2013/08/06

ياسر العظمة
ياسر العظمة

 

بسام موسى – تشرين

 

 

سابقاً كتبنا وأشدنا بمسلسل «مرايا» للفنان القدير ياسر العظمة؛ فسابقا كان العمل جريئاً ناقداً للسلبيات والفساد المنتشر في مفاصل الحياة اليومية، مرايا السابقة كانت أحلى وأجمل وأكثر متعة؛ كانت لوحات متنوعة عبر مجموعة فنانين شكّلت فريق عمل واحداً؛ وكان المشاهد السوري والعربي ينتظر شهر رمضان من أجل مسلسل «مرايا» لكونه المتنفس الوحيد له ولهمومه ويرى فيه الأوكسجين والهواء النقي، لكن منذ عام (2001) دخلت «مرايا» النفق المظلم وتراجعت تراجعاً رهيباً، لتصبح تجارية بحتة، فحصل خلاف بين ياسر العظمة وشركات الإنتاج في العمل وإنتاجه، وغاب نصف مؤسسي مرايا مثل: سليم كلاس، هاني شاهين، توفيق العشا، مها المصري، سامية الجزائري وعصام عبه جي ،عابد فهد وغيرهم.

 

كذلك الحال في الإخراج فكلما عمل مخرج مع «مرايا» كانت له عقلية جديدة أضعفت حيناً وأعادت شيئاً من البريق حيناً أخرى؛ لكن السؤال الذي نطرحه على كاتب العمل  الفنان ياسر العظمة: أين «مرايا» الحالية من «مرايا» الثمانينيات والتسعينيات، حيث كان العمل يشد ملايين المتفرجين في العالم العربي؟ لاشك في أن الحال قد تغيرت وتراجعت «مرايا» وصارت الفرجة عليها مملة، لجهة كتابة لوحاتها وتكرار أفكارها واجترارها وتزعم «العظمة» لها كصاحب دكان، وليست كعمل فني تشارك عشرات الأدمغة الإبداعية في صناعته؛ فهل يعقل أن تسافر أسرة مرايا (2013) إلى الجزائر لتصوّر العمل بسبب الأزمة السورية وغياب الأمان في البلاد كما زعم صاحب العمل؟ إذاً نسأل كيف صوّرت المسلسلات السورية الأخرى في قلب سورية؟ أنا وغيري عندما تابعنا مسلسل «مرايا» للعام الحالي أُصبنا بإحباط شديد فالعمل صار(عذراً) للتعبير؛ سخيفاً وهزيلاً وكله وجوه تبحث عن الشهرة في عالم التمثيل؛ فلم يتبق من «مرايا» القديمة سوى  الفنانة صباح الجزائري ومحمد قنوع، وكل من الفنانين جرجس جبارة، وضحى الدبس؛ حتى المخرج عامر فهد لم يكن في حيويته التي رأيناه بها في تحقيقه للنسخة التاسعة من مسلسل «بقعة ضوء».

لقد دمّر ياسر العظمة «مراياه» وضحّى بكل تاريخه الدرامي من أجل إرضاء شركة «الشروق الجزائرية» المنتجة للعمل؛ أضف إلى أن زمن الحلقة (15) دقيقة والعمل لم يحظ بتلك المتابعة مع أنه يُعرض على كل من «الفضائية السورية» و«الشروق الجزائرية».

إنني على قناعة تامة بأن الفنان العظمة ومعه نور الدين الهاشمي أُجبرا على تقديم عمل هما غير مقتنعين به؛ وكان الهم الأول مادياً بحتاً؛ فهذه ليست «مرايا» العمل الذي عرفه المشاهد السوري والعربي صادماً وجريئاً، فعلاً ما الذي يجبر ياسر العظمة الذي علّم الآخرين الكوميديا والنقد وتحدث عن الفساد والرشوة والواسطة والمحسوبية أن يقدم «مرايا» هزيلة وسطحية على هذا النحو؟ فلولا «مرايا» لما كان «بقعة ضوء» والأعمال الانتقادية الأخرى. لقد خسر العظمة تاريخه الفني ليس اليوم بسبب مرايا (2013) بل من عام (2001)عندما أدخل عمله النفق المظلم؛ واليوم يدفع الثمن وحده؛ إنني أقول رأيي هنا لأننا عشنا على مرايا ياسر العظمة؛ الفنان الذي فتح الطريق أمام الكوميديا السورية الناقدة مشجعاً الآخرين منذ عام (1981) بدأ والبداية كانت مشجعة؛ لكن للأسف الشديد النهاية كانت سلبية،   الجمهور لا يرضى أن تكون «مرايا» التي جعلته يحبها أن تصل إلى هذا التراجع ولا نتمتع بها، لا يوجد أي مقارنة بين «مرايا» البارحة ومرايا اليوم. العالم تغير صحيح، بيد أن أفكار الكاتب بعيدة عن الواقع الحالي، نعم صدمنا من مرايا العام الحالي ونتحسر على «مرايا» الثمانينيات التي كانت بحق صوت الناس لكن ياسر العظمة هو من حطم المرايا عندما بالغ في الوقوف أمامها وحده بلا شريك.