2013/05/29

مصطفى الخاني: ينشر صوره له مع أصدقاء الطفولة في حماه... ويروي فصلاً من ذكرياته بالمدينة
مصطفى الخاني: ينشر صوره له مع أصدقاء الطفولة في حماه... ويروي فصلاً من ذكرياته بالمدينة

بوسطة

عاد الفنّان مصطفى الخاني مؤخراً من الجزائر، بعد تكريمه في "مهرجان فرسان الركح" على في مسرح ديوان الثقافة بولاية سطيف أواخر شهر آذار الفائت، وفور عودته إلى سوريا، زار الخاني مسقط رأسه في مدينة حماه،  بعد أشهر عديدة من الغياب... ورغم وحشة المشهد الذي تبدو عليه المدينة مؤخراً بسبب الأزمة التي تشهدها البلاد، إلى أن هذه الزيارة أعادت النجم السوري إلى ذكريات الطفولة في مدرسته المطلة على ضفاف العاصي، كما حظي بدفء الاستقبال ممن صادفهم من أهل بلده...

مصطفى الخاني روى تفاصيل زيارته الأخيرة لـ حماه، في تدوينة نشرها على "فيسبوك"، قال فيها:

"منذ سنوات كنت معتاد عندما يحصل معي أي نجاح أو أي خبر جميل أو أي شيء ... أول شخص أخبره به هو الماما ( الله يرحمها ) ...

وبعد عودتي هذه المرة من تكريم مهرجان الجزائر أحببت أن أحكي لأمي .

سافرت الى حماة ... وأنا لم أزرها منذ أشهر عديدة ... وذهبت الى قبر أمي ...

أول مرة في حياتي أرى المدينة كئيبة بهذا الشكل ... مدينة حزينة مقطعة الأوصال ... منذ ساعات منتصف النهار في فترة العصر تكون الشوارع مهجورة وخالية من البشر ... حتى المقبرة ... أصبحت ممتلئة بالقبور ...

مررت بسيارتي بالطريق الذي كنت أسير به عندما كنت أعود وأنا طالبا من مدرستي أبي الفداء الى منزلي ... وهو طريق ساحر يسير بشكل متوازي بين قلعة حماة من جهة وبين نهر العاصي والبساتين من الجهة الأخرى ... نزلت قليلا و وقفت أمام نواعير هذا الطريق ... حيث طالما كنت أقف سابقا ... سمعت صوت النواعير وهي تصرخ بصمت هذه المرة , معلنة حزنها عمّا آلت إليه البلاد والعباد ...

أتى بعض الشباب اليافعين ... عمرهم كعمري عندما كنت طالبا أسير في هذا الطريق, حيث كنت أحمل حينها كل طموحات وأحلام الكون عن مستقبل قادم أحلم به بعد انتهائي من البكالوريا ... تصورت مع هؤلاء الشباب, وأخبرتهم عمّا كنت أحلم به عندما كنت بعمرهم, وكنت حينها أسير على نفس هذا الطريق...

وأخبرتهم : كما تصورون الآن بكاميرا الموبايل, كنت التقط مئات الصور في نفس هذا الطريق،  ولكن ليس بكاميرة موبايل , فحينها لم يكن هنالك موبايلات, وإنما بكاميرا قديمة, غالية على قلبي, مازلت أحتفظ بها حتى الآن ... كان أن تحصل على لقطة جميلة منها, منتظرا تحميضها في الاستديو, متعة بحد ذاتها... ومازلت أحتفظ بمئات الصور لهذا الطريق, ومن حين الى آخر أخرج هذه الصور وأنظر اليهم ... فالصورة لحظة صمت دائم, لحظة حب دائم ... ومن حين الى آخر أتأمل وأصغي الى هذه الصور وهي تعزف سمفونية اللحظات الجميلة ... وأنا أمامهم أعزف كونشيرتو الشوق والحنين .

ثم انضم الينا رجل عجوز ... غمرني بذراعيه ... تكلم معنا ... وذكرني كيف كنت آتي الى مكان بجوار بيته في حي (المدينة) عندما كنت طالبا , كان يدعى (الكهف), لألعب فيشة, وأتاري ... مع أحد أبناءه الذي أصبح في أمريكا الآن ... كان يتكلم بصوت دافئ, حنون, وحزين ... مثل عنين ناعورة تقف بجانبه وتصرخ منذ آلاف السنين معلنة للبشرية , كما يعلن هو لي الآن , بأن هذه البلاد لن تحيا إلا بمحبة أبناءها ... وبدعاء الأمهات.

أخذت جرعة من المحبة من هؤلاء الناس ... وسمعت روح أمي وهي تردد دعوات لي من جوار قبرها ...

محبة ودعوات تكفيني زادا لعمر بأكمله."