2012/07/04

يرى أن تجربته المسرحية كانت نقلةً أساسية في مسيرته الفنية ..دريد لحام..يفوز بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي  دمشق
يرى أن تجربته المسرحية كانت نقلةً أساسية في مسيرته الفنية ..دريد لحام..يفوز بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي دمشق


ماهر منصور - تشرين


يكرم الفنان دريد لحام خلال الشهر القادم في الإمارات العربية المتحدة بمنحه جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، للعام 2012 تقديراً لدوره في إثراء حركة المسرح العربي خلال مسيرته الفنية...

ولعل في تكريم الرجل هذا، ما نعده تكريماً للفن السوري، ولاسيما أن دريد لحام كان واحداً من أصحاب التجارب شديدة المحلية والخصوصية السورية.. وفي سورية فقط، عندما نتكلم عن الخصوصية المحلية السورية فنحن نتكلم عن خصوصية عربية حكماً، وهو الأمر الذي يستطيع المرء أن يلتقطه بسهولة في أعمال دريد لحام المسرحية والسينمائية... ‏

بدءاً من مسرحية «ضيعة تشرين» التي جاءت احتفاء بأول حرب عربية حقيقية ضد الكيان الصهيوني يخوضها العرب بقرار عربي، ويحققون فيها نصراً تاريخياً يغسل ذل الهزيمة في نكسة حزيران. وفي مسرحيته «كاسك يا وطن» قدم دريد لحام بيان حال الوطن العربي، قبل أن ينهي مسرحيته على إيقاع صدى أغنيته «بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب..»... وعاد دريد لحام ليكمل مرثية العرب في فيلمه «الحدود» فكان الوطن العربي حاضراً كله في المشهد السينمائي الذي أنجزه دريد مع محمد الماغوط. ‏

تكريم دريد لحام سيكون خلال فعاليات الدورة الـ22 لأيام الشارقة المسرحية التي تقام من 18-28 شهر آذار القادم... وهو التكريم السادس لأيام الشارقة بعد أن كرمت قبل الفنان لحام كلاً من الفنان المسرحي المصري الراحل سعد أردش الذي فاز بالجائزة في الدورة الأولى ومنحت في الدورة الثانية للفنانة المغربية ثريا جبران وفي دورتها الثالثة ذهبت إلى الفنانة اللبنانية نضال الأشقر وفي دورتها الرابعة استحقها الفنان الكويتي سعد الفرج وكرمت بالجائزة في دورتها الخامسة الفنانة المصرية سميحة أيوب. ‏

التجربة المسرحية مع دريد لحام بدأت مبكراً، بل إنها سبقت التلفزيون والسينما بشراكته مع الفنان نهاد قلعي، فقد قدم الاثنان في العام 1961، في العيد الأول للتلفزيون على خشبة مسرح نادي الضباط في دمشق أوبريت (عقد اللولو)، وهو عمل تمثيلي غنائي، تخللته دبكات ورقصات. وقد كتب قصة الأوبريت دريد لحام، وكتب نهاد قلعي السيناريو له، وقام دريد لحام بتصميم الرقصات وتدريب الراقصين عليها.. ‏

وبعد نحو عامين قدم دريد ونهاد مسرحية (مساعد المختار) وهي اسكتش غنائي مسرحي، ذو طابع سياسي انتقادي، من تأليف الفنان نهاد قلعي، كما شارك دريد ونهاد الملحن فيلمون وهبة أواخر الستينيات بطولة مسرحية (قضية وحرامية) من تأليف الشاعر جورج جرداق، إلا أن تجربة المسرح الحقيقية كانت في استحقاق مسرح الشوك الذي قدمه الفنان عمر حجو.. ثم شاركه دريد لحام مع نهاد قلعي، كتابة وتمثيلاً وإخراجاً، العمل في لوحات «مسرح الشوك»، والذي شكل وقتها أهم تجربة سورية في المسرح الانتقادي السياسي الساخر في وقتها- أواخر الستينيات... وهي التجربة ذاتها التي أسست لواحدة من أهم التجارب الدرامية في وقتنا الحالي وهي سلسلة «بقعة ضوء» التي يفترض أن تقدم نسختها التاسعة هذا العام.

بعد خمس سنوات على تجربة «مسرح الشوك» انتقل الفنان دريد لحام، ومعه نهاد قلعي إلى التجربة الأهم في مشوار الاثنين المسرحي والأكثر شهرة وإثارة، وذلك بشراكة دريد لحام و الشاعر والمسرحي السوري محمد الماغوط التي بدأت في المسرح وامتدت إلى التلفزيون والسينما. ‏

وتمتد التجربة الإبداعية للفنان دريد لحام، مع الكاتب المسرحي محمد الماغوط، من العام 1974، حيث قدما باكورة تجربتهما مسرحية «ضيعة تشرين» التي اشترك الاثنان في كتابتها، وقام ببطولتها وإخراجها الفنان دريد لحام، تلاها عدد من المسرحيات السياسية الناقدة والساخرة، هي: (غربة)، (كاسك يا وطن)، (شقائق النعمان). ‏

كان اتفاق دريد لحام ومحمد الماغوط في طريقة التفكير تجاه القضايا السياسية، مهّد لظهور أول عمل مشترك بينهما عام 1974، وهو مسرحية (ضيعة تشرين)، التي كتباها معاً. و«مع الماغوط كنت أكتب كلمة كلمة، وجملة جملة»، يقول دريد في حوار أجراه معه الناقد بشار إبراهيم، لا عن تجربته في (ضيعة تشرين) مع الماغوط، وإنما عن كامل التجربة بينهما. ‏

ويذكر أن «ضيعة تشرين» لم تكن باكورة التجربة المشتركة بين دريد لحام ومحمد الماغوط فحسب، وإنما كانت باكورة أعمال فرقة دريد لحام المسرحية»أسرة تشرين» والتي استلهمت اسمها من اسم أول عرض قدمته. ‏

وقدم الثنائي (دريد ونهاد) معاً من تأليف محمد الماغوط مسرحية «ضيعة تشرين» التي قدماها على خشبة مسرح اتحاد نقابات العمال سنة 1974، ومسرحية «غربة» سنة 1976.. وأثناء التحضير لهذه المسرحية تعرض الفنان نهاد قلعي لحادثة الشجار الشهيرة، التي منعته ظروفه الصحية بعدها من تقديم شخصية «أبو ريشة» في مسرحية غربة، ليحل مكانه الفنان تيسير السعدي، إلا أن نهاد قلعي قام بأداء الشخصية في العرض الذي تم تصويره خصيصاً للتلفزيون بإصرار من شريكه دريد لحام. ‏

وفي العام 1979 قدم دريد لحام ومحمد الماغوط مسرحيتهما الأشهر (كاسك يا وطن)، بعدها قدم الاثنان مسرحية (شقائق النعمان) عام 1987, وهي العمل الأخير الذي قام به دريد لحام ومحمد الماغوط. وأثير في نهايته لغط شديد، عن طبيعة العلاقة بين الاثنين، التي انتهت إلى خلاف استمر سنوات قبل أن يغازل الاثنان بعضهما بعضاً إعلامياً، ويعيدا حبل الود إلى ما كان عليه. ‏

وبعد انفصال الاثنين قدم دريد لحام في موسم 1993ـ 1994 مسرحية (صانع المطر) وهي مقتبسة عن رواية أمريكية بالاسم نفسه، ومسرحية للأطفال بعنوان (العصفورة الصغيرة)، وقد قدم دريد المسرحيتين في الوقت نفسه فكانت مسرحية (العصفورة السعيدة) للصغار، وكانت تعرض عند الساعة الرابعة بعد الظهر، متزامنة مع عرض مسرحية (صانع المطر) للكبار في مساء اليوم ذاته. ‏

إثر عرض مسرحيتي (صانع المطر) و(العصفورة الصغيرة) أعلن دريد لحام اعتزاله العمل في المسرح فقط، ليغيب عن المسرح نحو سبعة عشر عاماً، عاد بعدها في العام 2011 عن قرار اعتزاله، ليقدم آخر مسرحياته بعنوان «السقوط», مؤكداً أنني «اعتزلت المسرح ولكنه بالتأكيد لم يعتزلني وبقي حاضراً وحياً في داخلي»، كتبت لوحات مسرحية «السقوط» على شكل لوحات ضمن ورشة كتابة جماعية ضمت المخرج علاء الدين كوكش، والممثل عمر حجو، إلى جانب الفنان دريد لحام. وتألفت مسرحية (السقوط) من تسعة مشاهد مسرحية, كل مشهد يعبر عن سبب من أسباب ضعف الأمة العربية. ‏

«المسرح لعبتي» يقول دريد لحام، وفي مقالة نشرتها مجلة العربي الكويتية في عددها 499 الصادر في حزيران عام 2000، بعنوان (حياتي .. كتاب مفتوح) يؤكد شارلي شابلن العرب: «إن تجربتي المسرحية كانت نقلة أساسية في مسيرتي الفنية على الرغم من أن ظهور مسرحي كان مفاجأة رافقها الكثير من الدهشة والتساؤل والقلق ولكن رافقها أيضا التألق والضجة والاهتمام الإعلامي, على الرغم من أن البداية كانت مع ما يمكن أن نسميه المسرح الوطني, وكان مع مسرحية (ضيعة تشرين) التي طرحنا فيها موضوع الحرب كما طرحنا انتقادات اجتماعية ولوحات حية, إضافة إلى الاستعراض والفنون الشعبية الراقصة والغناء والموسيقا, وبهذا حاولنا أن نؤسس لأنموذج مختلف من المسرح كانت له جماهيرية واسعة ليس في سورية فحسب, وإنما في جميع أقطار الوطن العربي التي عرضنا فيها مسرحنا, حتى في المهاجر حيث تقيم الجاليات العربية, حتى اسم الفرقة اخترناه بإيحاء عرضنا الأول فسميناها (أسرة تشرين)». ‏

ويعترف النجم لحام في المقال السابق بأن المسرح هو المربي الحقيقي، مؤكداً أن «التربية الحقيقية للفنان تتم في المسرح بسبب العلاقة الحميمة التي تربط الفنان بالجمهور, فجمهور المسرح يتدخل في الصياغة النهائية للعرض, حيث يصبح في اليوم العاشر مثلاً مختلفاً عنه في الـيوم الأول, وأنا حتـى الآن لا أزال أعد المسرح بيتي, لأنه يتيح للفنان إمكان التواصل الحي المباشر مع الجمهور وإمكان التصعيد الجميل للعطاء, أما العمل مع الشاشة فيقوم على تقطيع الإحساس ليتم وصله لاحقاً بوساطة المونتاج, والممثل في السينما أو التلفـزيون لا يخاطب إنساناً, بل كتلة معدن لها عين من زجاج». ‏