2012/07/04

جمال سليمان يوضح موقفه: «النظام راهن على الوقت.. والتسليح فكرة جنونية»
جمال سليمان يوضح موقفه: «النظام راهن على الوقت.. والتسليح فكرة جنونية»

بوسطة


اعتبر الفنان جمال سليمان أن الحل الوحيد للأزمة في سورية و الدخول في حوار شجاع ووطني تقدم فيه كل الأطراف تنازلات لصالح مستقبل سورية، معتبراً أن "النظام" في سورية راهن على الوقت وتضارب المصالح الدولية وانقسام المعارضة بدل الرهان على إرادة الشعب السوري، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن تسليح الشارع "المنتفض" في سورية فكرة جنونية أحدثت أضراراً جسيمة بسورية بشكل عام وللشارع المنتفض بشكل خاص.

وفي حوار أجرته معه صحيفة «المصري اليوم» قال سليمان: «سبق أن قلت في "المصري اليوم» إن الملف السوري معقد جداً، وقلت بالحرف: "فيما يتعلق بسورية، أرى أن هناك خيارين لا ثالث لهما، إما نستمر كما نحن وبالتالي ستتحول سورية إلى بلد ينبعث الدخان من كل شارع من شوارعه أو ندخل في حوار شجاع ووطني ويتم فيه كل ما يلزم من تنازلات لصالح مستقبل سورية"، وهذا ليس رأيي وحدي بل رأى طيف واسع من الشعب السوري، والأيام أثبتت صحة هذه التوقعات فالدخان يتصاعد في أماكن عدة من المدن والأرياف السورية والضحايا من مدنيين وعسكريين بالآلاف، وللآسف الشديد بعد هذه الشهور لم يعد الشأن السوري بيد السوريين وحدهم سواء كانوا في مؤسسة الحكم أو في الشارع الصامت أو حتى في الشارع المنتفض، فالقضية السورية اليوم أصبحت إقليمية ودولية، وهذا أخطر شيء من وجهة نظري، لأنها عندما تتحول من قضية وطنية إلى قضية دولية لن تكون منفصلة عن باقي الصراعات والمصالح الدولية مثل الملف العراقي واللبناني والإسرائيلي والصراع الروسي الأمريكي، وبالتالي أصبح على النظام والمعارضة أن ينتظرا ما سيتمخض عن المجتمع الدولي من إجراءات وقرارات تحت منظومة صراع المصالح بينما الدم السوري يراق، ووحدة المجتمع تتهدد، ويكثر الحديث عن احتمالات الحرب الطائفية التي لو حدثت- لا سمح الله- لن تكون كارثة سورية فقط بل إقليمية أيضاً».

وعن سبب تدهور الأوضاع في سورية أجاب سليمان: «لأن النظام راهن على الوقت، وعلى تضارب المصالح الدولية وعدم قدرة المعارضة على التوحد بدلا من الرهان على إرادة الشعب السوري الذي يريد أن يخرج من طور سياسي إلى طور آخر جديد، وعندما أقول الشعب السوري، لا أعني فقط الشارع المنتفض، بل أعني أيضاً الشارع الصامت وحتى الشارع الموالي للنظام، فكثير من السوريين الذين لا يؤيدون المعارضة ويعادون المجلس الوطني، على سبيل المثال، هم أنفسهم يطالبون بالتغيير ويؤمنون بأن مستقبل سورية السياسي مغاير تماماً لما كانت عليه في العقود السابقة، فعدم اعترافهم بالمعارضة لا يعني أنهم يغلقون نوافذهم في وجه رياح التغيير. من ناحية أخرى راهنت بعض قوى المعارضة على الضغط الدولي ولا تمانع في أن يكون هناك تدخل عسكري على الطريقة الليبية كي يحسم المعركة لصالحها مهما كان الثمن، ومن هنا جاءت فكرة تسليح الشارع التي لا يمكن أن أراها إلا فكرة جنونية أحدثت أضراراً جسيمة بسورية بشكل عام وللشارع المنتفض بشكل خاص».

وتساءل سليمان: «هل استطاع السلاح أن يقلل من عدد الضحايا؟، الواقع يقول لا، بل إن العكس الذي حدث، فأعداد الضحايا تزداد بشكل غير مسبوق والسلطة تبرر استخدامها للعنف المفرط بأنها تواجه مسلحين يريدون إسقاط النظام بقوة السلاح»، مضيفاً: «المعارضة الوطنية، ونحن جزء منها، طرحت البديل في «المبادرة الوطنية الديمقراطية» وهو أن يغلب النظام المصلحة الوطنية على الدفاع عن السلطة ويستمع للناس، ويؤمن بأن عملية التغيير استحقاق تاريخي لا مجال للقفز فوقه أو الاستجابة له بشكل جزئي. قد تستطيع أن تقمع الاحتجاجات وتنتصر بقوة السلاح وهذا بطبيعة الحال أصبح مستبعداً ولكنك بذلك ستكون قد رحَّلت المشكلة عاماً أو خمسة أعوام وستعود لتنفجر فى وجهك بشكل أكثر عنفاً وضراوة، كما أنه على قوى المعارضة أن تتحد، أقول تتحد ولا أقول تتوحد، في شجبها للعنف والتدخل الخارجي مع حقها في استخدام جميع وسائل النضال السلمي من أجل إحداث التغيير المنشود وعدم الرفض المطلق لفكرة الحوار، وإنما يتم وضع شروط واقعية له تضع أيضاً المصالح الوطنية العليا فوق الرغبة في الانتصار بالضربة القاضية».

سليمان اعتبر أن «الشعب السوري يعيش اليوم حالة من المرارة بسبب ما وصلت إليه الأمور، ويأبى التدخل الخارجي ويستنكر ما يجرى من عنف وقتل وتدمير، وينظر بعين الشك والخيبة لما آلت إليه طبيعة الصراع، ويتطلع إلى انفراج مدني يقوم على حوار عميق وجاد لإنهاء الأزمة التي جعلت دماءً سورية غزيرة تسيل في الشوارع وجعلت دوام الأطفال في مدارسهم غير منتظم بل منعدماً في بعض المناطق نتيجة انعدام الأمن، وجعلت ثروات السوريين المتواضعة تتآكل بفعل انهيار سعر الصرف، كما جعلتهم الأزمة يجلسون ساعات طويلة على ضوء الشموع، لأن التيار الكهربائي ينقطع باستمرار».

وعن رأي الفنانين بالأوضاع السياسية في البلد، قال سليمان: «الفنانون ليسوا حزباً سياسياً، وينتمون إلى عوالم مختلفة، وبعضهم غير مهتم بالشأن السياسي، كما أن بعضهم معجب بالنظام وفقا لقناعته، والبعض، مثل شرائح واسعة من الشعب السوري، أحجم عن تأييد هذا الحراك ليس من منطلق تأييد النظام وإنما من منطلق التوجس والخوف من المستقبل، فهناك من يؤيد النظام بدوافع انتهازية، وهناك من يصمت بدافع الخوف أو عدم وضوح الرؤية، وفى المقابل هناك فنانون عارضوا النظام وتعرضوا للمضايقات وللاعتقال أحياناً، وهناك من غادر البلاد، وهناك من تعرضوا لحملات تشويه السمعة والطعن في وطنيتهم واتهامهم بالعمالة لمجرد أن لهم رأياً معارضاً. في النهاية الفنانون جزء من المجتمع السوري، والمجتمع نفسه منقسم بشدة حول ما يحدث حالياً، وليس حقيقياً أن الشعب السوري كله يقف مع النظام كما يحاول الإعلام الحكومي أن يصدّر للعالم، وليس حقيقياً أيضاً أن الشعب كله ضد النظام كما يروج الإعلام المعارض».

في النهاية، وعن موقفه الشخصي، قال سليمان: «أكره الاستسهال في التصنيف، فأنا لا أتحدث هنا عن مباراة بين ريال مدريد وبرشلونة، بل أتحدث عن مصير وطني ومصيري ومصير ابني، وفي كل حواراتي التي أجريتها منذ سنة ٢٠٠٦ وحتى الآن كان موقفي واضحاً ومحدداً من مسألة الإصلاح ونفس الأمر بالنسبة للانتفاضة السورية، وأعرف أن مواقفي ليست من النوع الذي يسعد فريقاً من المعارضة ينادي بالتسليح والتدخل الخارجي، كما أن موقفي يغضب النظام الذي يريد أن نؤيده بلا شروط ولا تفكير، وكأننا ضيوف مؤقتون في وطننا أو أننا غنم في مزرعة، فنحن كفنانين تعرضنا لكثير من الضغوط كي نكون مؤيدين للمعارضة بالمطلق دون وعي أو تفكير، واتهمتنا بعض الأقلام بالتخاذل والانتهازية، لأننا لم نفعل ذلك، ونفس الضغط تعرضنا له من جانب النظام، وبشكل شخصي مازلت أقاوم هذه الضغوط، وأتمنى أن أكون دائماً مواطناً سورياً يقول كلمته بشرف وصدق، ويقف إلى جانب الحق كما يراه، وأعتبر نفسي معارضاً، ولكن ذلك لا يعني أنني سأعطي صوتي لكل من يرفع العصا في وجه النظام».