2012/07/04
سوزان الصعبي – تشرين
انتقلت الإخبارية السورية من طور التقارير المصورة إلى عتبة أخرى تفترضها أي قناة فضائية، وشاهدنا طاولة مستديرة يلتف حولها المقدم والضيوف المدعوون لجلسات الحوار وذلك تزامناً مع انتخابات مجلس الشعب، ورأينا كلمة (مباشر) في أعلى الشاشة، ونزل المراسلون إلى المدن والقرى السورية المختلفة لنقل وقائع الحدث.
هذه الانتقالات المهمة في أداء القناة تعد المشاهد بقرب استقرارها على طريقة البث المباشر في نشرات الأخبار والتقارير التي تتضمنها، وما تفترضه التغطية الإخبارية من اتصالات ولقاءات بمحللين سياسيين واقتصاديين وخبراء على مقاس المرحلة التاريخية. ففي الأيام التي سبقت موعد الانتخابات التشريعية كان للإخبارية طريقتها الخاصة في الإعلام والدعاية لهذا الحدث، حيث أعدت تقارير كثيرة ومتنوعة تدعو الناس للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع، وتجولت الكاميرا في شوارع كل المدن السورية حاورت المواطنين حول ما يطلبونه من مرشحي مجلس الشعب، وتحدث الكثير منهم بجرأة وجدية محملين المرشحين مسؤوليتهم في خدمة الشعب عبر التواصل الحقيقي بينهم وبين الناس، وكذلك بأن يحول المرشحون شعاراتهم إذا ما فازوا إلى تطبيق فعلي بما يرضي فئات الشعب من طلبة وعمال وفلاحين ومهنيين، أي الطبقة الكادحة التي تشكل أغلبية المجتمع السوري. تنوعت التقارير التي يمكن إدراجها تحت عنوان الدعوة إلى المشاركة في الحياة السياسية والبرلمانية الجديدة بتعدديتها الحزبية، فصورت الشوارع واليافطات التي كتب عليها أسماء المرشحين بالبنط العريض والملون، منتقدة خلوها إلا من مجرد شعارات حفظها المواطن السوري من كثرة ما سمعها دون أن يرى نتائجها على أرض الواقع في الدورات التشريعية السابقة. لكن الظرف السياسي الراهن يؤكد ضرورة الوعي الشعبي الذي يتمثل بأن تكون معركة الانتخابات حامية ونزيهة على حد قول الناس ومعدي هذه المواد الإعلامية.
بالإضافة إلى ذلك فصلت بين هذه التقارير لوحات قصيرة زمنياً تخدم الغرض ذاته، تعتمد اللغة بالخط العريض، تقول إحداها: المشاركة في الانتخابات مشاركة في صنع القرار.. وثانية تقول: حقك تنتخب.. وثالثة تسأل: صوتك لمين؟ ورابعة تحفز: مستقبلك بإيدك. كل ذلك يجري باستخدام أساليب فنية بسيطة تلجأ لرسم صندوق الاقتراع ويد تضع الورقة فيه مثلاً ، أو قد تكتفي بكتابة ما تريد محوطاً بألوان العلم السوري. ويتكرر عرض هذه الفواصل القصيرة جداً ضمن حركة دؤوبة لتقنع كل طبقات الشعب بضرورة الانخراط في الحراك السياسي الجديد. أما عن الطريقة الأساسية في عمل القناة، فكلنا يعرف أنها مازالت حتى الآن تعتمد على التقارير الإخبارية المصورة والمسجلة، وتحت إعلان طال عمره جداً وأعني (البث التجريبي)، فقدمت الإخبارية نشراتها بالطريقة التي أشرنا إليها، مع مواجيز إخبارية سريعة عن سورية والعالم، وكل هذه المواد تأخذ زمناً قصيراً لا يقدم للمشاهد سوى زبدة القول، على الرغم من أن هناك حالة عامة من الفضول والرغبة بمعرفة المزيد من تفاصيل الأخبار وخلفياتها، وهذا ما لا يوفره أسلوب عمل القناة، وبالطبع لا تأخذ كل التقارير سمة التكثيف هذه لكنها سمة غالبة.
كذلك يمكن القول: إن اللوحات الفنية الفاصلة بين التقارير تعتبر بحد ذاتها مادة إعلامية مؤثرة، وزيادة على ذلك فهي تملك من جمال الصورة والموسيقا أي الشكل والمحتوى قيمة إضافية، إذ تتقن البحث عن الأوابد التاريخية العريقة في سورية ، كما تعثر على غنى الطبيعة في الغابات والجبال الخضراء، وما تكتنزه مدن سورية وشوارعها وأسواقها من تراثيات. ويرتفع العلم السوري مع لوحات خصصت لتحية الجيش العربي السوري من قبل ملايين المتجمعين في الساحات، وصورة أم تقبل ابنها الجندي وتقول: الوطن غالٍ.
كل هذه اللوحات الغنية بصروح الأمل السوري، يمكن الاستناد إليها لإنتاج المزيد والأفضل، وخاصة أن أغلبية العاملين في المحطة هم من الشباب، وقد رأيناهم كمذيعين ومراسلين نشطاء عليهم أن يتخلصوا من الارتباك الذي تبدى لدى بعضهم في البث المباشر.