلي دائماً وكنت أتشرف به وأستمتع بأحاديثه العميقة التي تعلمت منها الكثير, كنت أشعر بأنه تاريخ يسرد أمامي.. وحدثني عن اعتذاره عن مسلسل «عودة غوار» قائلاً: الدور الذي عرض علي دور سلبي جداً والناس تعودت على ياسين البسيط سيكرهني الناس وسيتذكرون الدور السلبي فقط لقد قضيت حياتي وأنا أعمل على هذه الشخصية, بحفنة فلوس أمحيها من ذاكرة الناس هذا مستحيل وتم الاعتذار لأن الدنيا ليست فلوساً فقط هناك الأسمى والأنبل والأرقى, البيت المدعوم بشكل جيد لاينهار بسهولة, وهناك أشياء كثيرة في الحياة لا تشترى بالفلوس نحس بها ونقدرها عالياً, في إحدى المرات قالت لي ابنتي أريد يا بابا أن أشتري فستاناً فقلت لها موافق ذهبنا إلى محل الملابس قلت لها أملك ثمن فستان واحد فقط أعجبها اثنين واحتارت بينهما فقال لها صاحب المحل خذي الاثنين نظرت إلي قلت لها:
فقط واحد لا أملك إلا ثمن واحد فقام صاحب المحل وأعطاها الاثنين قال لي يا أستاذ صنعت الابتسامة على شفاهنا خمسة وعشرين عاماً, ألا يحق لنا أن نرد ابتسامة واحدة لهذه الصبية الجميلة في هذه اللحظة..
سقطت دمعتي الساخنة وأدركت قيمة أعمالي وشعرت بأنني لم أمر بالأرض مسرعاً, بهذه العبارة شعرت بأنني أملك العالم بأسره (محبة الآخرين كنز لايفنى) حتى سيارته التي كانت معه أخيراً شبه هدية من إنسان يحبه ويقدره أخذ منه شيئاً رمزياً تعبيراً عن القليل من محبته له.
قال لي رغم كل المآسي وكل الصعوبات يبقى ارتباطي بالناس البسطاء أهم شيء أملكه لا أريد أن أخسر هؤلاء.
تعلمت منك التواضع تعلمت منك البساطة تعلمت منك الوضوح تعلمت منك طيبة القلب والشعور بالآخر وإنصاف الآخر في وقت ليس فيه إنصاف.... إذا لم تنصفه الدنيا أنصفته خاتمته باستشهاده... أضاء شمعة أبدية ستبقى تاجاً على مسيرة حياته, وأعماله ستبقى في الذاكرة.
رحم الله الفنان ياسين بقوش