2012/07/04

لبنان على إيقاع الموسيقى التجريبية الارتجالية
لبنان على إيقاع الموسيقى التجريبية الارتجالية

هلا محمود – خمس الحواس

أطلق مصطلح الموسيقى التجريبية في أوروبا خلال خمسينات القرن الماضي، على الموسيقى (المتقنة) المعاصرة، والإلكترونية والملموسة concr te، و«الإلكترو-أكوستيك ». وفي الستينات، بدأت مفاهيم الموسيقى التجريبية تتبلور مع الموسيقيين الأميركيين الأكثر راديكالية أبرزهم جون كايج، وقد ميّز بعض النقّاد بينهم وبين روّاد الموسيقى الأوروبية الطليعية (شتوكهاوزن، وبيار بوليز ...).

تشمل الموسيقى التجريبية تيّار المينيمالية التكرارية (فيليب غلاس)، والأنماط الموسيقية ما بعد الحداثية.

أنماط مفتوحة على مسالك متعدّدة، منها الجاز الحر والتجريبي، والروك التطوري الحديث والتجريبي، انضمّت تباعاً إلى هذا التيار الذي تغذّى من الفلسفة والتيارات الفنية الاحتجاجية

. أصواتٌ ناشزة ومقعرة، تصدم المتلقّي العادي والمتطلب في آن. أنواع الموسيقى التجريبية غير الشعبية واللانغمية، تبدو «قبيحة»، مقارنةً بالموسيقى المقامية والـ tonale اللتين لا تفرضان استفزازاً على الأذن

. لكن، لابدّ من تجنب الأحكام السريعة والقاطعة عند سماع الموسيقى التجريبية، فهي غالباً تخاطب العقل، لا القلب والأذن، لأنها يصعب على المستمع العادي تقبلها، خصوصاً في البلدان العربية .

حيث لايزال هذا النوع من الموسيقى غير معروف على المستوى الجماهيري، وغير مرغوب به حتى لدى المتابعين لأحوال الموسيقى وأهوائها. وربما لذلك ارتأى ثلاثة فنانين لبنانيين هم مازن كرباج ورائد ياسين وشريف صحناوي،.

وهم أول مَن عزف هذه الموسيقى في لبنان، إقامة مهرجان سنوي في بيروت بعنوان «ارتجال» للتعريف بالموسيقى التجريبية الارتجالية.

ويحتفل هذا المهرجان في هذه الأيام بعيده الحادي عشر، ويأتي برنامجه هذا العام بانوراما للتراكمات التقنية والفكرية التي حققها هذا النوع من الموسيقى محلياً وعالمياً... الكلاسيكية المعاصرة والجاز الحر والروك تلتقي كلّها في بيروت من 5 ابريل الى 8 منه.

تراكمات تقنية وفكرية

عندما انطلق مهرجان «ارتجال» منذ 11 عاماً، استغرب الجمهور اللبناني هذا النمط من الموسيقى الذي وجد فيه نمطاً غريباً يزعج أذنه، كونه غير نغمي ولا يتبع مقامات محدّدة.

وحينها توقّع المتابعون فشل المهرجان وعدم إمكانية استمراره.

لكن سنة بعد سنة، صار هذا الجمهور يكبر وتتّسع لديه رقعة الحشرية المعرفية ليبحث في تفاصيل هذه الموسيقى «الغريبة».

. وبعدما كان مصطلح «موسيقى تجريبية» غير مفهوم لدى غالبية الجمهور المهتمّ بالموسيقى عامة، صار مصطلح مرغوب في الغوص في تاريخه ومتابعة آخر تطوّراته في العالم.

والفضل في ذلك يعود إلى الفنانين اللبنانيين الثلاثة رائد ياسين ومازن كرباج وشريف صحناوي، الذين أسسوا هذا المهرجان عن تصميم وإصرار للاستمرار به وبنجاح.

ويشرح ياسين وهو فنان معاصر يشتغل في مجال الموسيقى التجريبية والتجهيز الفني وأعمال الفيديو التي تحاكي الثقافة الشعبية والذاكرة الجماعية في العالم العربي، «أسسنا المهرجان بعدما عملنا مطوّلاً في الموسيقى التجريبية وسافرنا الى بلدان أوروبية وآسيوية وأميركية للمشاركة في مهرجانات عالمية.

وحينها قرّرنا تعريف الجمهور العربي بهذه الموسيقى بعدما وجدنا أنه ليس لها صدى بقي مجتمعنا». ويضيف ياسين

: «نحن مؤمنون أن هذه الموسيقى يجب أن تلقى مكانها في العالم العربي، خصوصاً أنها تجعل الإنسان يفكّر وينتقد وليست موسيقى مخدّرة

». وحول استمرار المهرجان يقول ياسين: استفدنا من التجارب السابقة وقرّرنا أن ننوّع في البرنامج كي لا يملّ المستمع. ومنذ 2009 بدأنا نستضيف فرقاً وموسيقيين يقدمون الموسيقى الكلاسيكية المعاصرة، والروك، الجاز الحرّ، والالكترونيكا، .

والبوست بونت، وغيرها من الأنماط الموسيقية التي تدمج ما بين الشرقي والروك أو بين التجريبي والكلاسيكي

. وبتنا ندعو فرقاً عالمية تقدم الموسيقى التجريبية مرافقة بأعمال فيديو، أو أعمال إضاءة وألعاب بصرية.

كما نفعل في هذه الدورة حيث نستضيف الخميس 7 أبريل المقبل فرقة «نوها» من النرويج التي تقدم موسيقى الكترونية مع «باور روك» ذات الصخب العالي يصاحبها استعراض إضاءة باهر

. وهي تجربة فريدة من نوعها كون الاستعراض يعكس ما يمكن للجسد والنفس والروح أن يختلج من أحاسيس وثورة وتعبيرات.

ويرفض الفنانون الثلاثة القيمون على المهرجان تمويله من قبل جهات معيّة، متحمّلين أعباء المصاريف والخسارة المادية سنوياً، «غالبية الجهات المموّلة تفرض علينا أجندا معينة لا يمكن أن نقبل بها، فهذا المهرجان يقدم موسيقى حرّة وأفكار حرّة لا قيود لها»

. كما يرفضون أن يكون مجانياً «لأن الشخص إذا كان مهتماً يجب أن يأتي يدفع ثمن ما يُقدّم له من جهد وتعب»، يقول ياسين.

ويضيف: «على كل حال أسعار البطاقات ليست باهظة فثمنها عشرة دولارات لليلة الواحدة التي تتضمن 3 فرق موسيقية عالمية ومتنوعة الأنماط». ويشير ياسين الى أن المهرجان مغامرة، .

لكنها جميلة ومؤثرة في الجمهور الذي نخاطبه خصوصاً أن الموسيقى التجريبية المرتجلة لا تزال عصيّة على الفهم حتى في أوروبا والولايات المتحدة.

وتتميز الدورة الحادية عشرة التي ستنطلق على خشبة مسرح بيروت في عين المريسة، بتعددية الأنماط الموسيقية وغنى البرنامج الذي يستضيف 11 فرقة وحوالى 30 فناناً من بريطانيا والنرويج ومصر وألمانيا وفرنسا ولبنان وكندا

. ومن أبرز هذه العروض «القدس في البال» الذي يقدّمه رضوان مومنة ومالينا سلام في مركز بيروت للفن المعاصر الخميس المقبل

. وهو عرض أدائي تركيبي، سمعي بصري، يرتكز على تيمات موسيقية لمومنة الذي خاض تجارب في الموسيقى العربية والشرق أوسطية، والروك.

psychdlique. كما هناك موعد في اليوم نفسه على خشبة مسرح بيروت مع الممثلة المصرية أميرة غزالة (مقيمة في لندن) والبريطاني سيث أياز (electronics) اللذين يقدمان قصائد صوتية بعنوان «مخارج»، .

وهو عرض يغوص في أبجدية اللغة العربية ليظهر كم هي لغة صوتية ومخارج حروفها أشبه لنغمات موسيقية فطرية.

افتتح مهرجان «ارتجال» الثلاثاء 5 أبريل بحفلة مميزة لفرقة

( Dans Les Arbres سفي الأشجار) التي تضمّ عازف البيانو النرويجي كريستيان والمرود، وهو من ألمع مبدعي جيله.

إلى جانب عازف الكلارينيت الفرنسي كزافييه شارل، والنرويجيين إيفار غريديلاند (غيتار، وبانجو) وإنغر زاك (إيقاعات)

. واستمتع الجمهور اللبناني الشاب في هذه الليلة بحفلة لشربل الهبر (غيتار كهربائي)، ورضوان مومنة (synthesizer، وبزق)

. واختتم ليلة الافتتاح خماسي In- Version الذي تقوده جويل خوري (بيانو)، ويضمّ هراتش قسيس (سوبرانو وتينور ساكس).

، وتوم هورنينغ (باريتون وتينور ساكس)، وموريس خوري (باص)، ووليد طويل (درامز)

. ويُختتم المهرجان بسهرة فريدة تجمع موسيقيين لبنانيين وأجانب بعنوان ENSEMBLE 40.80، أبرزهم مازن كرباج (ترومبيت).

ورائد ياسين (كونترباص)، وفادي طبّال (غيتار كهربائي)، وشريف صحناوي (درامز).

وبايد كونكا (كلارينيت/ سويسرا)، وستيفان ريف (سوبرانو ساكس/ فرنسا)، وكزافييه شارل