2012/07/04
محمد أمين - الوطن السورية
يدافع الفنان المسرحي والكاتب طلال نصر الدين عن حياته وكرامته التي يشعر أنها مهانة بإضرابه عن تناول جرعات كيماوية حيث يعاني منذ أكثر من عام من سرطان في الدم «ابيضاض دم نقوي حاد» يدافع نصر الدين عن حياته «لأني أحب الحياة وأحترمها ولكني أفضل الكرامة عليها وسأضرب عن تناول الدواء حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فأنا أشعر أني مهان ومذل وأتسول علاجي من نقابتي».
يتحدث نصر الدين الذي نال جوائز مسرحية عدة في مهرجانات عربية ودولية فضلاً عن كونه كاتباً تلفزيونياً وروائياً يتحدث بحرقة وألم يكاد ينفر من عيونه القلقة عن تجربته المرة مع المرض أولاً ومع النقابة ثانياً حيث لم يستطع أطباء أحد المشافي الحكومية المعروفة تشخيص مرضه رغم تردده عليه أكثر من مرة «حيث كان وضعي يزداد سوءاً وأنا لا أعرف ماذا أفعل حتى طلبت مني صديقتي التي أصبحت زوجتي أن أذهب إلى الطبيب حسين عبورة الذي أكد لي إصابتي بمرض لوكيميا الدم».
يحاول نصر الدين أن يتذكر تفاصيل ما حدث في حديثه مع «الوطن» يبتسم «أحياناً تخونني الذاكرة» حيث يؤكد أن النقابة التي انتسب إليها في عام 1982 وقفت معه في بداية مرضه «وكنت أشعر بالسعادة لأنها لم تتخل عني في محنتي وقد طلبت في البداية أن أعود إلى المشفى الذي فشل أطباؤه في تشخيص مرضي فرفضت كي لا أتعرض للمهانة مرتين فتمت إحالتي إلى مجمع الشام الطبي، حيث بدأت رحلة علاج موفقة وللأمانة أقول كانت النقابة كريمة معي عندما كنت أتعالج فيه حتى قيل لي إني ضربت رقماً قياسياً بالدفوعات وعندما بقي لي أربع جرعات كيماوية في هذا المشفى تكلف مبلغ 160 ألف ليرة فوجئت أن النقابة وأوقفت علاجي وأحالتني إلى مشفى البيروني مع أني جلبت تقريراً يشير إلى سوء التصفح الدمي لدي بحيث يمنعني من الحركة لأنها قد تعرضني إلى نزيف داخلي يصعب تداركه ويُنصح بعدم تغيير طبيبي وطريقة علاجي وقد قرأت نقيبة الفنانين هذا التقرير وعلى الرغم من هذا فإن مجلس النقابة أصر على إحالتي إلى مشفى البيروني في حرستا».
ويذكر نصر الدين في معرض حديثه وهو خريج أول دفعة من المعهد العالي للفنون المسرحية أن النقيبة أكدت له أنه سينزل بغرفة خاصة في هذا المشفى وزودته بإحالة رسمية موقعة منها بتاريخ السابع من الشهر الجاري «ولما ذهبت إلى إدارة مشفى البيروني أبلغني المدير أنه لا توجد غرف خاصة ولا قسم خاص بالمشفى وإنه مشفى عمومي لكل المواطنين ولا تلزمه إحالة من أي جهة أي أني قدمت له ورقة بلا معنى وإن السيدة النقيبة أعطتني معلومات مضللة وهذا غير لائق لا بموقعها كنقيبة ولا بكونها إنسانة».
يتوقف نصر الدين عن الكلام قليلاً محاولاً تجميع ما لديه من طاقة واسترجاع تمرد المسرحي داخله ليقول بنبرة لا تخلو من انفعال مبرر: عليها أن تعتذر إما عن جهلها أو عن عدم صدقها لقد هددت حياتي باللامبالاة والاستهتار. حياتي الآن على المحك وهي أهم من تجديد المكاتب. حياتي أهم من (المصاري) لقد أرادوا تعذيبي أو التخلص مني. حياتي لم تعد مهمة فهي مُذلّة لو تابعت بسطها أمامكم وسأبذل كل محاولاتي وأطرق الأبواب المختلفة فقط لأقوم بما هو صواب ولكني لن أقف صامتاً عن حقي.
ومن الأبواب التي طرقها نصر الدين باب وزير الثقافة رياض عصمت «تحدثت مع وزير الثقافة وقال إنهم يتذرعون بالقوانين ولم أستطع أن أفعل شيئاً فقلت له إن قانون الضمان الصحي لا يسقف المعالجة إلا إذا قرر أعضاء المجلس توفير المال على حساب حياة زميل لهم.
يهدأ نصر الدين قليلاً وهو يتلقى اتصالات من داخل وخارج سورية من مسرحيين يسألون عنه وعن صحته فتعود الابتسامة لتزين وجهه.
يطالب نصر الدين أن يعالج معالجة كاملة غير منقوصة بغض النظر عن التكاليف «وأحمّل مجلس النقابة المركزي ولجنة الضمان الصحي مسؤولية كل ما يحصل لي جراء هذه الإحالة الظالمة» ويطالب بحل جذري لمشكلته الصحية وهو «إجراء عملية زرع نقي عظم وأطالب النقابة القيام بما يلزم لذلك».
يأسف نصر الدين لأنه يتسول علاجه الذي حجب عنه بقرار من النقابة التي قام بما عليه حيالها على مدى ثلاثين عاماً «وأتوقع منها أن تقوم بما عليها».
يقاوم نصر الدين مرضه بالعمل حيث أنجز مسرحيتين «حتى إن زوجتي قالت لي أني أعمل أكثر من أيام اللامرض» وأنهى عملاً روائياً سمّاه (خط الفجر) فهو يؤمن بأن أكثر الأوقات إعتاماً تلك الأقرب إلى الفجر.
ويعمل الآن على رواية ثانية «آمل أن تكون الحياة كريمة معي وتمنحني الوقت لأنجزها واسمها (قلعة الله)».