2012/07/04

"المتآمرة" أفضل تناول سينمائي للحرب الأهلية الأمريكية
"المتآمرة" أفضل تناول سينمائي للحرب الأهلية الأمريكية

جلال جبريل - الخليج

هاجمت القوات الكونفدرالية الأمريكية في ال12 من إبريل/نيسان ،1861 قاعدة عسكرية للقوات الاتحادية المتركزة في جزيرة فورت سومتر بولاية كارولاينا الجنوبية ودارت معركة كانت نقطة البداية لحرب أهلية استمرت زهاء الأربع سنوات . خلفت هذه الحرب أكثر من 600 ألف قتيل، وحطمت البنية الاقتصادية لولايات الجنوب الأمريكي فضلاً عن انقسامات امتدت آثارها حتى الآن .

مثل غيرها من الأحداث التاريخية المؤثرة، تناولت مئات الأفلام أحداث الحرب الأهلية الأمريكية، وأحدثها فيلم “المتآمرة” للمخرج روبرت ريدفورد، الذي شارك في بطولته الممثلة الأمريكية روبين رايت في دور ماري شورات، وهي أول امرأة أعدمتها الولايات المتحدة بتهمة التآمر والمشاركة في اغتيال إبراهام لينكولن، ومواطنها جيمس ماكفوي في دور محاميها، وتدور معظم مشاهد الفيلم حول جلسات محاكمة شوارت التي حكم عليها في محكمة عسكرية ذات قوانين صارمة من ضمنها عدم السماح للمتهم بالحديث إلى محاميها الذي لا يسمح له هو الآخر بالاطلاع على الأدلة التي اتهمت على إثرها موكلته .

واختلف الفيلم عن غيره بمناقشة أكثر التفاصيل الدقيقة في محاكمة شورات، بطريقة قال عنها كاتب السيناريو جيمس سولومونل: “أردنا عبر الفيلم أن نوصل للمشاهد أن الأحداث التاريخية الخالدة فقط هي التي تستحق تسجيلها سينمائياً” .

“جميع منتجي السينما تقريباً لم ينجحوا في تناول قصة الحرب الأهلية كما نجح هذا الفيلم”، هكذا قال جاري جالافر، مؤلف كتاب “أسباب النصر والنسيان” الذي ناقش خلاله مدى نجاح “هوليوود” في عكس حقائق الحرب الأهلية عبر الأفلام السينمائية . ويضيف “جميع الأفلام السابقة تناولت أحداث الحرب الظاهرة المتمثلة في المعارك كفيلمي “تذروه الرياح” و”الزوايا القاتلة”، إلا أن فيلم “المتآمرة” ركز على أحداث أخرى بعيداً عن ميادين المعارك” .

وقال برايان ويلز كاتب قصة فيلم “زمن المجد”: “غالباً ما تكون الدقة سبباً في إخفاء حقائق مهمة في الإنتاج السينمائي، وكثيراً ما يجبر الكاتب على اختصار القصة حتى تناسب زمن الفيلم، ووضعها في قالب لغوي يرجع إلى عصرها حتى تكون أقرب للحقيقة، وهي من ضمن الأسباب التي تجعل المنتجين يبتعدون عن التعمق في سرد كل الحقائق التاريخية” . ومن الأسباب التي تجعل الأفلام التي ترتكز على قصص تاريخية حقيقية تأتي غير دقيقة تماماً، صعوبة تضمين كل ما يتعلق بالحدث في القصة، فمنها ما يناقش المعارك بطريقة مغايرة مثل فيلم “جيتيزبيرغ” الذي استخدم المخرج رونالد ماكسويل حقائق الحروب كإضافات فقط .

والتفاصيل التاريخية الدقيقة، ليست السبب الوحيد الذي يجعل هذا النوع من الأفلام يأتي مغلوطاً، فهناك أيضاً صعوبة في ترجمة ونقل الصورة التاريخية بكل تفاصيلها .

يقول ويلز: “على مخرجي الأفلام التاريخية نقل جميع الحقائق للمشاهد عن الفترة التي تدور فيها الأحداث، وخلق لغة تجمع بين الكلمات القديمة والحديثة لنقل الصورة” .

الأفلام المنتجة مثل الحرب العالمية الثانية، مثل فيلم “ميلاد أمة” الصامت للمخرج جيلفيرث، تناولت القضايا الشائكة التي تمثل حقوقاً يبحث عن تحقيقها وحارب من أجلها كيان الجنوب الأمريكي . وهذا ما أسماه جالافر ب”تفسير هوليوود الافتراضي” خلال خمسينات القرن الماضي، وهو الوقت الذي ظهرت فيه مصطلحات أثرت بطريقة مباشرة في الأحداث، مثل حقوق الإنسان عام 1960 . وبدا ذلك جلياً في فيلم “جلوري” عام 1986 الذي دارت قصته حول اتحاد الجنود السود، وبحسب جالافر فإن “جلوري” يمثل بداية لأفلام عكست أحداثاً تاريخية بقوالب حديثة .

واستطاع المخرج ريدفورد عبر “المتآمرة”، أن يرفع سقف إنتاج الأفلام التاريخية إلى مستوى أعلى، كونه ارتكز على أول عمل مكتمل الفصول للكاتب سولومون بدأ في صياغته منذ 1993 . في هذا الفيلم ظهرت مخاوف الاتحاد الكونفدرالي من مؤامرات محتملة لارتكاب أعمال إرهابية ارتكازاً على أفلام ناقشت جرائم خطرة مثل تسميم مياه العاصمة واشنطن . وسواء كانت السينما المستقبلية ستقدم انعكاسات الحرب الأهلية الأمريكية على قضايا حديثة أم غير ذلك، فإن “المتآمرة” وضع السؤال رهناً للمستقبل ولم يقدم جواباً واضحاً له . بل وجاء بجوانب أخرى للصراع .

وبهذا المفهوم، وضع “المتآمرة” البذرة الأولى لنوع جديد من الأفلام التاريخية الهوليوودية . ويرى ويلز، أن المخاوف من الإقدام على خطوة تطويرية مثل هذه، عندما كان المخرج يحاول نقل الحقائق من دون إضافات، فضلاً عن التخوف من حرق المدن وقتل القادة باعتبارهم أبطالاً وموت البطل لا يحبذ عند المشاهد .

ولدت ماري إليزابيث جينكينز شوارت عام 1820 في مزرعة بالقرب من بلدة واترلو جنوب ولاية ماريلاند، وعاشت في عائلة مكونة من أبيها ارشيبالد ووالدتها أنا اليزابيث بجانب شقيقيها الأصغر جون زادوك وجيمس آرشيبالد، توفي والدها بعد خمسة أعوام من ولادتها . تزوجت 1840 وهي بنت 16 عاماً، ومع بداية الحرب الأهلية انفصلت عن زوجها جون هاريسون، ليتحول بيتها بعد ذلك إلى مأوى للجواسيس المناوئين لقيادة إبراهام لنكولن .