2012/07/04

900 فيلـم سينـمائى يتهم العرب والمسلمين بالإرهاب والشذوذ الجنسى
900 فيلـم سينـمائى يتهم العرب والمسلمين بالإرهاب والشذوذ الجنسى


محمد عادل – روز اليوسف

منذ عام 1985 وحتى ثورة 25 يناير 2011 قدمت هوليوود أكثر من 900 فيلم صورت جميعها العرب على أنهم أشخاص إرهابيون ومتخلفون ومتعصبون دينيا وليس لديهم رحمة، ومنذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر من عام 2001 ومع تحطم الكبرياء الأمريكى الذى تحطم مع برجى مركز التجارة العالمى بنيويورك، والحرب على العرب والمسلمين دائرة لم تهدأ بدعم من الإدارة الأمريكية برئاسة الابن «جورج بوش» الذى دعم بدوره السينما الهوليوودية وحثها على تقديم الصور السلبية عنهم، ومن بعده «أوباما» الذى لم يتخذ قرارًا بإيقافها ليستمر العداء حتى قيام الثورة.

الحرب بين السينما الهوليوودية وبين العرب والمسلمين بدأت عام 1985 بفيلمين هما «st.Elmos fire» والذى صور العرب على أنهم شواذ جنسياً و «Brck to the future» الذي صور العرب كإرهابيين لا هم لهم سوي تصنيع القنبلة النووية!! الأمر اختلف بعد ثورة 25 يناير حيث تغيرت نظرة هوليوود السلبية للعرب والمسلمين- حتى لو كانت ظاهرية- بعد أن تغيرت دفة الإدارة الأمريكية معهم، صحيح أن المحاولات الهوليوودية فى هذا الاتجاه قليلة، وليست بكم التشوهات التى أحدثتها من قبل فى سينماها ضدنا، إلا أنها محاولات تؤكد أن هناك موقفا مغايرا، وأن المعلن فى هوليوود هو تقديم صورة متوازنة عن علاقة الغرب بالعرب، وإن كان من المؤكد أن هذه الصورة فى باطنها لا تعدو كونها «تشويها مستترا» الصورة المغايرة فى هوليوود بدأت بفيلمين وفى وقت واحد هما «killer elite»- «قتلة الصفوة»- و«Back doors channels»- «الأبواب الخلفية»- وهما يتناولان الثورات العربية والصراع «المصرى- الإسرائيلى».

فيلم «Killer Elite» أو «قتلة الصفوة» الذى عرض مؤخرا فى دور العرض السينمائية المصرية، بطولة المخضرم «روبرت دى نيرو» والذى لا يعدو دوره كضيف شرف لا أكثر. مقتبس عن قصة حقيقية من كتاب بعنوان «إلهام» أو Inspiration لمؤلفه «رالف فينيس»، يبدأ الفيلم بعبارة صادمة «العالم تسوده حالة من الفوضى، الأزمة الاقتصادية مازالت منتشرة ومستمرة فى كل مكان، الحروب منتشرة، فقد حان وقت الثورات والمنازعات والعمليات السرية».. هكذا تأتى صدمة المشاهد، خاصة مع ورود كلمة «الثورة» لما لها من علاقة واضحة ومرتبطة بما يحدث الآن فى المنطقة العربية من «ربيع»، إلا أن المشاهد يصدم أكثر حينما تحتل الشاشة جملة «العام 1990» وكأنه يقول: إن التجهيز لكل ما يحدث الآن فى المنطقة يعود إلى أكثر من عشرين عاما!

نبدأ بالتعرف على «دانى» الذى يقرر اعتزال مهنة قاتل الصفوة أو «Killer Elite»، ذلك القرار يأتى بعد عملية لاغتيال أحد الزعماء فى المكسيك وما صاحبها من عدم قدرته على قتل ابن هذا الزعيم!.. إلا أن قرار الاعتزال لـ«دانى» لا يستمر طويلاً، بعدما تأتيه مهمة فى «سلطنة عمان» من رجل يدعى «الشيخ»- وهو أشبه بزعيم قبيلة أو رئيس!- والمهمة هى أن «دانى» لابد وأن يقتل ثلاثة ضباط من المخابرات البريطانية قاموا بقتل أولاد «الشيخ» مقابل 6 ملايين دولار، بجانب إنقاذ حياة صديقه والقاتل المحترف «هانتر» الذى حبسه «الشيخ» لضمان تنفيذ المهمة.. «دانى» يقوم بتجميع أصدقائه فى المهنة من جديد، يبدأون فعلاً فى التخلص من الضباط البريطانيين، لكن يقف فى طريقهم «سبايك»- وهو أحد رجال المخابرات البريطانية أو من يقوم بعمليات سرية غير معترف بها- لتتعقد الأمور أكثر بعد ما يموت أصدقاء «دانى» فى المهنة، يبدأ «سبايك» بعدها فى مطاردة «دانى» هو شخصيا والذى يحاول تنفيذ المهمة بكل الطرق ليس فقط لإنقاذ صديق عمره «هانتر»، لكن أيضا للرجوع لحبيبته «آنى».

ورغم أن أحداث الفيلم تشبه التوثيق الحى، إلا أنه تظل هناك مشكلة وهى أن الفيلم يُقدم إدانة «كاملة» للعرب و«شبه كاملة» للغرب، فمثلاً «الشيخ» العربى يستعين برجال أجانب مثل «دانى» لقتل رجال أجانب «الضباط البريطانيين» الذين قتلوا أولاده، مع أن للــ«شيخ» ابنا ليس بالصغير فى أحداث الفيلم، إلا أن هذا الابن يرفض أن ينتقم بنفسه، لكنه يوافق على أن ينتقم له الآخرون!.

ومع أن الفيلم يقدم القتلة الأجانب المحترفين وهم أشبه بالمرتزقة، كل ما يهمهم الأموال والفتيات كأصدقاء «دانى» فى المهنة مثلاً، قد يبدو هذا إدانة، لكنها ليست كُلية فشخصية البطل الرئيسى «دانى» هو من يحارب لأجل صديق عمره «هانتر» وحبيبته «آنى» وليس من أجل المال ــ كما قالها فى الفيلم ــ فى الوقت الذى لا يظهر فيه أى عربى بأى صورة إيجابية، فهم لا يعدو كونهم «بودى جارد»، أو «شيخ» عليلا يعميه الانتقام، أو ابنا عاجزا كابن «الشيخ» يرفض أن ينتقم لعائلته، لا يحب سوى النساء، حتى والده «الشيخ» المريض لا يهتم ما إذا كان يموت أو العكس، بل لا يهتم بمقتله أمامه!.

يؤكد هذا المعنى طبيعة المكان، ففى حين لا يخرج المكان عن الصحراء عند العرب وحياة أقرب للبدو، لكن عند الغرب مجتمعات حديثة، تخطط لما هو أكبر، حتى لو كان هذا التخطيط فى قمة الانحطاط ــ إشعال الثورات للسيطرة على البترول بأى شكل ــ ولا يعدو تخطيط العرب ــ خطة «الشيخ» لقتل الضباط البريطانيين ــ هى خطة همجية،. انتقامية، شخصية، غير مُشرفة، لا يعدو كونها ثأرية أشبه بتلك التى نسمع عنها فى صعيد مصر!.

تظل هناك أفلام تحاول التغريد خارج سرب التشويه المُتعمد للعرب، بل تعمد إلى التحليل ومحاولة الوصول لجوهر الأمور، إلا أن الضوء لا يتم إلقاؤه عليها لسبب غير مفهوم، فمثلاً الفيلم الوثائقى الأمريكى «الأبواب الخلفية: ثمن السلام» أو Back Doors Channels: The Price Of Peace للمخرج «هارى هانكلى».

أثار التساؤلات عند عرضه، خاصة أنه يتناول اتفاقية «كامب ديفيد» بعد توقيعها منذ أكثر من ثلاثين عاماً بين مصر وإسرائيل، وعن ذلك يقول مخرج الفيلم «هارى هانكلى»: «لقد أردت أن أوضح أن ما حدث فى الماضى يمكن أن يحدث أو يتكرر مرة أخرى، نحن نحتاج اليوم إلى سياسيين أقوياء، يتمتعون بالشجاعة، لكن للأسف هؤلاء اختفوا عن اليوم، فالثمن الذى دفعه السادات وكارتر وبيجن كان غالياً، وباستثناء إسحق رابين لم يجرؤ أى زعيم آخر على السير بجدية فى اتجاه السلام».

الفيلم شارك فى كتابته المُخرج «هارى هانكلى» مع ثلاثة كُتاب آخرين هم: «ماثيو تولين - جوناثان هيكس - أريك ويريسون»، الفيلم يبدأ ولمدة 4 دقائق مستعرضاً الصراع الدائر فى الشرق الأوسط منذ 4000 سنة وعلى مدار 90 دقيقة يشرح الفيلم الظروف والأوضاع والتطورات التى آلت بعدها لأن يتم عقد الصُلح بين مصر وإسرائيل، فى إشارة لا يخلو منها الفيلم لتأثير هذا الصلح على الأجيال الجديدة من خلال قنوات الاتصال الشخصية الخلفية لكى يتم إقناع كُل من الرئيس «السادات» ورئيس الوزراء الإسرائيلى «مناحم بيجن» أن يُصافحا بعضهما.. وهو ما أعرب عنه المُخرج «هارى هانكلى» بقوله: «الوصول إلى سلام شامل يتطلب شجاعة كبيرة ومُصالحة من جانب كل الأطراف المعنيين بالأمر، هذا ما فعله السادات وبيجن وكارتر، أما اليوم فالجميع يتحدث عن ضرورة السلام، لكن لا يوجد فى الواقع زعيم قوى لديه استعداد لدفع ثمن تحقيق اتفاق السلام، فمُستقبل العالم كُله مُتعلق بصمود اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وفشل كامب ديفيد يعنى اندلاع الحرب».

الفيلم فى إجماله يعتمد على اللقاءات مع مجموعة من السياسيين سواء المصريين أو الأمريكيين الذين ساهموا بشكل مُباشر فى توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل أبرزهم الرئيس الأمريكى السابق «جيمى كارتر» وأمين عام الأمم المُتحدة الأسبق المصرى «بطرس بطرس غالى» والمُفكر والباحث السياسى الأمريكى «هنرى كيسنجر»، أو حتى الذين عملوا خلف الستار مثل الدبلوماسى المصرى «عبدالرءوف الريدى» ومُستشار الأمن القومى الأمريكى «بيل كواند» ورجل الأعمال الأمريكى «ليون تشيرنى» والجنرال الإسرائيلى «إبراهام تامير» والسفير «نبيل فهمى» - سفير مصر السابق بواشنطن.

يُشير الفيلم بجرأة أيضاً إلى أن للسياسة فى الشرق الأوسط تأثيرا مُباشرا على كل أمريكى فى المنطقة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكنها الاستغناء عن بترول المنطقة فى الوقت نفسه - فى إشارة لا تخلو من النقد بسبب التناقض فى المواقف الأمريكية - فإذا تجاهلت أمريكا السياسية فى الشرق الأوسط، فإنها تعرض بذلك مصالحها للخطر، كما يُشير فى الفيلم كل من الرئيس الأمريكى السابق «جيمى كارتر» والمستشار السياسى الأمريكى «بيجينسكى» أنه كان يجب على الرئيس الأمريكى الحالى «أوباما» فور انتخابه البدء فى اتخاذ خطوات لدفع عملية السلام، فـ «أوباما» ليس قوياً بما يكفى ورياح التغيير التى تُساهم فى تغيير خارطة المنطقة العربية الآن دليل قوى على ضعف تأثير الولايات المُتحدة الأمريكية، ففى حالة وجود زعيم قوى فى أمريكا فإنها تستطيع أن تدفع مسيرة السلام فى الشرق الأوسط.. وهو ما يطرحه المُخرج «هارى هانكلى» فى شكل تساؤل: «كيف كان العالم سيبدو اليوم لو لم يُقتل السادات وأعيد انتخاب كارتر من جديد؟».

فيلم «الأبواب الخلفية» يتهم «أوباما» بضعف التأثير والعجز عن اتخاذ خطوات لدفع عملية السلام.