2012/07/04
فجر يعقوب - دار الحياة
أطلق أخيراً عبر الأنترنت أول فضائية تلفزيونية عربية موجهة إلى فلسطينيي الداخل. وهي بحسب القائمين عليها، ومن خلال متابعة بثها التجريبي على موقعها، تكشف عن طموح جدي واحترافي بنقل صورة أهل هذا الداخل «الغامض والمستتر» عبر كثير من البرامج والأفلام الوثائقية التي تعنى بشؤونهم. وهي تأتي لتسد نقصاً فادحاً، لأن بعض الفضائيات المقيمة على الشبكة العنكبوتية الخاصة بهم تُموّل شركات اسرائيلية خاصة جزءاً كبيراً من رأسمالها، وليس كما هو حال «احنا تي في» التي تطلق في الفضاء الافتراضي بتمويل فلسطيني خالص، ما يعني أنها تمتلك هوامش حرية أكبر في انتاج ما تشاء، ومن دون أن تخضع في المحصلة النهائية لمزاج الممول الذي يقف على الضفة الأخرى، ويراقب بعيون مفتوحة ما يدور أمامه ويعترض في هذا الفضاء الصعب والمتحول.
واذا كانت هذه المحطة المحلية، فلسطينياً، من أولى المحطات التي تدخل الصناعة التلفزيونية من هذا الباب، فإنها بذلك تسجل حضوراً مغامراً وخطراً، يشبه النزول على سطح كوكب مجهول، تشكل ملامسة سطحه مغامرة أولى للعقل. فالناظر من بعيد لهذا الكوكب سيتهيب حين تطأه قدماه، لأننا بعد مرور أكثر من ستة عقود على نكبة فلسطين ما زلنا نكتشف أننا لا نعرف شيئاً عن أهل هذا «الكوكب القريب»، وما يفعله الفضاء الافتراضي أنه يقربنا منه، ويقربه منا، مع ترك كل الاحتمالات على وضعيات مفتوحة رجراجة ومتحركة.
الأكيد أن «فضائية» كهذه، ستساهم بفك كثير من الرموز والاعاقات التي شملت أهل الداخل حين فشلنا في تطويقها أو تفكيكها عبر الفضائيات الأخرى، لا لشيء، إلا لأن الحظر لا يزال سارياً مثلاً على مشاركات فنانين فلسطينيين من عرب الداخل، بذريعة حملهم جوازات سفر اسرائيلية، ويأتي هذا الفضاء الافتراضي ليكون عوناً لهم الآن في معاركهم المستقبلية، وليخفف من حصارات جائرة، يتردد صداها وراء كل عمل كان جديراً بمعالجة أنبل قضية عربية معاصرة، لا تزال هي العنوان الأبرز في تطلعات الانسان العربي الجديد، حتى وهو يطأ الآن المجهول الأشد ضراوة وفتكاً في معركته مع مستقبل يبدو أكثر الغازاً من قبل حين لم يكن هذا المستقبل مطروحاً للبحث أو النقاش.
«احنا تي في» التي تعود في ملكيتها لشركة «الأرز» الفلسطينية، ستكون عوناً كبيراً في هذا المجال، ولن تكتفي بأن تكون مجرد واسطة لنقل الأفكار والمعلومات والصور عن أهل الداخل الفلسطيني، بل ستقدم – كما تقول في بيانها الطموح – خلطات تكشف عن عالم غني ظل مسكوتاً عنه فترة طويلة، عمره، من عمر سنوات الاعاقة التي طالما رسمها وبشرنا بها الاحتلال، ومن يقيم خلف ظهرانيه.