2012/07/04

جنون وشجون ولغة يومية كحرارة الشباب في « أيام الدراسة»
جنون وشجون ولغة يومية كحرارة الشباب في « أيام الدراسة»


سوزان الصعبي- تشرين


للمراحل الدراسية جاذبية خاصة تبقي طعمها الحلو والمر بين الأسنان مهما كبر الإنسان، لها ظلها العميق المنبعث من مقاعد النهل والصداقة والشغب، من تلك اللحظات المأزومة المرتبطة بالامتحانات والمصير، من هنا يتضح عمق الحنين والمحبة التي يكنها الكاتب (طلال مارديني) لحياة الطالب الغنية كغنى الطفولة والمراهقة، بتنوع الأيام في المدرسة، وبغنى شخصيات الطلاب ومستواهم التعليمي وحكايات بيوتهم.

وتتضح طرافة الكاتب من خلال طريقة معالجة العمل ككل وكذلك كل شخصية على حدة، متوخياً أن يرسم عالماً قائماً بذاته في صف يضم مجموعة طلاب من الجنسين، في الصف الثالث الثانوي . ‏

في هذا الصف مجموعة أصدقاء تربطهم الصراحة والاهتمامات المشتركة وكذلك المستوى الدراسي المتشابه والأكثر ميلاً لما تحت المتوسط، وهم (يزن، يامن الحجلي) العصبي والشهم والعاشق العنيد، ومن طرافة الحياة أنه لايخشى سوى أخيه الصغير في دلالة على انعدام احترام الصغير للكبير. ويتميز (لؤي، معتصم النهار) بشخصية جذابة لدى الفتيات وهو شاب غير مبال بمستقبله ونراه في ملعب البلياردو حتى في أيام التحضير للامتحانات. وهناك (طارق، حازم زيدان) العصامي والذي أوقعته شابة كبيرة في تجربة زواج فاشل. ويطالعنا (محجوب، خالد حيدر) بشخصيته الساذجة فكان مثار فكاهة زملائه بل وفي أحيان أخرى كان هدفاً لاستغلال (رامي، هاني بكار) له مادياً، رامي المفتون بمواقع التواصل الاجتماعي . أما (شادي، أيمن عبد السلام) فيعاني من قسوة جدته ودافعها الحب. و(علاء، كنان العشعوش) شخص خجول ومجتهد وعازف موسيقي . و(غسان، طلال مارديني) الموهوب بتأليف القصص الكاذبة التي يحتاجها كل يوم ليدخل الصف متأخراً، إذ يمضي وقته متسمراً قرب مدرسة داخلية للبنات على أمل رؤية حبيبته، لكن الأستاذ (عباس، شادي زيدان) نصحه مرة بأن يستغل ذكاءه ويدرس في معهد التمثيل، فتشطح أحلام يقظته ثم يكون ذلك حقاً. ‏

أما الطالبات فهن (حسنا، مريانا معلولي) ابنة المسؤول والطيبة والعاشقة لعلاء، و(راما، رغد مخلوف) والتي لا تهتم إلا بتصيد العرسان فتتزوج وتسجن داخل البيت، لتطلق وتسجن مجدداً. وتتصف (صفاء، نادين قدور) بحبها الشديد لتجميل نفسها حتى انها تحضر علب التجميل معها إلى المدرسة. وتقع (منى، خلود عيسى) بكذبة حب أحد الممثلين متحالية بذلك أمام صديقاتها ليهددها الممثل أخيراً بعد أن نفد صبره. أما (خلود، آلاء عفاش) فتبدو دائماً بشعر فوضوي وشخصية المخبر عن أفعال زملائها للمدير، ثم تصاب بمرض السرطان الذي ينهش حياتها. ‏

يدور هؤلاء الأصدقاء بحلقات ممتلئة بالقصص كل يوم، فالمشاغبات لا تنتهي والسخرية من (الأستاذ عدنان، شادي زيدان) لا تنتهي. وصداقتهم مع (الأستاذ حسان، محمد قنوع) تقوم على الاحترام المتبادل ويشاركهم الجلوس في المقهى، ويتفهم المديرراوي العمل (وائل رمضان) طيشهم ويكون لهم ناصحاً مؤنباً، ويكنون الإعجاب والاحترام لمدرستهم الشابة الجميلة (مايا، دينا هارون). ‏

تخيم على العمل الكوميديا الهادفة المطعمة بشيء من التراجيديا الخفية عبر لغة حياتية يومية شبابية، لكن الأحداث وقعت أحياناً في عدم المنطقية، مثلاً يخرج لؤي من بيت للعب القمار تورط فيه عن جهل وما إن بلغ الباب حتى سمع اثنين من اللاعبين يتحدثان عن المؤامرة التي أتت به إلى هنا، فيقوم الأخير بإبلاغ الشرطة، والغريب ألا ينتظر الرجلان وقتاً قبل أن يتأكدا من ابتعاد لؤي عن المكان. والغريب أيضاً أن تعمل المدرّسة (مايا) مساء في مطعم لتلبية حاجتها المادية، مع أن المعاهد الخاصة تملأ البلد، ما أوقعها في مصادفة محرجة مع زميلها. والغريب أيضاً أن معظم أمهات الطلاب إما ميتات وإما مطلقات وإما غير فاعلات، ربما الكاتب أراد أن يظهر تراجيديا العمل بهذا القاسم المشترك لغياب الأم ؟. وأيضاً: لماذا احتل الطلاب الذكور المكان الأرحب في العمل وجاءت الطالبات إضافة غير مهمة؟ ولماذا لا توجد شخصية أنثوية لها سمات خاصة أو طموحات خارج إطار الحب والجمال؟ لماذا لم يتم تفعيل شخصية( شيماء) المجتهدة مثلاً ؟ ولماذا تذهب ( مايا) إلى المدرسة بكامل التجميل غير مبالية بحرم المكان؟ ولمَ لم يسند دور( خلود) لممثلة أخرى تقنعنا بملاءمة سنها لهذا الدور، ونحن لا نقلل هنا من نجاح ( آلاء عفاش) بل نريد الإقناع أكثر. اللافت للنظر أن يرجع نجومنا قليلاً ولكن ليس للوراء فيما يخص بطولة العمل، مفسحين المجال لنجومنا الجدد كي يكونوا ممثلين متشربين لشخصياتهم بكل مسؤولية. بقيادة المخرج (إياد نحاس) الذي أتاح للشباب التجديف بعفوية أظهرت حرفيتهم. ‏