2013/08/24

"حائرات".. بقلم المخرج والممثل أيضاً
"حائرات".. بقلم المخرج والممثل أيضاً

خاص بوسطة_ماهر منصور

 

قيض لي أن أقرأ نص مسلسل "حائرات"تأليف أسامة كوكش، إخراج سمير حسين، قبل أن ينفذ بصرياً، وما بين النص المكتوب، والصورة التي خرج  بها المسلسل يكمن معنى أن يكون الممثل هو المؤلف الثاني للعمل والمخرج هو المؤلف الثالث له، فما شاهدته من المسلسل وقت العرض، يتجاوز كثيراً ما قرأته في النص، ولعل "حائرات" يصلح لأن يكون مثالاً عن النص التلفزيوني الذي ينهض به المخرج ويرفعه، يساعده في ذلك اقتراحات الممثلين لشخصياتهم وتركيبتها النفسية والشكلانية.

 

حضور المخرج والممثلين في إعادة تشكيل شخصيات العمل وأحداثه، هو أمر طبيعي تقضيه طبيعة العمل الفني القائم على جهد جماعي، ولكن هذا الحضور لابد أن يأتي كفعل تراكمي فوق ما ينجزه كاتب العمل،  وليس بديلاً عنه.

 

لا نقلل هنا من قيمة ما أنجزه الكاتب أسامة كوكش في "حائرات"، إلا أن الكاتب وقع في مطب إعادة توليف أحداث عمله المكتوب ما قبل الأزمة التي تشهدها سورية اليوم، إلى ما بعدها، لتدور أحداث عمله في خضم الأزمة السورية، ويرصد تأثيراتها السلبية على حياة شخصيات العمل من وجهة النظر الاجتماعية، الإنسانية، والمعيشية. وهنا كان يكمن الجهد الرئيسي للمخرج سمير حسين في سد ثغرات النص، فحضور الأزمة بدا مكياجاً إضافياً على احداث العمل ونجح المخرج حسين بجعله جزءاً عضوياً منها، ومع شغله على الممثلين ومعهم، كان المخرج سمير حسين يقدم نماذج إنسانية من لحم ودم مختلفة على نحو واضح عما هي عليه في النص المكتوب.

 

على مستو ثان من الشغل على النص، يبرز شغل الممثلين على شخصياتهم، حيث كان من السهل أن نلمس تغييرات طفيفة في الشخصيات وقت العرض عما كانت عليه في الورق المكتوب، إلا أن التغيير الكبير الذي أحدث الفارق بين المكتوب والمرئي كان يمكن أن نتلمسه في شخصية "راغب" التي أداها الفنان مصطفى الخاني، وهي شخصية تصلح لأن تكون مثالاً عن بطولة الأدوار لا أدوار البطولة، فقد كان قدر "راغب" في النص المكتوب أن يكون واحداً من شخصيات العمل ولكنها ليست الأكثر تأثيراً فيه، إلا أن أداء الفنان الخاني استطاع أن يرفعها إلى مستوى دور البطولة والتأثير، فلم تعد الشخصية عابرة بين شخصيات العمل.

 

عادة ما يشتغل الفنان الخاني على شخصياته، وعلى أبعادها الشكلانية والنفسية، ولكنه في هذا العمل يقدم مثالاً عن كيفية منح شخصيتك دور البطولة بأدواتك كممثل ضمن مساحة محدودة لها على الورق وتنقلها إلى موقع التأثير، وهو بذلك يكرر ما فعله من قبل من خلال شخصية "جحدر" في مسلسل الزير سالم، مع فارق بالتوقيت، حيث أدى شخصية "جحدر" وكان وقتها وجهاً جديداً، يؤكد موهبته التمثيلية، أما اليوم فهو قادم من أدوار البطولة ليقدم شخصية بمساحة محدودة، ليؤكد أن المسألة هي حضور الممثل لا ظهور له يقاس بعدد المشاهد، وأن الاستحقاق الأساسي للممثل هو بطولة الأدوار التي يؤديها ويرفعها، لا أدوار البطولة التي ترفعه.