2012/07/04

سلمى اللحام لستُ من المتحمسين لعرض أعمالهم في رمضان
سلمى اللحام لستُ من المتحمسين لعرض أعمالهم في رمضان


أمينة عباس - البعث

أتحفت الدراما التلفزيونية في مواسم سابقة بأعمال مثل “ ليالي الصالحية وجرن الشاويش” وهي وإن كانت قليلة إلا أنها نالت كل الإعجاب والتقدير من قبل من تابعها، ولأنها غائبة عن الساحة الدرامية منذ عدة سنوات زارتها “البعث” للوقوف على أسباب هذا الغياب، وكان الحوار التالي :

< ما هو سبب ابتعادك عن الدراما التلفزيونية لعدة مواسم درامية؟

>> السبب الرئيسي يعود إلى أنني لستُ من المتحمسين والمتدافعين لعرض أعمالهم في شهر رمضان، حيث زحمة الأعمال لا تدع المشاهد يلتقط أنفاسه وتجعله حذراً تائهاً كما لا يستطيع متابعة العمل بتأنٍ وتركيز، إضافة إلى أسباب شخصية وذاتية كوني لا أرغم نفسي على الكتابة لقناعتي أن العمل الإبداعي من شعر ورواية وقصة وسيناريو يأتي بالوحي وليس بالأمر، إلى جانب أنني أرى ما يراه غالبية الكتّاب من أن كاتب الدراما مظلوم مادياً ومعنوياً بالرغم من أنه الدعامة الأساسية التي لا يقوم العمل دونها، ومؤسف ما يحدث في الساحة الدرامية، حيث الكاتب يقصى عن عمله تماماً بمجرد بيعه للنص وكأنه بذلك يبيع حزمة فجل أو بصل وليس قطعة من نفسه وروحه، مع العلم أنني أتفهّم تماماً أن هناك متطلبات تقتضي بعض التغييرات، إضافة إلى أن بعض المشاهد على الورق من الصعب تجسيدها على أرض الواقع، ولكن ما لا أتفهمه بل وأرفضه بقوة أن يتصرف المخرج والمنتج بالمسلسل كما يشاءان ولا أعرف لماذا لا يجتمع المؤلف والمخرج والمنتج معاً ليتناقشوا في الضرورات التي تقتضي بعض التعديلات والتغييرات المطلوبة فيُطلب من كاتب العمل نفسه أن يجري هذه التعديلات باعتباره الأقدر على فعل ذلك، وهذا أفضل من أن تعبث أيادٍ عدة به فتشطب وتضيف دون علم الكاتب.. كما أشير إلى الشللية والمصالح الشخصية والصفقات الخفية والخلفية التي تحدث في الساحة الدرامية فيتقدم الدخيل ويبتعد الأصيل بالرغم من أن الأعمال الدرامية الناجحة والمميزة كانت من تأليف كتّاب كبارلذلك فضلت الابتعاد قليلاً وقد التفت خلال ذلك لكتابتي الإبداعية، وأعمل حالياً على تأليف مجموعة قصصية رغم إدراكي لمعاناة العالم العربي كلّه يعاني من أزمة كتاب وأزمة قارئ في ظل تطوّر التكنولوجيا ووجود الكتاب الالكتروني والصحافة الالكترونية، ولكن قناعتي راسخة بأن العلاقة بين الكتاب الورقي والقار ىء علاقة حميمية .

< قُدِّمت عدة أعمال عن البيئة الشامية، فما تقييمك لها؟ وما أبرز عثراتها برأيك؟

>> أعمال البيئة الشامية الحقيقية جسّدها مسلسلا “أيام شامية” و«ليالي الصالحية» مع الإشارة إلى وجود عدة مسلسلات جسدت هذه البيئة بشكل أو بآخر، أما أبرز العثرات التي وقعت فيها بعض المسلسلات الشامية فيمكن تلخيصها في المبالغات التي اعتمدها البعض والابتعاد عن الواقعية والصدق واختلاق الأحداث واستخدام اللهجة في ألفاظ وكلمات لا تصور واقع الحارات القديمة العريقة .

< كيف تفسرين كثرة هذه الأعمال والنجاح الجماهيري الذي تحققه؟

>> كثرت هذه الأعمال ووجدت إقبالاً لدى المشاهد العربي بسبب خصوصية شهر رمضان الكريم،  فالصائم متعَب ومجهَد وبحاجة لمسلسلات تسلية ينسجم معها كما أن هذه المسلسلات التي تعبّر عن حنينه للماضي، وأعتقد أن وجودها الدائم ليس بالأمر السيىء مادام لها جمهور كبير وإن كنتُ من أعداء مقولة «الجمهور عاوز كده» .

< وما مدى رضاكِ عن الأعمال التي قدمتِها؟

>> رغم قلة هذه الأعمال إلا أنني راضية عنها لأنني أتعب على أعمالي كثيراً وأكتب بصدق واحترام كبير للمشاهد وذهنيته، ولتتمتّع أعمالي بالمصداقية التي تلمّسها المشاهد أطالع عن المرحلة التي أكتب عنها لتستغرق كتابتي للمسلسل حوالي العام وربما أكثر وأستغرب كثيراً من بعض الكتّاب –الشطّار- الذين يصرّحون أن المسلسل لا يستغرق عملهم فيه أكثر من شهر .

< هل تعتقدين أن الأعمال الشامية تناولت شهر رمضان بالشكل المناسب؟

>> معظم المسلسلات الشامية سلّطت الضوء على رمضان لما لهذا الشهر من قداسة لدى المسلمين كافة.. من هنا سلّطت بعض المسلسلات الضوء عليه بشكل مطوّل ووافٍ وجميل، وبعضها مرّ عليه مرور الكرام كما يتطلبه العمل .

< ما الذي تغيّر في رمضان بين الأمس واليوم؟

>> رمضان كريم وله منزلة كبيرة في نفوس الناس في العالم العربي والإسلامي ولاسيما سورية وليست هناك فروقات كبيرة بين رمضان قديماً وحديثاً إلا بما اختلف به الزمن والأيام، ولنعترف أن مباهج استقباله والاستعداد له قد خفّت كثيراً، فالحياة المادية بدأت تغزو بقوة نفوسنا وقلوبنا وعقولنا، اعترفنا أم أنكرنا ذلك، إلا أن لها تأثيراً على مسار حياتنا ونمطها وشكلها، فبتنا نعاني من بداية تفكّك أسري وضعف في الروابط العائلية، وكلٌ انشغل بأعماله وهمومه ومتاعبه، وضغوطات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية أوهنت تلك الروابط فقلّت زيارات المباركة برمضان بين الأهل والأصدقاء والجيران وقلّت الولائم الرمضانية حيث كان العرف الرمضاني الدمشقي يقتضي بأن تولم الولائم في العشر الأولى منه للأقارب، والعشر الثانية للجيران والأصدقاء، والثلث الأخير للفقراء والمساكين.. وكانت ليالي رمضان في دمشق معروفة حيث السهر عند الأقارب حتى السحور فيتناولون طعامهم الخفيف والمريح واللذيذ، ومن المؤسف أن مشاغل الحياة وطغيان الهموم الاقتصادية جعلنا نختصر الكثير من عادات كانت سائدة في فترة من الفترات .

< كيف تنظرين لما يحدث في سورية اليوم؟

> ما يحدث مريع ومرعب وقد جعلنا نعيش كابوساً مخيفاً في البلد الذي تغنى بجماله الشعراء والأدباء وتحدث المؤرخون والكتاب والمستشرقون عن شعبه المميّز بكرمه وأصالته والحب الكبير الذي يختزنه في قلبه لجميع أطياف مجتمعه بعيداً عن الطائفية والحقد والكراهية، رافضاً القتل وإراقة الدماء البريئة التي حرّم الله قتلها.. إنه يكره العنف ولا يقبل أي مبرر له.. إن قلوبنا دامية وعيوننا باكية على ما تشهده سورية الأبيّة، سورية الاستقرار والسلام والطمأنينة، والدعاء من قلوبنا ليعود الفرح والأمان لبلدنا سورية .